أيها النائب: على رِسْلِكْ!!!

بقلم: أيوب عثمان


أعجب لصغير صار نائباً فظن أنه صار بنيابته كبيراً، دونما إدراك منه أو استدارك عنده أن المرء يقاس بفهمه وموقفه لا بلقبه وموقعه، وهو ما عبر عنه الشاعر الفذ وهو يقول:

وليس يزدان بالألقاب حاملها بل يزدان باسم الحامل اللقب

لقد صار هذا الصغير نائباً فظن أنه في الحقيقة قد كبر، دون أن يدرك أو يتذكر كم أراق من ماء وجهه، وكم أهدر من كرامته وهو يستجدي نيابة أو عمادة، قائلاً لأولياء نعمته أثناء فحصهم مدى صلاحيته: "أنا زي ما بدكو... من إيدكو هادي لإيدكو هادي...نائب... عميد... اللي بدكو إياه أنا ما عندي مانع"! لم أصدق أذنيّ وهما تسمعان، كما لم أصدق عينيّّ وهما تبصران محدثي وهو يقول هذا عن رجل كنت أظنه كبيراً حينما كان يُسمعنا كلمات التحدي لأولئك الذين صار يستجديهم ويمتهن كرامته أمامهم، طمعاً في نيابة أو موقع أو عمادة! لم أصدق أذنيّ وعينيّ لأن ما سبق لي أن سمعته منه ورأيته فيه يتناقض اليوم مع ما أسمعه منه وما أراه فيه. سمعته وهو يتحدى، مستخدماً من العبارات والألفاظ فظها وغليظها وعنيفها، مؤكداً على ذلك بخبطات عنيفة على الطاولة من يده، معبراًً في ذلك عن تحديه الحاد لما وصفه بالدور السابع، جرياً على مصطلحٍ توافق عليه- كما يبدو- من كانوا معه!

إن ما يؤسفني ويثير دهشتي وحزني أن هذا النائب الذي نراه جميعنا اليوم وقد بلغ به الضعف والاستكانة والهوان والسكون مبلغه هو ذلك الذي كان قبل نيابته أقرب إلى التمثل بأسد هصور أقسم وغيره أغلظ الإيمان على أن يكون لهم ما أرادوا، رغم أنف ما أسموه بـ "الدور السابع" آنذاك، كما أقسم هو أغلظ الإيمان أن يكون له هو- رغم أنف الدور السابع أيضاً- ما أراد، ذلك أن ما أراده وما أصر على بلوغه هو مبلغ 65000 خمس وستون ألف دولار باعتبارها حقاً له أنكرها ما أسماه "الدور السابع"! وأما السؤال هنا فهو: هل بلغ النائب من "الدور السابع" ما كان قد أكد على أنه حق خالص له لا مساومة عليه ولا محيص عن بلوغه، مؤكداً أنه لا قبل للدور السابع أن ينكره أو أن يتحلل منه؟! وعليه، فهل ملك من تحدى، البارحة، بأغلظ كلام تُذهبه الرياح أن يتحدى، اليوم، بالقانون فلجأ إلى القضاء ليبلغ الإنصاف والعدل في مظلمته، إن كانت هي في حقيقتها مظلمة كما يراها هو وكما يصفها؟! هل من إجابة؟! الإجابة هي: "لا"، بل إنها "لا" كبيرة، وهو ما ساعد على منحه لقب "نائب"، وإلا لما كان له من النيابة، ومما هو دونها أو دون دونها شيء.

في سياق مقال اليوم، لم يبقَ إلا مثلبة خطيرة أراني أميل إلى أن أمسها الآن مساً خفيفاً أقدم له بمثلٍ مأثورٍ نصه أو مفاده هو: "اللي بيته من زجاج ما بيرمي على الناس حجار"، إذ كيف بمن انتحل – لغرض الترقية أو السطو على ابتداع علمي- بحثاً لأستاذه فقام بنسبته إلى نفسه، ما دعا أستاذه إلى الإبلاغ عنه والاحتجاج لجامعة رأى رئيسها (لملمة) كارثة علمية (ولفلفتها) عبر ما سميّ بلجنة أجرت في حينه تحقيقاً أريد له أن يكون شكلياً وصورياً لينتهي بما خطط له، وهو (اللملمة واللفلفة) لكارثة علمية فضائحية!

وبعد، فإنني لا أستبعد على صغير ظن أنه بنيابته قد كبر أن يعد- إجراء الجامعة امتحانات نصفية إنجازاً، ذلك أنه إذا كان مجرد عقد امتحانات نصفية هو في حد ذاته إنجاز، فإنه يكون بذلك منجزاً! أليس هذا الذي نسمعه نوعاً جديداً وفريداً من "مسخرة" تنفجر في آخر أيام العام الثاني عشر من الألفية الثالثة؟!

أما آخر الكلام، فإن من يتمثل جرأة ليس هو بحجمها، وليس على قدرها، ولا في مستواها، فيتجاوز في قوله، واصفاً الكتابة عن مفاسد الجامعة بأنها "حملة مسعورة ومشبوهة غرضها النيل من الجامعة"، وواصفاً من يكتبون عن الجامعة بغية تسليط الضوء على ما فيها من مفاسد لمحاصرتها ومقاومتها وإنهائها بأنها "أقلام مشبوهة ومدعومة من جهات مشبوهة"، وأنها "أقلام قزمة لا تريد لهذه الجامعة خيراً"، لأن "غرضها النيل من الجامعة"، أن يملك الآن جرأة على الرد! فهل من رد؟!

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت