فتح الأمس وفتح اليوم

بقلم: فايز أبو شمالة


وإن كان الحشد الجماهيري في ساحة السرايا يشير إلى حجم التأييد الشعبي لحركة فتح، فإن الأجواء الإيجابية للمصالحة الفلسطينية قد شجعت على هذا الحشد. وإن كان حجم المشاركة الشعبية في ساحة السرايا مدهشاً لمن يقيمون خارج قطاع غزة، فإن تدافع مئات آلاف الشباب إلى مكان الاحتفال ليس غريباً على سكان قطاع غزة، الذين يجدون فرصة للتعبير عن النفس التواقة للحرية من خلال المناسبات الوطنية.
إن من يدقق في تسلسل الأحداث على أرض السرايا في ذكرى 48 لانطلاقة حركة فتح ليكتشف الإحساس العالي بالوطنية لدى سكان قطاع غزة، وليكتشف أن تحرير فلسطين هو باعث حراك مئات ألاف الفلسطينيين الذي احتشدوا في ساحة السرايا، وليكتشف أن أغاني الثورة الفلسطينية القديمة بما لها من مخزون تراثي يحض على المقامة، قد حاكت وجدان الشباب والصبايا، وليكتشف أن شهوة المقاومة المسلحة للعدو الصهيوني لما تزل نقطة التقاء الأماني، وليكتشف أن فلسطين الأمل والحلم هي محط أنظار وتطلعات الجميع.
إن دليلي على ما سبق هو استمرار تواجد مئات آلاف الشباب في ساحة السرايا رغم العراك بالأيدي، ورغم التطاحن الناجم عن المشاحنات الحدية والجدية داخل التنظيم الواحد، ورغم اختفاء منظمي الحفل، وتقطع وسائط الاتصال، ورغم الفوضى والارتباك الذي عم، ورغم الخاتمة الضبابية التي لم يتمناها منظمو مهرجان الانطلاقة 48 لحركة فتح. رغم كل ذلك، ظلت الجماهير تنتظر في ساحة السرايا حتى المساء، ولسان حالها يقول: تهمنا المناسبة الوطنية أكثر من اهتمامنا بالشخصيات التي ستعتلي مسرح المناسبة.
القاسم المشترك الذي التقت عليه جماهير غزة في ساحة السرايا هو حب فلسطين، ورفض مشاريع التصفية، ولاسيما أن الشعارات الوطنية قد سيطرت على المشهد، وترددت في الآفاق المقولات الحماسية القديمة لحركة فتح، مما اسهم في تداعي الذاكرة الجماعية، واستحضار أيام العمليات العسكرية لحركة فتح، وزغاريد السلاح، والثوابت الوطنية التي أعادت الجميع إلى الجذور التي انطلقت منها أجلها الثورة الفلسطينية، وهذا ما تداركه محمود عباس في كلمته المكتوبة، حين قال: إن فتح الأمس هي فتح اليوم.
أن تكون فتح اليوم هي فتح الأمس، فهذا ما تتمناه الجماهير الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، ولكن الممارسة السياسية لقيادة فتح اليوم تؤكد أنها تختلف كلياً عن أحلام وأماني قيادة فتح الأمس، وما جرى من اشتباك حول منصة الاحتفال ليؤكد أن الجماهير الفلسطينية بحاجة إلى قيادة فلسطينية ترتقي إلى مستوى إحساسها الوطني، وتمثل بصدق انتمائها لكل فلسطين، قيادة تجاري استعداد الشباب الفلسطيني غير المحدود للتضحية والعطاء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت