القدس المحتلة- وكالة قدس نت للأنباء
يُستشف من متابعة التحليلات التي يقوم بنشرها الخبراء الإسرائيليون في المجال الأمني في وسائل الإعلام العبرية على مختلف مشاربها، أن هناك خلافات وانتقادات كثيرة حول قيام سلطات الدولة العبرية بنصب منشأة إسرائيلية لاستخراج الغاز على مسافة قريبة من سواحل غزة، محذرين من أن ذلك سيكون بمثابة هدية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث ستكون هذه الفصائل قادرة على استهداف المنشأة المذكورة في القطاع، خلال أية مواجهة عسكرية في المستقبل المنظور بين الطرفين.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال رئيس تحرير موقع (ISRAEL DEFENSE)، الخبير في الشؤون العسكرية، عامير راببورت في مقالٍ نشره إن المنشأة، التي هي عبارة عن حفار ضخم لاستخراج الغاز يزن 34 طنا ويصل ارتفاعه إلى 290 مترا، موجود من الناحية الرسمية على مسافة 30 كيلومتراً غرب ساحل مدينة أشدود (أسدود الفلسطينية) الإسرائيلية الجنوبية، إلا أنه من الناحية الأمنية يقع أيضاً غرب ساحل غزة على مرمى آلاف الصواريخ التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية في القطاع، لافتا إلى أنه في المواجهة العسكرية الأخيرة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية تعرضت المدينة الجنوبية، أسدود، إلى قصف صاروخي مكثف من قبل الفصائل الفلسطينية.
وساق الخبير الإسرائيلي راببورت قائلاً إنه على الرغم من عدم دقة الصواريخ الفلسطينية، إلا أنه يُمكن أن نتخيل عناصر حماس والجهاد الإسلامي كيف سيضعون هذه المنشأة على هدّاف صواريخهم في حربهم القادمة ضد إسرائيل، لافتا إلى أنه يكفي أن يصيب هذا الحفار الضخم صاروخ واحد أو صاروخان لكي يتسبب بضرر كبير من الناحية الإعلامية والمعنوية، على حد قوله.
علاوة على ذلك، رأى راببورت أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حصلت من خلال نصب المنشأة على هدية هي عبارة عن ورقة يمكنها أن تلعب بها وتهدد عبرها إسرائيل، على حد تعبيره.
وعرض الكاتب مسار المداولات التي أفضت إلى تحديد موقع المنشأة حيث هي، مشيرا إلى أن ذلك يمثل مثالاً على الطريقة التي تتداخل فيها مصالح قومية ضيقة مع مصالح اقتصادية واسعة، تؤدي إلى قرارات نعتها بالغبية، بالإضافة إلى ذلك، أوضح الخبير الإسرائيلي كيف بدأت منذ اكتشاف المخزونات الغازية الضخمة في المياه الاقتصادية الإسرائيلية عام 2009، مجموعة متداخلة من المصالح تمارس نفوذها على أكثر من صعيد، منها تحديد المكان الذي من المفترض أن توضع فيه المحطة العائمة لاستيعاب الغاز المستخرج من حقل (تمار 90) الواقع قبالة شواطئ مدينة حيفا في الشمال، لافتا في السياق ذاته إلى أن هذا الأمر حال دون أن تكون القرارات التي تتخذ في هذا الشأن موضوعية.
واشار قائلاً: لو كانت الاعتبارات أمنية وتجارية خالصة، لكان يجب أن توضع المنشأة في أقرب مكان من محطة مدينة الخضيرة لتوليد الكهرباء، وهي محطة توليد الكهرباء الرئيسية في الدولة العبرية،على أن تكون منشأة الاستخراج في أبعد مكان ممكن داخل البحر، بعيدا عن صواريخ منظمة "حزب الله" اللبنانية وحركة حماس الفلسطينية، كما قال، لكن، وفق ما كشف عنه الخبير العسكري راببورت، فإن الضغوط التي مارسها سكان المنطقة الذين ينتمون طبقيا إلى نخب اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى ضغوط مارستها منظمات بيئية، أدت إلى إزاحة مكان تنصيب المنشأة باتجاه الجنوب، إلى حيث تم نصبها، أي بالقرب من مدينة أسدود الجنوبية، على حد قوله.
وتطرق الخبير رببورات، إلى موقف جيش الاحتلال الإسرائيلي من نصب المنشأة المذكورة في مرمى صواريخ حماس، قائلاً إن قيادة هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال تنظر إلى الأمر من زاوية أنه سيتسلح بسفن ومعدات جديدة، لن تكون على حساب ميزانيته التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية، ذلك أن مهمة الجيش، بحسب المحلل، هي حماية هذه المنصة وحقول الغاز الأخرى، ما يعني زيادة قدراته وتوسيع نطاق عمله، على حد تعبير المصادر الأمنية في تل أبيب، التي اعتمد عليها في تحليله المذكور.
وكان عوزى لاندو وزير البنية التحتية الإسرائيلي المتحفز للقتال قد حذر من أن الدولة العبرية لن تتردد في استخدام القوة للدفاع عن حقها في تطوير حقول الغاز. وأحد أهم المخاوف التي تراود إسرائيل هو أن تكون الأرصفة البحرية التي ستحتاجها لإنتاج الغاز والمحطات وغيرها من منشآت البنية التحتية على الشاطئ عرضة لترسانة الصواريخ التي يمتلكها "حزب الله".
ويقول قادة إسرائيل العسكريون إن "حزب الله" يمتلك حاليا ما يقرب من خمسة وأربعين ألف صاروخ تشمل أسلحة طويلة المدى قادرة على إصابة الأرصفة وميناء حيفا الذي يخطط له كي يصبح محور الصناعة الإسرائيلية الجديدة للطاقة، وهو أهم ميناء إسرائيلي وأهم قاعدة بحرية بها. واكتشافات الغاز تلك تجعل المدينة هدفا مهما لأعداء إسرائيل.
وتخطط إسرائيل لبناء مصنع لتسييل الغاز هناك ذي إنتاجية سنوية تبلغ 141 مليار قدم مكعب، وكانت مدينة حيفا ثالث أكبر المدن الإسرائيلية والبالغ عدد سكانها 265 ألف نسمة قد تعرضت للإصابة المتكررة بصواريخ "حزب الله" خلال حربه مع إسرائيل التي استمرت أربعة وثلاثين يومًا في صيف العام 2006.
تجدر الإشارة في هذه العجالة إلى أن لجنة المالية التابعة للكنيست الإسرائيلي كانت قد قررت مؤخرا، بناء على طلب وزارة الأمن زيادة ميزانية الجيش الإسرائيلي للعام الحالي 2013 بمبلغ 780 مليون شيكل، ليصل إجمالي ميزانية الجيش إلى 60.7 مليار شيكل، وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية في هذا السياق إن الزيادة سيتم توفيرها باستقطاع مبالغ من ميزانيات الوزارات الأخرى.
كما أشارت إلى أن الزيادة في ميزانية الجيش الإسرائيلي تأتي في ظل الحديث عن هجوم إسرائيلي محتمل على إيران، وتشكيل إسرائيل سلاحا جديدا يعمل في العمق الاستراتيجي للدول المعادية، وفي ظل إعلان عدد من القادة الإسرائيليين عن ان ثمة مواجهة مباشرة مع مصر مقبلة في الطريق، والتحذيرات التي يُطلقها أقطاب تل أبيب من إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري لتدمير مخازن الأسلحة غير التقليدية، وتحديدا الأسلحة الكيماوية، التي تمتلكها سورية، في ظل الأحاديث عن قرب سقوط نظام الرئيس السوري د. بشار الأسد.