بحث إسرائيلي: مصطلح نزع الشرعية بات متداولا بأوروبا وأمريكا

القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
كشف بحث جديد أجراه المعهد الإسرائيلي للنهضة والديمقراطية، ونشرته باقتضاب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، النقاب عن أن صورة الدولة العبرية في أوروبا باتت أكثر من سيئة، حتى أن سفير تل أبيب في براغ، يعقوب ليفي، وجه مؤخرا رسالة إلى المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عبر فيها عن استيائه الشديد من ردود أفعال الجمهور التشيكي خلال المحاضرات التي يُلقيها عن المستوطنات، لافتا إلى أنه على الرغم من أن جمهورية التشيك، تُعتبر من أهم أصدقاء إسرائيل، وصوتت في الجمعية العمومية ضد الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو، إلا أن المواطنين بدأوا يعبرون عن امتعاضهم الشديد من سياسة تل أبيب بالنسبة للمستوطنات، مشددا على أنه لم يواجه انتقادات حادة بهذا الشكل منذ تعيينه سفيرا.

وبحسب الصحيفة، فإن صناع القرار في تل أبيب، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعتقدون أن الانتقادات العالمية للسياسة الإسرائيلية نابعة من عدم فهم وجهل لدى الرأي العام العالمي، ولكن البحث يرفض جملةً وتفصيلاً هذا التوجه، مع أنه يؤمن بأنه من الممكن تحسين الدعاية الإسرائيلية في العالم، ولكن الادعاء بأن منظومة الدعاية فاشلة، هي بحسب البحث عارية من الصحة، ذلك أنه منذ أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها تحول قسم الدعاية في الدولة العبرية إلى الأكثر تطورا في العالم، ويتفوق على التنظيمات المعادية للدولة العبرية، ويؤكد البحث أن إسرائيل تُعاني من صورة مشوهة للغاية ووضع دولي مليء بالمشاكل، ولكن الأسباب غير متعلقة بالدعاية، كما لفت معدو البحث إلى أن تل أبيب تقوم برصد ميزانيات هائلة للدعاية، وتُشارك فيها جميع الوزارات الحكومية والناطق بلسان الجيش، علاوة على تجنيد مئات الإسرائيليين في العالم لشرح وجهة النظر الإسرائيلية، بالإضافة إلى شركات علاقات عامة أجنبية، وتحديدا في أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي.

كما لفت البحث إلى أن المنظومة الدعائية الإسرائيلية تعمل أمام الإعلام التقليدي، وأيضا في الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر، فيسبوك، يوتيوب، كما أن وزارة الخارجية تُشجع الدبلوماسيين العاملين في أوروبا وأمريكا على نشر المواقف في الشبكات الاجتماعية، ويُفعل مجموعة كبيرة من الإسرائيليين لكتابة ردود الفعل في إطار الحرب الدعائية، حيث تصل الميزانية التي ترصدها سنويا الخارجية الإسرائيلية لتحسين صورة الدولة العبرية في العالم إلى 100 مليون شيكل، وتعمل على تنظيم اجتماعات مؤيدة لسياسة تل أبيب، مثل المسيرة التقليدية السنوية لدعم إسرائيل في نيويورك، ومهرجان الأفلام في باريس.

ويتساءل البحث لماذا ما زالت صورة إسرائيل في العالم بالحضيض على الرغم من الميزانيات الهائلة المخصصة للدعاية، وعلى الرغم من أن العديد من الهيئات تعمل بدون كلل أو ملل لتحسين صورتها، ويجيب البحث بأن أحد الأسباب مرده انتشار ظاهرة نزع الشرعية عن الدولة العبرية في جميع أصقاع العالم، ويعتقد معدو البحث أن هذا المصطلح بات شائعا ومقبولاً في الرأي العام العالمي، وجميع المحاولات الإسرائيلية لإخفائه عن المشهد باءت بالفشل، ذلك أن الخارجية تتهم كل من يستعمل هذا المصطلح بمعاداة إسرائيل، الأمر الذي يحول جميع الجمعيات والتنظيمات الحقوقية الفاعلة في إسرائيل إلى أعداء للدولة العبرية، واستعمال المصطلح يسمح للحكومة برفض الانتقاد، حتى لو كان شرعيا وموضوعيا حول سياستها، على حد تعبير البحث.

وبرأي البحث فإن تضخيم وتهويل التأثير الذي يجلبه معارضو سياسة إسرائيل أقل بكثير مما تدعيه الحكومة الإسرائيلية، ذلك أن المنظومة المعادية لإسرائيل في العالم، أضاف البحث، فشلت فشلاً كبيرا في التنسيق في ما بينها وفشلت في تحديد الرسائل الموجهة للرأي العام في الغرب، فهذه التنظيمات لا تعمل تحت سقف واحد ولا مرجعية واحدة لها، حتى أنه توجد قطيعة تامة بينها، وبالتالي لا يوجد أي تنظيم معادٍ لإسرائيل ينجح في تحديد الأجندة، كما بإمكان المنظومة الدعائية الإسرائيلية أنْ تفعل، كما أن تأثير السلطة الفلسطينية على هذه المجموعات والتنظيمات يصل إلى الصفر.

وزاد التقرير قائلاً إن فشل المجموعات في توحيد نفسها في مجموعة واحدة أدى إلى فشل دعايتها المعادية لإسرائيل في العالم، لكن البحث يُقر بأن المجموعات على اختلاف مشاربها تمكنت من نشر وتذويت مصطلح نزع الشرعية عن الدولة العبرية في العالم. وجاء أيضا في البحث أن المجموعات التي تقود حملة نزع الشرعية عن إسرائيل تلجأ إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وترى فيها الحلبة المركزية للنضال ضد إسرائيل، ولكن مع ذلك، فإنها لا تعمل وفق إستراتيجية محكمة ومقنعة، كما تعمل المنظومة الدعائية الإسرائيلية، التي تُواصل العمل مع الإعلام الغربي المسموع والمرئي والمكتوب.

علاوة على ذلك، لفت البحث إلى أنه في الكثير من الأحيان تقوم تل أبيب نفسها بتعظيم وتهويل عمل هذه التنظيمات، مثل النشر عنها في وسائل الإعلام العبرية في إسرائيل، لافتا إلى أن أسبوع الأبرتهايد الإسرائيلي في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية حصل على تغطية إعلامية ضئيلة جدًا، في ما قامت وسائل الإعلام الأمريكية بتغطية واسعة لما يُسمى بأسبوع السلام الإسرائيلي.

ولاحظ البحث أن المنظومة الدعائية الإسرائيلية تحظى بتأييد من كبار رجال الفكر والثقافة، ورجال الأعمال والمحاضرين في الجامعات، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يقول البحث كم عدد الناس في العالم الذين يعرفون نوعام حومسكي، المعارض لإسرائيل، مقارنة بالمخرج اليهودي الأمريكي، ستيفن سبيلبرغ؟.

وأشار البحث أيضا إلى أن التنظيمات المعادية لإسرائيل تعمل مع مجموعات أيديولوجية راديكالية، خلافا لإسرائيل التي تتعامل مع الفنانين، والصحافيين ومقدمي البرامج، والمثقفين البارزين من مركز الخارطة السياسية. كما أن التنظيمات المعادية لإسرائيل، جاء في البحث، تعتمد على رسائل سلبية للغاية، ولا تلجأ بالمرة إلى توجيه رسائل إيجابية لاستقطاب الرأي العام وتأليبه ضد الدولة العبرية، إذ أنها تُركز على تصوير إسرائيل بأنها دولة مارقة ولا تحترم حقوق الإنسان، بل تدوسها بوحشية. وخلص البحث إلى القول إن صورة إسرائيل السيئة جدا في العالم ليست نابعة من فشل الدعاية الإسرائيلية، إنما بسبب السياسات الخارجية للحكومة، وينصح البحث صناع القرار بفحص العلاقة العضوية بين سياسة الحكومة وتردي صورة الدولة العبرية في العالم، والكف عن اتهام منظومة الدعاية بالفشل، على حد تعبيره.