القـطـاع الـزراعـي الأكـثـر تـضـررًا مـن المنـخفـض الجـوي

خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء
تعرضت مساحاتٍ شاسعة من الأراضي والممتلكات الزراعية في قطاع غزة، لخرابٍ ودمارٍ كبير جراء المنخفض الجوي القطبي العميق الذي ضرب الأراضي الفلسطينية الأسبوع المُنصرم، وما صاحبه من أمطار غزيرة ورياح شديدة وموجة صقيع باردة جدًا.

واجتاحت فلسطين مؤخرًا موجة صقيع مصحوبة برياح شديدة وأمطار غزيرة، هي الأشد من نوعها مُنذ سنوات حسب مختصين بالأحوال الجوية، مما أدى لوفاة وإصابة العديد من المواطنين، وإلحاق أضرار مادية كبيرة جدًا بالمباني والمحاصيل الزراعية والمرافق العامة وشبكات الصرف الصحي والكهرباء..

تدمير دفيئات زراعية ..
المزارع جمال الحشاش وقف أمام مزارعه المدمرة بمنطقة الحشاشين شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع، ينظر بحسرة لها، بعدما أتت الرياح القوية ودمرت جزءًا كبيرًا منها، من خلال تطاير ألواح الخشب، وأثواب البلاستك، وتهتك جسور الحديد بفعل تلك الرياح، مما أنعكس بالسلب على المحاصيل المزروعة بداخلها من "طماطم، خيار، فلفل".

ويقول الحشاش لـ مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "إن الرياح التي صاحبت المنخفض خاصة بأول يومين منه دمرت عدد كبير من الدفيئات الزراعية بمختلف المناطق خاصة منطقتنا، من خلال تمزق البلاستك، وتهتك جسور البلاستك، مما أثر على النباتات المزروعة داخل الدفيئات".

ويضيف "بقيت المحاصيل مكشوفة لمدة ثلاثة أيام لم نتمكن من ترميمها بفعل شدة الرياح وانخفاض الحرارة، مما سيؤدي لخفض إنتاجها إن بقيت على قيد الحياة، من خلال تدمير أشتال المحاصيل المزروعة".

ويشدد الحشاش على ضرورة وجود تدخل فوري وعاجل من الجهات المختصة خاصة وزارة الزراعة، من أجل التقليل من الخسائر، قائلاً "من المفترض أن يكون هناك تحرك فوري وعاجل من الجميع، لمساعدة المزارع المنكوب أساسًا".

ارتفاع أسعار المحاصيل..
ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للمزارع سلاّم الحشاش عن سابقه، فهو الأخر يعيش نفس المعاناة بعدما دمرت الرياح عدة أقواس من دفيئاته الزراعية المُقامة على مساحة تُقدر بحوالي 3 دونمات، مزروعة بـ"الخيار والفلفل"، بعدما تطايرت ألواح الخشب والبلاستك.

ويلفت إلى أن تدمير المحاصيل، سيؤدي لقلة المُنتج، مما يؤدي لرفع أسعارها بالأسواق، وهذا ينعكس بالسلب على المواطنين الغير قادرين على شرائها في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، مطالبًا كافة الجهات المعنية بالتدخل الفور والعاجل، خاصة وزارة الزراعة والمؤسسات الزراعية، من خلال توفير الأخشاب، والأشتال، والبلاستك بأسرع وقت.

وللمزارع حمادة الشاعر معاناة تختلف عن المزارعين السابقين، بعدما دمرت الرياح وموجة الصقيع وسقوط البّرد، مزرعته المزروعة بمحصول "البطاطس" الموسمي، والبالغ مساحتها حوالي "10 دونمات"، تدميرًا كليًا.

ويبين أن الصقيع والبرد دمر المحصول المزروع بأرضه ، بعد أن وصل المحصول لعمر 50 يوم، وبهذه المرحلة، تكون مرحلة الإخصاب، أي أن حبات البطاطس المدفونة أسفل الشتلة في طور الاكتمال لتصبح ناضجة وجاهز للبيع.

ويؤكد بأن أشتال البطاطس دمرت بالكامل بفعل الصقيع والبرد، ونموها توقف، وأصبحت غير قادرة على الإنتاج، مما يؤثر على كمية الإنتاج من 4 طن للدونم الواحد لـ طن أو أقل، ويكبدنا مخاسر فادحة، لأنه بهذه الحالة من الصعب جدًا تعويض تكاليف الزراعة من "سماد وماء وأدوية .."، مناشدًا كافة الجهات بتقديم يد العون لهم.

مليون ونصف خسائر ..
ويقول مدير جمعية المزارعين الفلسطينيين عاشور اللحام لـ "وكالة قدس نت للأنباء "، إنّ الخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي بسبب المنخفض الجوي الأخير في قطاع غزة خاصة المنطقة الجنوبية "خان يونس، رفح"، تزيد عن " المليون دولار".

وأشار اللحام أنّ موجة البرد الأخيرة التي صاحبت المنخفض الجوي العميق، أو إنّ جاز تسميته بـ "الإعصار المُصغر"، بالأراضي الفلسطينية خاصة في قطاع غزة، ألحقت أضرارًا مادية كبيرة بالحقول الزراعية، والدفيئات".

ولفت أن الرياح أدت لتدمير أكثر من "500 دفيئة بلاستيكية" جنوب القطاع بعضها بشكلٍ جزئي والبعض الأخر بشكلٍ كُلي، من خلال تطاير البلاستيك الذي يُغطيها، وتدمير الحديد الذي يُثبت به أثواب البلاستك بقطع خشبية، الأمر الذي أدى لتدمير المحاصيل المزروعة بداخلها.

وبين اللحام إلى أن الرياح القوية التي لم يسبق لها مثيل مُنذ أعوام، والتي صاحبها برد وموجة صقيع قارصة، أدت لتدمير المحاصيل الموسمية المزرعة خارج الدفيئات، ومنها "البطاطس الأكثر تضررًا لأنها مزروعة بكمياتٍ كبيرة بهذا الموسم، بجانب الملفوف- البزلاء- الكوسا- الفلفل- التوابل الخضراء..".

ضرر للمزارع والمواطن..
وأوضح أن التدمير المذكور سينعكس بالسلب على المزارع والمواطن في آن واحد، فالمزارع -المُدمر أساسًا مُنذ سنوات بفعل الحصار والتضييق وقلة الإمكانيات- يتكبد خسائر فادحة، لأنه دفع آلاف الشواقل بأرضه وينتظر جنيها، وفي هذه الحالة لا يجني شيء سوى الخسارة، التي باتت مؤكدة.

وتابع "وبخصوص الضرر الذي سيطال المواطن، يتمثل بإرتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، التي تشهد ارتفاعًا طبيعيًا بمثل هذا الموسم، فمثلاً الطماطم سترتفع من 3 شواقل للكيلوا الواحد لـ 7 شواقل للكيلوا، وكذلك الخيار والبطاطس والملفوف والبصل وغيره..، وبالتالي سيُحرم المواطن من شرائها".

ونوه اللحام إلى أن سقوط البّرد باليوميين الأخيرين للمنخفض، "زاد الطين بلة"، لأنه أدى لتدمير أوراق وأغصان محصول البطاطس، المزروعة بشكلٍ كبير جدًا بأراضي المواطنين جنوب القطاع، من خلال تحويل لون ورقها للأسود، حيث يتوقف إنتاجها كمًا ونوعًا.

وأضاف "كذلك بالنسبة للملفوف، فرأس الملفوف الكبير بعد أن أصيب بحبيبات البّرد دُمر بالكامل، وأصبح غير صالح للتناول، ونفس الحال بالنسبة للبزلاء ذات الأوراق والأغصان الصغيرة جدًا، والتوابل الخضراء كـ "البقدونس- الجرادة الخضراء- الجرجير- السبانخ..".

وأشار اللحام إلى المزارع في حال بدء باستصلاح أرضه مباشرة بعد المُنخفض، سيحتاج حوالي 4 شهور على الأقل لكي تُنتج الأرض من جديد، وينتهي من ترميم أرضه التي دُمرت، وطيلة الفترة المذكورة سترتفع أسعار المحاصيل، ويتوقف الدخل على عدد كبير من المزارعين".

وناشد وزير الزراعة ورئيس الوزراء بغزة، بأن ينظرون للمزارع بعين الرحمة، ويقدموا المساعدة والعون بشكلٍ عاجل للمزارعين"، داعيًا المؤسسات الدولية والمحلية بأن يخصصوا مشاريع عاجلة لتعويض المزارعين، خاصة الدفيئات المدمرة، وتوفير الحبوب والأشتال الخضروات.