جراءة الفكرة تكمن في التنفيذ، وعدم الاكتفاء بالخطب الرنانة عن مقاومة الاستيطان، إنها القذيفة الفعلية لمقاومة الاستيطان والتي تعادل ألف قذيفة من كلام، إنها قرية باب الشمس التي قام بتنفيذها شباب فلسطيني على أرض فلسطينية قرر الغاصبون الصهاينة مصادرتها.
وبغض النظر عن أسماء الشباب المبادر لإقامة القرية، وبغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، فإن الفكرة في حد ذاتها تستوجب الدعم الشعبي والرسمي الفلسطيني، وتستحث الجميع للوقوف خلف المحاولة بكل ما لديهم من قوة، فرجاحة الخطوة تفرض على القوى والتنظيمات الفلسطينية جميعها التحالف الميداني، لأن قرية باب الشمس تقع ضمن مفهوم المقاومة الشعبية لمن أراد، وتقع ضمن مفهوم المقاومة الفعلية للغاصبين، والانتصار فيها، وبسط الهيمنة على الأرض لا يقل أهمية عن الانتصار في معركة السجيل، ويفوق بأهميته ألاف المرات اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين المراقب.
قرية باب الشمس أصدق محاولة فلسطينية لمقاومة الاستيطان اليهودي حتى الآن، إنها عمل مقاوم غير مسبوق، ينفذ بأيدي شباب فلسطيني، يصدق مع وطنه، ويتجشم عبء التحدي للإرادة الصهيونية، ويصر أن يقيم على الأرض الفلسطينية خيام قريته في عز البرد، كأصدق رد على القرار الإسرائيلي بمصادرة الأرض التي أطلق عليها اسم E1، وهي المنطقة الجغرافية التي تفصل بين جنوب الضفة الغربية وشمالها، وهي المنطقة الاستراتيجية التي تعزل مدينة القدس عن محيطها العربي.
قرية باب الشمس لم تعد فكرة لمقاومة الاستيطان، ولم تعد حلماً، ولا أمنيات، قرية باب الشمس صارت شمعة تمزق ظلام الصمت، وما فتئت حراكاً يهز عروش الجبناء عن المواجهة، وهي عمل ينفذ على الأرض يعادل ألاف التصريحات، ويكشف عن مدى مصداقية القرارات الفلسطينية الرافضة لاغتصاب الأرض، وهي منطلق الاختبار الحق للانتماء، فمن كان صادقاً مع دينه ووطنه ونفسه فيلتحق بالشباب الفلسطيني المبادر، وينتمي بماله وولده وكل كيانه، ويتوجه لأحدث قرية الفلسطينية تتحدي القرارات العدوانية الصهيونية.
قرية باب الشمس أهم حدث فلسطيني لعام 2013، ولها ما بعدها، وبقاؤها وتطورها يعني بقاء فلسطين، وزوال الغاصبين، والانتصار لفكرتها في هذا الوقت هو انتصار للدعوات الصادقة بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية ميداناً على الأرض الفلسطينية، من خلال التحدي، والمواجهة المكشوفة مع الصهاينة.
فهل ستشهد الأيام القادمة وجوداً مكثفاً للمسئولين الفلسطينيين في قرية باب الشمس؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت