48 شمعة مضيئة في تاريخ شعب عظيم

بقلم: رمزي صادق شاهين


تعودنا في احتفالنا بأعياد الميلاد أن نطفئ الشموع ، ونُسجل عاماً جديداً يُضاف إلى عمرنا المليء بالألم والعذابات التي بدأت مع نكبتنا الأولى عام 1948م ، حين أقدمت قوى الشر على تمكين هذا المُحتل لاغتصاب أرضنا وطردنا وتحويلنا لشعب لاجئ ، معتقدين أنهم تخلصوا من هذا الشعب العظيم ، لكنهم أعطوه المزيد من القوة للتمسك أكثر بحقوقه التاريخية في هذه الأرض بما تحمل في أحشائها من مقدسات وتاريخ طويل من التضحية التي رويت وزكتها دماء شهدائنا الأبرار وعذابات أسرانا البواسل .

اليوم نحيي عيد ميلاد فتح ، هذه العملاقة التي أشعلت نار الثورة الفلسطينية قبل ثمان وأربعون عاماً ، وظلت منذ ذلك الوقت حاملة لمشروع التحرر الوطني ، وقادت إلى جانب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مشروع التحرر الوطني الذي بدأ بالثورة المسلحة وانتقل بعد العام 1994م إلى مشروع المقاومة والنضال السياسي والدبلوماسي ، والذي بالتأكيد يُعطي نتائج مهمة إذا تم تدعيمه بالمقاومة الشعبية الفلسطينية ، والمقاومة المسلحة عندما تحتاج الضرورة لها .

فتح العنوان الأول والأخير ، تعرضت خلال السنوات الطويلة الماضية للعديد من المؤامرات الداخلية والخارجية ، فحاولت أنظمة وحكومات أن تُنهي القضية الفلسطينية من خلال هذه المؤامرات على الثورة الفلسطينية ممثلة بحركة فتح ، فظلت الولايات المتحدة وإسرائيل ترعى مشاريع التآمر من خلال الاغتيالات للرموز والقادة ، إضافة إلى اجتياح لبنان عام 1982م ، ناهيك عن دعم النظام السوري وبعض المسيحيين في لبنان لضرب الفلسطينيين وإجبارهم على ترك لبنان ، لكن إرادة الله وتصميم وحكمة قيادة شعبنا وصموده الأسطوري كانت أقوى من كُل المؤامرات ، وشكل الزعيم الخالد ياسر عرفات ، السد المنيع ضد هذه المؤامرات .

بعد عام 1994م والعودة لأرض الوطن تعرضت فتح للكثير من الانتقادات ، وظلت محل نقاش ، وذلك نتيجة انصهار الحركة وكوادرها في إطار مؤسسات وأجهزة السلطة الوطنية ، كيف لا وهي صاحبة مشروع بناء الدولة ومؤسساتها ، وهي التي أعطت إشارة البدء لهذه الدولة من خلال ترسيخ المؤسسات الوطنية التي عملت لتقديم الخدمات لشعبنا الصامد في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة الحبيب ، كما كانت الاجتهادات الداخلية بالحركة جزءاً من حالة الانتقاد التي تعرضت لها فتح ، لكنها بالنهاية الحركة التي لا يمكن الاختلاف عليها ولا يمكن الطعن بشرعيتها أو تاريخها وتاريخ قادتها .

حاول البعض شطب حركة فتح ، من خلال خلق البدائل التنظيمية ، وساعدها بذلك ضمنياً كل الجهات التي تريد القضاء على فتح ، باعتبارها الحركة الأكثر جماهيرية ، وهي التي تُسيطر على مصدر القرار بالسلطة الوطنية ، فكانت أحداث عام 2007م كنتيجة طبيعية لمشروع التحريض ضد فتح بشكل عام ، وحاولت الفصائل المعارضة تصوير فتح وكأنها باعت المشروع الوطني وتنازلت عن فلسطين ، وهذه بالتأكيد افتراءات ومجرد محاولات لترسيخ مشروع البدائل ، هذه البدائل التي تمددت بفعل وجود الدعم من بعض الدول التي أرادت دائماً تحويل القرار الفلسطيني المستقل إلى سلعة بيدها ، وهذا ما رفضه ياسر عرفات منذ بداية الثورة ، وحافظت على ذلك القيادة الفلسطينية .

اليوم نضيئ 48 شمعة لشعبنا ، هذه الشموع التي يستحقها الشهداء ، ويستحقها الأسرى ... هذه الشموع تجديد للعهد والقسم الذي بدأ عام 1965م ولا زال حاضراً في قلوب وعقول وذاكرة كُل الأجيال التي آمنت بفتح كحركة وطنية فلسطينية لها جذورها التاريخية ولها قانونها الذي لا يمكن أن يتغير أو يتنازل عن فلسطين مهما كانت هناك من اجتهادات مرحلية ، أو حلول سياسية مؤقتة ، أو محاولة البعض تمرير مشاريع التخلص من فتح سياسياً أو تنظيمياً كونها الحركة التي تستطيع أن تقود المشروع الوطني بكل جدارة .

&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت