ما حدث بعد الحرب الأخيرة على غزة وما نتج عنها من كسر شوكة العدو و ما جاء من نصر سياسي كبير حصلت فيه فلسطين على دولة مراقب بالأمم المتحدة ,و ما ينتج عن هذا النصر من استحقاقات كانت مؤجلة منذ زمن جعل الفلسطينيين يقفون على عتبة الوحدة الوطنية , هذه الوحدة التي تجعل من الفلسطينيين يحققوا نصرا أخر وهو نصر الصف الواحد في مواجهة التعنت الإسرائيلي والانحياز الأمريكي الكامل لصالح إسرائيل علنا و دون مواربة أو حتى حياء من الأصدقاء العرب , هذه الوحدة التي لا يمكن أن تتم بعيدا عن الرغبة المؤكدة من الأطراف جميعا وبشهية وطنية لا نهاية لها وليس خجلا من الشعب في مواقف الاحتفاء بالانتصارات ,ولا يمكن أن تتم إلا داخل الوطن و بالتحديد داخل تخوم غزة التي أكدت بقائها للفلسطينيين و ليس لأحد أخر إن كان دفع أموالا أو بعث سلاحا أو حتى سير عشرات القوافل محملة بما لذ وطاب, لان الانحياز للشعب الفلسطيني هو أصل المعركة مع العدو فلا انحياز لغير الدم والأرض والوحدة الوطنية و المعركة الفاصلة مع إسرائيل ,ولا أجندات غير الأجندة الفلسطينية الموحدة والاصطفاف الوحيد هو وراء الشعب الفلسطيني و التشبث بثوابته المتأصلة في حركات الكفاح باختلاف ألوانها السياسية .
منذ ذلك الوقت والفلسطينيين يعيشون أشباه وملامح وحدة وطنية بعثت بالأمل لكل وطني غيور على المصلحة العليا للفلسطينيين وهذا على الأقل في بعض من القضايا كالاحتفالات الوطنية بالانتصارات والاحتفال بانطلاقة حماس بالضفة و انطلاقة فتح بغزة أن تجاوزت مرحلة التردد , وهذه الملامح لابد وان تتقدم لتصبح صورة حقيقة و واقع على الأرض دون انتظار أي من الأشقاء العرب ليأتي بالآخر أو يصنع لنا خططا لتشكيل حكومة وحدة وطنية ,أو يرعي اتفاقات فلسطينية داخلية حول الأمن العام و الأجهزة المعلوماتية الأخرى , وكل هذه الأمور لابد وان تتم داخل تخوم غزة لا مكان أخر لان غزة التي حدث فيها الانقسام وهي التي ستحتضن الوحدة الوطنية و تعيدها إلى حالتها الطبيعية , وما يستدعيه هذا الموقف هو فتح الاتفاقات الخاصة بالمصالحة من قبل الطرفين أي على طاولة لقاءات قمة بين الفصائل جميعها وبحضور الرئيس أبو مازن وتحديد أولويات البدء بملفات الوحدة الوطنية كالانتخابات مثلا , وما الأدوار التي يجب أن يبادر بها كل طرف, فمثلا على حكومة غزة أن تسمح بعودة لجنة الانتخابات المركزية للعمل و تفتح مكاتبها وتباشر عملها وتجدد السجل الانتخابي العام ,وبعدها يأتي ملف تشكيل الحكومة ,وملف منظمة التحرير ,والباقي هي الأمور الفنية على الأرض وهذه تحتاج إلى لجان تنجز عملها خلال وقت وتاريخ محدد بعدالة و حيادية. .
أن أراد الطرفين مصالحة حقيقية وعاجلة يبقي السؤال ., لماذا يتأنى البعض في تناول ملفات المصالحة المتعددة والهامة وكأنه يضع قدم على عتبة المصالحة و قدم ورائها ؟ قد تكون الإجابة على هذا السؤال مسألة تردد نحو الدفع اتجاه المصالحة من طرف الفصيل المسيطر على غزة ,و قد يكون هذا الفصيل تراجع بعد زيارة مشعل و الحماس الوطني الذي واكبها ,أو هناك من يرمي بحالة التأني هذه على عاتق مصر التي ترعي المصالحة بسبب انشغالها بأمورها الداخلية وبالتالي فإن القاهرة تتأنى في توجيه دعوة لفتح و حماس ولباقي الفصائل , وهنا نقول" لماذا لا تبادر غزة و تقوم بهذه الدعوة نفسها ولكل الفصائل والرئيس أبو مازن وبحضور رئيس المخابرات المصرية هنا في غزة ؟" و لماذا لا يخطوا الجميع بأقدامهم داخل عتبة المصالحة ويتخطوها بلا تردد و بالتالي المسير نحو اكتمالها ..؟ الإجابة أيضا يبدوا أن الطرف الغزي لا يملك المبادرة لمثل هذه الدعوة , و لم يجهز الصفوف الداخلية في حركته لصورة الوحدة الوطنية , و بالمجمل تبدو الأمور كما الزوج الذي ينتظر أحداً ما يأتي له بزوجته من بيت أهلها بلا تعهدات و بلا شروط تحسين الواقع الحياتي ,أو كما الزوجة التي تنتظر أن يأتي احد ما ليجلبها إلى بيت زوجها بلا شروط أيضا , و يتناسوا بذلك أن هذا البيت للجميع وليس لهم فقط, ولا حياة لهم خارجة ولا زواج لهم مرة ثانية خارجه ,ولا أولاد لهم غير أولادهم ,وتناسوا أن هذا البيت كان للأجداد قبل ذلك وسارت مسيرة التوريث من جيل إلى أخر حتى وصلتهم ,ولا يحق بالتالي لأي من الزوج أو الزوجة أن ينهيا الحياة في هذا البيت أو الامتناع عن رعاية هذا البيت أو التشارك معا في تربية أولادهما و توريثهما بيتا كبيرا موحدا مستقلا و نشر الحب و التفاهم و التكامل بين أفراد أسرتهما حتى لا يضيعوا و يتشتتوا و تأتى الذئاب و تسكن هذا البيت و تتوالد و تكاثر بدلا منهم ..!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت