في الفترة الأخيرة شهدت مصر تباينات عديدة بين المؤيدين والمعارضين لإقراره في أول عملية بعد الاستفتاء علية بالموافقة؛ ولكن ماهو الدستور؟
الدستور: هو مجموعة من القوانين واللوائح التى تعد قواعد أساسية فى تحديد شكل الدولة ونظام الحكم فيها واختصاص سلطاتها الثلاثة (التشريعية، التنفذية، القضائية) أي أنه المبادئ الاساسية المنظمة لحقوق كل من الحكام والمحكومين والواضع للأصول الرئيسية التى تنظم العلاقات بين مختلف سلطات الدولة العامة؛ وتنحدر أصل كلمة الدستور للغة الفارسية يرجح البعض انها تم ادخلها للغة العربية عن طريق اللغة التركية؛ ويتم نشأة الدساتير بطريقتين الأولى: يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه (مجلس الشعب) ليقوموا بهذه المهمة وأول من اخذ بهذا الأسلوب هى الولايات المتحدة الأمريكية بعد استقلالها عن بريطانيا عام 1776م.
lلثانية: عن طريق الاستفتاء على الدستور من خلال جمعية نيابيه منتخبة من الشعب أو بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض على الشعب فى استفتاء عام ولا يصبح نافذا إلا بعد موافقة الشعب عليه.
فمن خلال ما سبق نجد أن طريقة إقرار الدستور المصري الجديد لم يتعد أي نص من نصوص القانون ولم يرتكب أي مخالفة؛ فالدستور المصري مر بمراحل مختلفة من العهود والأنظمة التى شهدتها البلاد خلال فترة حكامها المختلفين بداية من قبل الملكية وحتى الجمهورية حيث شهدت البلاد نضالا كبيرا للشعب المصري عاصره اجيال متعاقبة مطالبا بالحرية والكرامة والاستقلال، حيث لم يكن هناك أي دستور للبلاد.
البداية كانت مع إصدار محمد علي باشا اللائحة الأساسية للمجلس العالي 1825، ثم أتبعها في يوليه 1837 قانون "السياستنامة" وتعد أولى مشاهد لهذه الدساتير؛ و خلال حقبة الخديوى إسماعيل، صدر في 22 أكتوبر 1866 لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه؛ وخلال حقبة الخديوي توفيق، صدر بتاريخ 7 فبراير 1882 ما سُميت (اللائحة الأساسية)، وهي خاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، وصدر دستور للبلاد سنة 1882 في عهد الخديوي توفيق، إلا أن سلطات الاحتلال الإنجليزي قامت سريعا بإلغائه، ولكن الشعب المصري واصل نضاله وأصر على التمسك بإصدار الدستور حتى نجح فى إصداره في 19 أبريل 1923، والذي انعقد بناء عليه أول برلمان مصري في 15 مارس 1924، وظل دستور سنة 1923 قائما إلى أن ألغي في 22 أكتوبر1930، بمؤامرة من الحاكم الإنجليزي – وكأن التاريخ يعيد نفسه-وبعد خمس سنوات عاد العمل بدستور 1923 وهو الدستور الذى استمر معمولا به إلى ديسمبر 1952.
وبعد حركة الضباط الأحرار صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923، جاء في الإعلان "أنه أصبح لزاما أن نغير الأوضاع التي كادت تودي بالبلاد والتي كان يساندها ذلك الدستور المليء بالثغرات"، وشُرع في 13 يناير 1953 في تكوين لجنة لوضع مشروع دستور جديد على أن تراعي الحكومة في أثناء تلك الفترة الانتقالية المبادئ الدستورية العامة.
وفي 15 يناير سنة 1953 حددت فترة الانتقال بثلاث سنوات، وفى 10 فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري ثان متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال.
وفي 18 يونيو 1953 ألغيت الملكية في مصر وأعلن النظام الجمهوري، وعند نهاية الفترة الانتقالية صدر في 16 يناير من 1956 إعلان دستوري مبشرا بدستور جديد، إلا أن العمل ظل مستمرا بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 حتى أجري استفتاء في 23 يونيو 1956 كانت نتيجته بدء العمل بدستور 1956.
وفي سنة 2005 عُدِّل الدستور مرة أخرى لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، فيما عرف بتعديل المادة 76، والتي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر.
فمما ذُكِر سابقاً ومن خلال التعرف على معنى كلمة الدستور اصطلاحاً؛ و كيفية صدوره وإقراره ووصوله إلى هذا الشكل على مر التاريخ منذ حقبة حكم محمد علي باشا حتى 2012م، ولماذا يحاول بعض المنتفعين أن يمنعوا إقراره؛ وهم يعلمون بأن الآلية التي عُمِلَت به لكي يرى النور صحيحة مائة بالمائة؛ ولكن هذا الدستور المصري بعد أن يرى النور يُعيد للأمة كرامتها وتكون بذلك هذه أولى خطواته على طريق قيام الحكم الرشيد في جمهورية مصر العربية- خاصة بعد الموافقة عليه بنسبة 65% تقريباً- وإنما يدل ذلك على مدى رضى الشارع المصري على سياسة الرئيس مرسي- في حين كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية أقل من ذلك بكثير- وبذلك تتحقق الكرامة للمواطن المصري منذ عصر حكم محمد علي باشا الذي أصبح يشعر بأن صوته له قيمة وأصبح يشارك في رسم سياسات الدولة.
رفح في 25/12/2012
الكاتب والمحلل السياسي
المحاضر في جامعتي الأمة وفلسطين
أ.د. كمال محمد الشاعر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت