المجتمعات الحية والواعدة هي التي تسابق الزمن وتلاحق الشمس ولا تقبل بغير الحقيقة منطلقاً للمعالجة، ورصيداً لأي استثمار في أي مجال من مجالات الحياة، سياسية وثقافية واقتصادية وغيرها من المجالات .
والحقيقة التي يفترض ألا يختلف عليها اثنان أننا أمام شعب فلسطيني حر و أبي وعزيز والأهم حكيم يعرف متى يصمت ومتى ينطق ، متى يُحجم ومتى يُقدم .
شعب إذا فشل أبناؤه – متفرقين – في الحفاظ على صورته المشرقة فهو كفيل بأن يعالج الأمر وبالتالي يعرف كيف يُعيد تظهير صورته ويمارس ذلك كله على طريقته الخاصة ، وبالتوقيت الذي يختاره هو ، وهذا نسميه " بالعقل الجمعي الحكيم " لدى الشعب الفلسطيني ولا بأس هنا أن أذكر بصورة أو مثل استعرته في حُمَّى الانقسام حيث كل طرف يبذل قصارى جهده في الدفاع عن روايته الحزبية بكل الوسائل وبكل المفردات في معركة إعلامية أغلب الأوقات كانت متحررة من كل القيود وخصوصا أخلاق وأعراف وعادات هذا الشعب العظيم.
وصفت الحزبي الذي يهتم بصورته ويشوَّه صورة أخيه، وصفته كمن يطرب لمن يمدحُه ، ويذم أمَّه وأباه! ، نعم الطرفان حينما يشوِّهان بعضهما بعضاً ، فإنما يقومان بتشويه صورة الشعب ، صورة الوطن – صورة الأم ، والعاقل لا يمكن أن يطرب لمن يمدحه ويذم أمه وأباه .
- إذن الحقيقة الساطعة أن هذا الشعب تحمل شقاوة ومراهقة وجحود أبنائه كثيرا ، لكنه مرة أخرى " شعب حكيم ورحيم وعنيد وقوي " وها هو ينهض من حيث لا نحتسب جميعاً ، ينهض في ذكرى عظيمة، هي ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية ، ذكرى انطلاقة حركة التحرير الوطني فتح، ذكرى مرور ثمانية وأربعين عاماً على بدء الكفاح المسلح في مواجهة العدو الصهيوني ..
- نعم ينهض الشعب ليمارس دوره الطبيعي الملهم ، نهض الشعب ليعلمنا جميعا ويعلم كل من يرغب في تعلم لغة الشعوب ، والكيفية التي تدير بها حركتها من حيث الحجم والتوقيت ، نهض الشعب المعلم، فصمت الجميع والذهول سيد الموقف نعم ها هو الشعب المارد يقف في ساحة السرايا ليلقي علينا رسالته بحزن وبجلال ولكن بوضوح الشعب يقرر في ساحة السرايا: 2013م هو عام الوحدة والمصالحة.
يا أبنائي وبناتي ، يا أبناء فلسطين حيثما أقامكم الله في القدس ، وفي حيفا ويافا في أم الفحم والناصرة ، وفي اللد والرملة وبئر السبع ، في الجليل الأعلى ، في نابلس ورام الله والخليل ، في غزة ورفح وخان يونس ، في مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا والأردن والعراق ، في عواصم الدنيا بجهاتها الأربع .
يا أبنائي وبناتي
فلسطين لا تشبه إلا ذاتها ، ولذلك من لا يشبهني فعليه أن يتوقف ويعيد النظر في فكره وسلوكه ، نعم لا أقبل منكم ألا تشبهوني ، لا أقبل منكم الا أن تكونوا على شاكلتي .
يا أبنائي وبناتي
أنا أعدكم أن أبقى عصَّياً على الدخيل وعلى المحتل مهما تسلط وتجبر وتفرعن
أنا أعدكم أن أتكفل أنا بالخارج مهما كان كيده ومكره وجبروته
إنني لا أخشى العدو الخارجي أبدا لأنني مفطورٌ على مقاومته وواثق من هزيمته واندحاره، والتاريخ يشهد على ذلك ، وكذلك الحاضر
أنا أخافكم أنتم – ياأبنائي – نعم أخاف من داخل البيت ، هذا هو أوان البوح والمصارحة والمكاشفة الكاملة .
الحياة تعلمنا : أن يجوع المرء أهون كثيرا من أن يظل وحيداً ، وتعلمنا الحياة كذلك : أن تناول نصف رغيف مع شريك أفضل مليون مرة من تناول الرغيف كاملاً وحدك و أهم بديهيات الحياة أن اساس القوة هي الوحدة ، ولا معنى للوحدة إلا من خلال الحفاظ على التنوع وحمايته
وأهم بديهيات السياسة التي تخص فلسطين ، أن قضيتنا قضية أمة ، وان من مصلحتنا أن تتوحد الأمة حول فلسطين ، فهل يعقل أن تتوحد الأمة ونحن منقسمون ؟!
الأصل : أن الفلسطيني قدره أن يكون ملهماً لما حوله ، فلا قدوة ولا الهام حقيقيين إلا من خلال شراكة وطنية حقيقية وعصرية تعكس استيعابنا لمزايا الديمقراطية المعاصرة بما فيها من المواطنة ، واحترام التعددية والتداول السلمي على الحكم واحترام حقوق المواطن والحفاظ على كرامته كل ذلك جنبا إلى جنب تمسكنا بكل ما نستطيع بحقنا في المقاومة بكافة أشكالها وحسب فعاليتها ومردودها على قضيتنا وعلى شعبنا .
فلسطين توصف في السياسة بأنها المنبع للأنهار ، الكل يحتاجها والكل يخطب ودها ، وبالتالي ليس مطلوبا منكم لا الاستجداء ولا الاستعداء ، نحن أصحاب رسالة تحررية إنسانية عظيمة ، من يقترب منا يقترب من مصالحة ومن يقف معنا يدخل التاريخ ، ومن يتآمر علينا أو يتخلى عنا يغادره مذموما مدحوراً.
نعم مطلوب أن نثق بأنفسنا وقبلها أن نثق بربنا ، ومطلوب أن نثق بشعبنا وأن نثق بالخير الكامن في أمتنا ونثق بالخير الكامن في قطرة الناس كل المطلوب أن نتعامل بثقة ونكون ناجحين في التعبير عن الخير الذي نحمله وتمثله فلسطين ، وبالتالي عن الخير الذي يطرب له كل إنسان طبيعي عاقل
أمامنا عدو صهيوني عنصري لا علاقة لأساطيره بالعصر ولا بالزمان الذي يعيشه اليوم.
كيف نعجز عن فضحه، وعن إظهار حقيقته البشعة كعدو عنصري ؟!
لا معنى لذلك إلا أننا عاجزون حتى اللحظة عن تمثل حقنا وتقديم روايتنا التي تعبر بكل الشواهد التاريخية والمعاصرة عن مظلوميتنا كأصحاب حق وكطلاب سلام وتقدم وطلاب حرية وعدالة
نعم لا زلنا عاجزين عن أن نكون بمستوى التحدي الذي يمثله عدونامن جهة وعاجزين عن تجسيد أخلاقيات نموذجنا الإنساني من جهة أخرى.
لذلك هذا الشعب الذي تعجز اللغة والبلاغة والبيان عن وصف مناقبه – هذا الشعب الذي تلعثم الجميع في المناسبتين – انطلاقة حماس وانطلاقة فتح – هو يحدق فيهم وهم حائرون لا يدرون خطابا ولا جوابا يليق بمقامه ، نعم هذا الشعب يقول لأبنائه عموما والقيادات خصوصا : إذا كنتم تعتقدون حقا أنكم تنتمون إلى شعب عظيم وكبير فكونوا كبارا واتخذوا قرارا: بأن يكون عام 2013 هو عام المصالحة نعم كونوا كبارا أقوياء لتعبروا عن قوة شعبكم و أول القوة هو الصدق ، نعم كونوا صادقين وتعالوا نجدد العهد والقسم
- أن نحفظ المقاومة بكل أشكالها وأن نتفق على إستراتيجية تحرير قابلة دوما للتطوير
- أن نعيد اللحمة ونحقق المصالحة والوحدة في هذا العام 2013 و ألا نفرط في وحدتنا الوطنية بعد اليوم مهما كانت التحديات.
- وأن نحفظ كرامة الفلسطيني أثناء الطريق وبعد الوصول كي يصبح الطريق الى البيت ليس أقل جمالا من البيت ذاته.
إذا حفظنا هذا المثلث مثلث النصر وتعاهدنا عليه، يصبح كل ما دونه مجرد أدوات وآليات للحفاظ على المقاومة والحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ على كرامة الإنسان.
والحمد لله رب العالمين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت