ماذا تحتاج فتح!!!

بقلم: رامي الغف


برزت إلى الواجهة التنظيمية مجددا قضية تشكيل الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة بما لها من حسنات وعليها من مثالب، وربما تكون هذه المثالب والأخطاء التي ترافق كل عملية تشكيل هيئة قيادية جديدة واحدة من أهم الأسباب التي تدفع الجماهير الفتحاوية إلى التردد والحيرة والتفكير بجدوى هذه التشكيلات من عدمه.
نعلم جيداً أن القيادة فن وقدرة وفعالية وبراعة وهذه الصفات تلتصق بكثير من أبناء فتح المخلصين على وجه العموم وبالأخ المكلف الجديد أحمد "أبو النصر" على وجه الخصوص، فالرجل أينما وضع قدمه ينجز بما يقدر عليه، وبالتالي فهو يعتبر قيادة محبوبة لا يختلف عليها اثنين، ولكن الحمل الثقيل وضيق الوقت والأوضاع والأزمات المعقدة في فتح تحتاج إلى تفعيل "لجنه النخبة والقيادات والأسرى المحررين" وكل من لهم باع في ذلك، من أجل المساهمة مع القائد الجديد في تحقيق الأهداف المنشودة التي تنادي وتتبناها حركة فتح بالنمو والتطور والازدهار لديمومتها ولخدمة أبنائها، حيث أن من أهم واجبات هذه اللجنة إضافة إلى عملها بالتخطيط والتنفيذ، هو إيصال أفكار القيادة بكل بوضوح وشجاعة إلى الجماهير من إتباع ومحبين وأصدقاء وأبناء وجماهير وعناصر وكوادر فتح، من اجل إن يساهم الكل في تعميق الأفكار وتحويلها إلى منجزات تتحقق بها الأهداف، وذلك من خلال العمل وكأنهم في (بوتقة واحدة) أو فريق وطني واحد، لأن أسوأ مرحلة تمر بها الحركة الآن هي حالة الصراعات والتجاذبات وحالات الشك المزمنة وعمليات الإسقاط المتبادلة وتراشق التهم بين هذا الفريق أو ذاك " كما في العديد من الحالات كحالات التراشق الإعلامي والاتهامات بين أعضاء مجلس ثوري و أعضاء لجنة مركزية وملف تعينات 2005 للإخوة المناضلون، والحالة المتأزمة التي تمر بها فتح في تشكيلة القيادة العليا لإدارة أمورها في قطاع غزة وما تلاها من ردود أفعال من الفتحاويين، فهذه الأمور كلها تأتي في الوقت الذي تجد الحيرة والدهشة في فكر ونفوس الجماهير التي تحب فتح والتي كانت وما زالت تتوسم في قيادتهم الخير والأمل لبداية مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار والنمو لحركتهم بعد الطوفان الجماهيري المليوني على أرض سرايا غزة بذكرى الانطلاقة المجيدة الثامنة والأربعون.
ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد على أن القادة الذين لا تقدِر قيم الإخاء والتعاون والمحبة على أساس العدالة وتقدير العقول المبدعة مع الآخرين، وعلى أسس من الوطنية التنظيمية الصالحة فإنها بطبيعة الحال ستولّد حالة من العداء والاستعداء في صفوفهم، وبين منظوماتهم التنظيمية، لذلك على القادة والمسئولين الجدد أن يعوا خطورة المرحلة ويتركوا هذه الصراعات والمهاترات والمناكفات والانقسامات من أجل مصلحة فتح والفتحاويين.
هناك حقيقة لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهلها أو القفز عليها، إذا أريد لهذا الكيان الفتحاوي أن ينمو ويزدهر وينهض مجددا من كبواته وإخفاقاته، وإذا أريدت لجماهيرها أن تعيش بعزة وكرامة وأمن وأمان واستقرار وازدهار في ظلها، بعيدا عن الصراعات العقيمة والسياسات الضيقة الهوجاء، وهذه هي الحقيقة التي طالما تحدثنا عنها وأكدنا عليها في عدة مقالات سابقة، وهي أن تقدم المصالح الوطنية الفتحاوية العامة على المصالح الفئوية والعنصرية الضيقة.
فما تشهده حركة فتح في الوقت الراهن من مماحكات ومناكفات وتقاطعات واتهامات تنظيمية حادة وفي هذا الوقت بالذات، يبعث على الكثير من الأسف والأسى والإحباط والاستياء من أحرار وشرفاء فتح، صحيح أن واحدا من أبرز مظاهر الديمقراطية هو اختلاف الرؤى والمواقف والتوجهات تحت قبة المجالس والهيئات والدوائر الحركية المنتخبة " فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية "ولكن لابد أن يكون لذلك الاختلاف في حدود وسقوف، إذ من غير المنطقي ولا المقبول أن يكون مفتوح على كل الاتجاهات والمستويات وعبر وسائل الإعلام والملتقيات والمجالس والدواوين من هذا وذاك، لأن ذلك من شأنه أن يفضي إلى الفوضى والتشكيك وعدم الاستقرار في الحركة ونشر غسيلها للقاصي والداني، وهذا يعني الذهاب إلى أسوأ الخيارات، وكل ذلك ينعكس على عموم الجماهير الفتحاوية وعلى معنوياتهم ونفسياتهم التي أعيدت لها اعتبارها بعد مهرجان الانطلاقة، فبعد أن تتحول مؤسسات فتح بدوائرها وهيئاتها واتحاداتها، منابر وميادين للصراعات وتصفية الحسابات فيما بينهم، بدلا من أن تكون أدوات لتقديم ولتطوير العمل الفتحاوي ولخدمة جماهيرها ومستقبلهم، وإصلاح الواقع السيئ والتقدم إلى الأمام.
الآن على أحرار وشرفاء فتح وقادة ومسئولين وأصحاب قرار تنظيمي إضافة إلى الجماهير الفتحاوية سوى أن يرفعوا أصواتهم الجهورية وتشنيج عضلات وجوههم وأيديهم لإصلاح الواقع التنظيمي في فتح، فكفانا شعارات وتبريرات ومهاترات وتنطنات وعنطزات وشلليات وبلديات وعنصريات ومكابرات وفشخرات، و..و..و..!! فإنها متاجرة أثبتت خسارتها بحق "فتحنا"، كفانا وكفانا فقد ملأت خزعبلات البعض منا رؤوسنا بل وأوجعتها وصدعتها وأصبحت كل الأدوية المسكنة لا تنفع معنا، وأوصلتنا الى معدلات مخيفة من التخمة الشعاراتية، وأية زيادة ثقوا تماماً سوف تؤدي إلى تقيؤنا بوجوه كل من يسيء لفتح، فاحذروا على الملابس المترفة مخافة أن تتعكر، وتكونوا مضطرّين لعدم مواصلة المشوار.
لقد استطال صبرنا وصبر فتح علي المسيئين لها، وحلمها بهم، وانتظارها لهم، عليهم أن يدركوا قليلاً، ويعودوا إلى رشدهم، فيقطعوا مسلسل الاستنزاف الرهيب لكينونتها، ودمعها، وعرقها، ونضالها، وتضحياتها، والطعن الأخوي المستتر فيها، وأن يقلعوا عن عادة المتاجرة بالآهات الساخنة أو الباردة أو الدافئة، وحذلقة بيع الوعود الطازجة أو المجمدة أو التالفة، فما زالت فتح هي فتح وستبقى فتح هي فتح، لا يوقف جلدها غلواء المحنة، أجل ما زالت شاسعة كالأفق، ورحبة كالمدى، وفسيحة كالسديم، ما زالت بسخائها المعهود تهب، وتعفو، وتمنح، وتعطي، وتحب وتتجاوز، كما الشجرة المثمرة، بل المثقلة بالخير التي لا تزيد الراجمين إلا ثمراً، مهما تمادوا في الرجم، فاتحة ذراعيها لاحتضان الجميع، تحنو وتترفع عن الذاتية، ولا تجيد سوى مواصلة العطاء والعطاء بلا حدود، إلا إن البعض فيها رغم ذلك ما زالوا يواصلون الطعن في قلبها الكبير، فكفانا أيها الإخوة الفتحاويين الشرفاء استغفالاً لأنفسنا ولفتح، كفانا انغلاقاً وإعجاباً بفسيفساء أطروحاتنا الشخصية، كفانا تعليقاً لأخطائنا على شماعة غيرنا، ونستثني دائماً أنفسنا، كأننا معصومون عن الخطأ، وإن لم نجد فعلى شماعة الظروف المبيحة أذرعها لحمل كافة أنواع الأخطاء، طاعة وبكل رحابة صدر..!! ولكن مـن يصنع مـن؟! فالذي لا يقدر منا فليتنحّى جانباً، وليفسح المجال لغيره، فما خلقت لنا الرئاسة والمسؤولية، ولم ينزل بها من السماء صك بأسمائنا وعناويننا وعائلاتنا ومناطقنا وأقاربنا ومعارفنا ، بل خلقنا لها، والزمن لا يحتمل المزيد من التأجيل، ليخلق قائداً للضرورة جديد، فالفرصة ما زالت ملك إرادتنا.
يا شرفاء وأحرار فتح أخاطبكم بلغة العقل ولغة الحسابات البسيطة التي يفهمها أي مبتدئ في عالم السياسة عليكم باستفاقة ضمير واستفاقة غيرة وحمية وانتم تدعون حب فتح، وان صراعكم من اجل إنقاذها، وان كنتم كما تدعون فلنعمل جميعا ويداً بيد من اجل إنقاذ فتح من هاوية تنحدر إليها واقترح في هذا حل أراه مناسباً لإنقاذها وجماهيرها وأبناءها على أن

1- نعتبر أننا أمام بناء جديد يعتمد على ما أنجز خلال المرحلة الماضية نأخذ منه الجيد ونرمي السلبيات خارجا ووفق هذه النقاط القابلة للنقاش والتنقيح والإضافة والحذف.
2- دعوة الأطراف الفتحاوية الكبيرة إضافة إلى عدد من الأسرى المحررين والأكاديميين والاستشاريين والنخب في فتح إلى اجتماع عاجل يوضع له برنامج قوامه وعنوانه الكبير هو تخليص فتح من أزمتها المتفاقمة.
2- اعتبار المرحلة الماضية مرحلة مخاض طبيعي وكأننا مررنا بزلزال أو أي كارثة، وان يتقبل الجميع خسائرها ومآسيها على أن يكون القادم إرادة قوية تتجاوز المحنة وان يكون العمل لمنع أي خسائر جديدة مهما كان حجمها صغيرا.
3_ العمل على تشكيل لجنة نخبوية كمجلس استشاري من الإخوة الذين لهم في فتح اكثر من ثلاثة عقود ومن الحكماء وذوي الخبرة والكفاءة المشهود لهم دائمة بالنزاهة والعلم وأن تكون مختارة بعناية فائقة ومتفق عليها من قبل الكل الفتحاوي تكون مهمتهم وضع أسس متينة إصلاحية ترسخ مبدأ اتفاق قوامه أن فتح لكل الفتحاويين وليس عليهم سلطان.
آن الأوان، لأن نضع فتح ، وليس أنفسنا نصب أعيننا أجل فتح وحدها، لأنها تستحق فعلاً، ونتجرد من كل الألقاب والمسمّيات والانتماءات.. و.. و.. و..!! سوى فتح، لنعيد لها نقاء صباحاتها، واشراقة شمسها، وعذوبة مائها..
لنعيد كركرات زهراتها، وفرح أشبالها، وابتسامات مناضلوها..
لنعيد لها روحها التي أنهكها الانتظار وجسـدها الذي مزّقه القلق.
وأخيراً أقول لكم يا شرفاء فتح، إن الأمل ما زال موجود، والعمل هو المطلوب، ومعاً وسوياً حتى تحقيق الهدف المنشود، بتمتين وترتيب البيت الفتحاوي الكبير.



الإعلامي والمفوض السياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت