ظلّت قضية فلسطين وعلى مدى عقود ستة، رمزاً للنضال الإنساني ضد الاحتلال والبطش الإسرائيليين، والعنجهية البغيضة التي جعلت من الدم الفلسطيني يرق بعدوان مستمر وباستهداف مباشر للارض من خلال بناء المستوطنات ،في وقت مارس العالم على وجه التحديد وعلى اتساعه، صمتا مطبقا ، ليس عن الفعل فحسب بل حتى عن سطور إدانة، وإن جاءت فهي لا تروي عطش الفلسطينيين إلى موقف دولي، ليس إلى جانبهم بقدر ما هو وقوف إلى جانب العدالة الدولية.
امام هذه الظروف وخاصة ما يجري في المنطقة نجاح الشعب الفلسطيني وقيادته في امتلاك الشرعية الدولية في الأمم المتحدة، بادانة حملة الاستيطان الشعواء لبناء آلاف المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث بدأ الضمير العالمي يتحرّك وللمرة الأولى من داخل مجلس الأمن على إصدار قرار يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، فيما بقيت الولايات المتحدة الأميركية كعادتها بمعارضة الإجماع الدولي على إدانة إسرائيل، مع فيتو يبدو في أهبة الانتظار للتدخّل في الوقت المناسب.
لقد كشفت الولايات المتحدة الأميركية عن وجهها القبيح وانحيازها السافر للاحتلال الإسرائيلي في مختلف المحافل الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن، وهي تقطع الطريق أمام الجهود الدولية التي تدعو لوقف الاستيطان وامام اي سلام قائم على العدل والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،لا توجد اية مصداقية للاستعمار الامريكي فهو محور الشر في الشرق الاوسط والعالم.
ان تنديد الدولي المتواصل بمشاريع الاستيطان الإسرائيلي ليس المدخل الحقيقي للجم إسرائيل ومنعها من مواصلة تحدي قرارات الشرعية الدولية وتقويض عملية السلام خاصة أن رئيس حكومة الاحتلال أكّد مواصلة حكومته سياسة الاستيطان في المدن الفلسطينية المحتلة وأنه لن يعير اهتماماً بالتنديد الدولي أو رفض الأمم المتحدة لمشاريع الاستيطان الإسرائيلي.
ان المعركة التي تخوضها القيادة الفلسطينية ضد الاحتلال والاستيطان وتهويد الارض والمقدسات تستدعي موقفا عربيا وفلسطينيا امام ما تتعرض له الأرض الفلسطينية من نهب وتشريداً وإذلالاً وقتل لارادة الإنسان الفلسطيني، تحت الإحتلال، حتى يشكل رافعة وارضية لتطوير القرارات الدولية، وهذا يفرض على القيادة الفلسطينية أن تسارع بتحويل ملف الاستيطان، الى المحكمة الجنائية الدولية، لمعاقبة حكومة الاحتلال ، الذي تصر على مصادرة اراضي الدولة الفلسطينية، واقامة المستعمرات الصهيونية فيها، مما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي، وكافة المعاهدات التي تحظر اجراء أية تغييرات ديمغرافية أو جغرافية في الاراضي المحتلة.
ان تفعيل وتطوير المقاومة الشعبية للتصدي للاحتلال والاستيطان، وكافة جرائم الاحتلال، وهي مقاومة مشروعة ، كفلتها القوانين والشرائع الدولية، وهي فرصة للشعب الفلسطيني وقيادته وقواه من اجل الوصول الى انتفاضته الثالثة، وهي اللجظة المناسبة على ان تكون على غرار الانتفاضة الاولى، واعادة توجيه دفة النضال الوطني من جديد.
ومن هذا الموقع نقول ان اليوم هو افضل الاوقات للتفرغ لمقارعة الاحتلال الاسرائيلي وجرائمه في غزة والضفة الغربية ، لان هذا الغليان الثوري لدى الشعب الفلسطيني سيعطي ثمره ، وهذا يتطلب اتمام المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية التي تمثلت في تلاحم الشعب الفلسطيني بكل فئاته في مقاومة الاحتلال، وعقد اجتماع الهيئة القيادية لمنظمة التحرير التي تضم الامناء العامين للفصائل الفلسطينية ورسم استراتيجية وطنية تستند للثوابت الوطنية وبرنامج الاجماع الوطني والتمسك بكافة اشكال النضال .
إن المصالحة لا تحتاج سوى لامتلاك الإرادة السياسية لتحقيقها، وتجسيد الشراكة الوطنية السياسية التي يجب ان توفر الدوافع لدى الجميع لتجاوز الحسابات الفئوية الضيقة وسياسات الإقصاء عبر الالتفاف حول الأفكار والثوابت الوطنية وتفعيل وتطوير م.ت.ف بمشاركة فعالة من الجميع لتقوم بدورها ومسئولياتها في مواجهة المأزق ، ومن اجل العمل على وتفعيل قضية الاسرى في المؤسسات البرلمانية والعربية ومؤسسات حقوق الإنسان حتى تشكل قوة ضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالب الأسرى ووتعزيز مكتسباتهم للبناء على مقدمتها في الاتجاه الذي يعزز المكانة الدولية للقضية الفلسطينية.
ختاما لا بد من القول إن المرحلة تتطلب وحدة الموقف بعد حصول فلسطين على دولة مراقب في منظمة الأمم المتحدة باعتبارها دولة محتلة ، وهذا بحاجة الى تعزيز المقاومة و النضال من أجل تحرير الارض والانسان واحقاق الحق الفلسطيني المشروع للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت