بدأ العد التنازلي لانتخابات الكنيست الإسرائيلي التاسع عشر المقرر إجراؤها في الثاني والعشرين من الشهر الحالي وسط مزاج إسرائيلي بات أكثر تطرفا من أي وقت مضى حيث تشتد المنافسة بين الأحزاب الاسرائيليه ذات البرامج المختلفة والرؤى المتباينة فيما بينها حول مستقبل عملية السلام وسياسة المستوطنات والتحالفات وبرنامج إيران النووي والمتغيرات التي تشهدها المنطقة وانعكاسها على إسرائيل ، تنشط أحزاب اليسار والوسط في حث ما يقارب ثلاثين بالمائة من الناخبين المترديين الذين لم يقرروا بعد بالمشاركة بالانتخابات بالتصويت لهذه الأحزاب لرفع عدد مقاعدها في الكنيست ، في حال تمكنت الأحزاب من حث هذه الفئة المترددة عن التصويت بالتصويت لصالحها من ان تزيد أحزاب الوسط واليسار من مقاعدها في الكنيست ، يلاحظ المتتبعون لحملة الانتخابات الإسرائيلية أن الأحزاب ذات المرجعية الدينية هي المستفيدة نهاية الأمر. فهذه الأحزاب تضفي قليلا من الراديكالية على خطابها مقارنة بالأحزاب الأخرى. في الآونة الأخيرة بدأ الساسة الإسرائيليون الحديث عن موضوع كان يُنظر إليه من قبلُ كأحد المحظورات وهو: انتهاء فكرة الدولتين المستقلتين بين إسرائيل وفلسطين. حملة الليكود بيتنا صدمت في نشر المعطيات ألاقتصاديه التي أشارت إلى ارتفاع نسبة عجز الموازنة الاسرائيليه إلى 4.2 أي ما يعادل تسعة وثلاثون مليار شيقل مقابل 18 مليار شيقل حددتها الموازنة والمالية الاسرائيليه كهدف لنسبة العجز السنوي ما يعني تجاوز الهدف المحدد بما يزيد عن الضعفين ، ووفقا للمصادر ألاقتصاديه الاسرائيليه فان العجز المتضخم نتج من التباطؤ الاقتصادي وتدني مدخولات ألدوله من الضرائب بواقع 18.5 مليار شيقل عما كان مخطط له فيما تجاوزت المصروفات المخطط الأصلي ب 2.2 مليار شيقل ، وقد أثارت المعطيات ألاقتصاديه الجديدة قلقا لدى وزارة المالية وبنك إسرائيل اللذان أعربا عن مخاوفهما الشديدة مما ينتظر الاقتصاد الإسرائيلي ، هذه المعطيات ألاقتصاديه انعكست سلبا على حملة الليكود بيتنا ائتلاف نتنياهو ليبرمان ، حفزت زعيمة حزب العمل وحزب تسيبي ليفني لمهاجمة السياسة ألاقتصاديه للحكومة وانعكاساتها على مستقبل إسرائيل وما ينتظر الإسرائيليون فيما لو فاز الليكود بيتنا بتشكيل الحكومة الاسرائيليه ، أضف إلى ذلك انعكاس الحملة الانتخابية على المجتمع الإسرائيلي الغير متجانس وموحد أصلا وان الحرب وفلسطين هي من تجمع بين الاسرائليين وقد ظهرت للسطح التباينات الاسرائيليه العرقية بين اليهود الشرقيين المتمثلين في حزب شاس وحزب المهاجرين الروس الممثلين في إسرائيل بيتنا وكيف ان الحملة الانتخابية قد وصلت ذروتها بالحملات العنصرية التي تنعكس سلبا على بنية المجتمع الإسرائيلي الغير متجانس أصلا بين اليهود الشرقيين الحرديم والاشكناز ، هناك رؤى مختلفة للمستقبل الإسرائيلي بين مختلف الأحزاب الاسرائيليه لجهة الحل مع الفلسطينيين وتلك النظرة نجدها فيما طرحه السياسي المتشدد في صفوف حزب الليكود موسي فايكلين الذي يقترح منح نصف مليون دولار لكل فلسطيني يترك الضفة الغربية ويؤكد فايكلين ان هذا الحل هو الأنسب لحل القضية الفلسطينية اما جير شمير مرشح الحزب اليميني إسرائيل بيتنا فينصح كل شخص بالتمعن في خريطة البلد ليتضح انه لم يعد هناك مكان لدوله جديدة على حد تعبيره ، اما الحزب الديني الأرثوذكسي شاس يتخوف من إمكانية إقدام نتنياهو على عقد تحالفات مع احد أحزاب الوسط من اليسار وان في ذلك تعريض القيم الدينية للخطر ، هناك رؤيا إسرائيليه لرفض صارم لحل الدولتين ويقوده ضابط الاحتياط والمليونير نفتالي بنيت من حزب البيت اليهودي وهناك اهتمام من قبل الشباب اليهودي بفكر نفتالي وبحسب استطلاعات الرأي فقد ارتفعت حظوظ البيت اليهودي بحسب استطلاعات الرأي لهذا الحزب من صفر إلى ثمانية عشر مقعدا ، بالرغم من حظوظ البيت اليهودي فان هذا لا يبعد نتنياهو عن إمكانية تشكيل الحكومة الاسرائيليه المتطرفة ، نفتالي بينت منحدر من عائله يهودية امريكيه ومن بين الوظائف التي شغلها رئيس مجلس اتحادات المستوطنات في الضفة الغربية حيث انه يرفض حل الدولتين المستقلتين وبحسب فكر نفتالي ان المفاوضات لا تجدي نفعا وانه يتوجب على إسرائيل حل مشاكلها الداخلية ، برأي نيفتا لي ان للمستوطنات قيمة كبرى وهو يرفض رأي هدم المستوطنات كما ذكر في إحدى الحوارات الصحفية ، وتطرف نفتالي وصل لحد ألمطالبه باختيار القضاة في المحكمة العليا في القدس ممن يؤمنون بالاستيطان وبالتطرف ما أثار قلق المثقفين الاسرائليين كالكاتب أوري افيري مؤسس مبادرة السلام الذي يعتبر ان ما يهدف نفتالي لتحقيقه سيأتي على استقلالية القضاء ، أحزاب الوسط الإسرائيلي يعيشون المتاهة في وسط التطرف الذي تعيشه إسرائيل وهم في حيرة من أمرهم بشان التحالف مع نتنياهو فيما حزب العمل اتخذ قراره في هذا الموضوع بعدم المشاركة في الحكومة التي يشكلها نتنياهو فيما لو فاز حزيه بالانتخابات وهو قرار قابل للتغيير ، بحسب استطلاعات الرأي فان حزب العمل قد يحصد خمسة عشر مقعدا اما تسيبي ليفني من المتوقع ان يحصل حزبها الجديد الحركة على احد عشر مقعدا ، هناك بالفعل ما يقارب ثلاثون بالمائة لم يقرروا بعد لصالح أي حزب يصوتوا من بين أربعة وثلاثون حزبا ، المحلل السياسي جدعون ليفي يرى ان قادة اليمين المتطرف أمثال موشيه فيجلين ، وبولي ايلشتيات ، وزئيف الكين ، وباريف لفين ، يعدون بضم الضفة الغربية لإسرائيل وترحيل الفلسطينيين منها يعد المتطرف يائير شامير بالا تنشأ دوله أخرى لمليون شخص بحسب رؤيته وهذا يشير إلى ان الحكومة القادمة ستكون حكومة يمين متطرف بلا تزيين ومساحيق تجميل وبحسب تحليل جدعون ليفي يتساءل هل نريد حقا ان نعيش في دوله من غير صحف ومن غير جمعيات ومن غير محكمة عليا ومن غير عرب ومن غير الرئيس محمود عباس ومن غير مهاجرين ومن غير فصل عنصري معلن انه وبعد كل السنين التي تباهت فيها إسرائيل أنها الديموقراطيه الوحيدة في الشرق الأوسط وحظيت بفضل ذلك باعتماد مفتوح وتسامح لا ينتهي من العالم وبشعور بالرضي عن الذات ، حكومة اليمين المتطرفة ستضع حدا لذلك بوجهة ليفي ، وبحسب التوقعات ان يحظى حزب البيت اليهودي على المرتبة الثالثة بين الأحزاب وان يكون له حضور قوي وبالرغم من محاولات أحزاب الوسط واليسار في تشكيل ائتلاف فيما بينهم لمواجهة رئيس الوزراء نتنياهو إلا أنهم قد فشلوا في ذلك حيث ان وكالة ألصحافه الفرنسية نسبت لليفني القول إذا رآنا الناخبون متحدين فسيذهب كل الذين يئسوا من أي تغيير للتصويت ما قد يجيز لنا تشكيل كتله أهم من كتلة الليكود بيتنا التي بدأت تخسر زخمها في استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي قبل أيام من الانتخابات ، استطلاعات الرأي التي تشير إلى احتمال فوز الليكود بيتنا بين 27 – 32 مقعد بتراجع نتيجة نشر المعطيات ألاقتصاديه وعليه فان المعطيات تشير ان إسرائيل تقف على مفترق طرق حيث تعرض نتنياهو لانتقادات حادة أبرزها من رئيس الوزراء الأسبق أيهود اولمرت الذي اتهمه مؤخرا بضياع احد عشر مليار شيقل على الاستعدادات لتوجيه ضربه عسكريه لإيران لم تتحقق في الوقت الذي رد عليه نتنياهو بان اتهام اولمرت اتهام غير مسؤول وهو اتهام شخص ضيع المليارات على فك الارتباط واقتلاع اليهود من أرضهم في إشارة لانسحاب إسرائيل من غزه في 2005 وحول مستقبل عملية السلام في ضوء ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الاسرائيليه فان الاتحاد الأوروبي يعد بعرض خطة جديدة مفصلة لاستئناف محادثات السلام الاسرائيليه الفلسطينية ويتوقع ان يعرضها بعد الانتخابات التشريعية الاسرائيليه المرتقبة وبحسب ما نقلته يديعوت احرنوت الاسرائيليه عن مصادر دبلوماسيه في القدس ان ألخطه الاوروبيه هدفها الوصول إلى إقامة دوله فلسطينيه على أساس حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية وان الخطة ستشمل جداول زمنيه واضحة للمفاوضات حول المواضيع الاساسيه خلال عام 2013 ومن المتوقع تقديم ألخطه في مارس لإفساح المجال أمام تشكيل الحكومة الاسرائيليه ألخطه تشمل طلبا تجميد المستوطنات وبحسب المصادر فان وزارتي الخارجية البريطانية والفرنسية تتوليان رعاية المبادرة التي تدعمها ألمانيا ويمكن ان يتبناها الاتحاد الأوروبي هذا من المتوقع ان تجدد ألمجموعه الدولية جهودها من اجل استئناف مفاوضات السلام المجمدة منذ عام 2010 ، وتبقى كل الخيارات مفتوحة على ضوء ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات للكنيست التاسع عشر الإسرائيلي وانعكاس تلك النتائج على المجتمع الإسرائيلي الذي يجنح للتطرف والدولة العنصرية وصولا للدولة اليهودية المتزمتة دينيا مع إمكانيات ألقدره في التأثير على توجهات الحكومة تجاه عملية السلام ورؤى الدولتين في ظل الأفكار الرافضة للدولتين والداعية للتوسع الاستيطاني وفكرة الضم هذه الأطروحات والأفكار وغيرها هي الآن موضع اهتمام من قبل كل المعنيين لدراسة انعكاسات ومستجدات ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الاسرائليه وانعكاساتها على مكونات المجتمع الإسرائيلي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت