عادة ما تكون الانتخابات البرلمانية في دولة الاحتلال محط اهتمام الكثير من دول العالم، وخاصة في المنطقة، وهي كذلك عادة بالنسبة الى الجانب الفلسطيني، حيث نتائجها ذات اثر اكبر بالنسبة الى هذا الطرف.
ربما اختلفت هذه النظرة فيما يتعلق بالانتخابات الأخيرة بالنسبة الى الجانب الفلسطيني، بحيث لم تنل الاهتمام الذي عادة ما تناله، وقد يكون لذلك أسباب عديدة من أهمها أن النتيجة كانت "محسومة" بفوز اليمين الصهيوني، وأن لا فرق يذكر بين الأطراف المتنافسة في تلك الانتخابات فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، كما ان التجارب الماضية أثبتت ان الجانب الفلسطيني و كل ما يتعلق به، لم يكن سوى موضوعا لتنافس أسود غير نظيف بين الكتل والأحزاب المتنافسة.
ولم يكن موضوع التنافس على من يقوم بإيذاء الجانب الفلسطيني غائبا في العملية الانتخابية الأخيرة، ومن غيب هذا الموضوع من بين تلك الأطراف فلأنه صار يعتقد بان هنالك أولويات هي بالضرورة أهم من الالتفات الى هذا الموضوع، ومن هنا باتت الشعارات لديه تنصب على المواضيع التي تهم الحياة اليومية لجموع المستعمرين في دول الكيان.
وقد يكون "النجم" الصاعد في الانتخابات الأخيرة والمتمثل في قائمة "يش عتيد" "يوجد مستقبل" أو "هناك مستقبل" والتي يتربع على رأسها الإعلامي الصهيوني المعروف يائير لبيد، هو من حاز على اهتمام جميع المهتمين بالمشهد في دولة الاحتلال، وصار محل تنافس بين جميع الكتل المشاركة في الانتخابات وفي المقدمة بنيامين نتانياهو.
كما تردد بان الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيقوم بدعوة لبيد الى رام الله للاجتماع به لمناقشة الأوضاع بين "الشعبين" والبحث عن طرق للوصول الى حل سلمي بين الطرفين المتصارعين.
التعامل مع أي من قادة كيان الاحتلال ومحاولة قيام الجانب الفلسطيني بالتعامل مع يائير لبيد على أساس انه "حمامة سلام"، ليست سوى محاولة لوضع الرؤوس في الرمال ومحالة للتعامي عما يحمله برنامج الرجل من مواقف معلنة ثابتة فيما يتعلق بسياسة المستعمرات غير الشرعية في الأراضي المحتلة.
برنامج يائير لبيد لا يختلف عن برامج كافة الأحزاب الصهيونية المتطرفة فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فهو يقول وبدون مواربة، انه مع الإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبرى ومع ضمها الى دولة الكيان، كما ان موقفه فيما يتعلق بالقدس المحتلة لا يختلف عن أي من الأحزاب المتطرفة، حيث يؤكد على ان لا تقسيم للقدس وانها العاصمة الأبدية لدولة الاحتلال.
كما انه رفض التعامل مع حكومة يمكن ان تكون النائب حنين زعبي على علاقة بها، وهذا يعني رفضا لعرب فلسطين الذين يتم التعامل معهم على أساس من التمييز العنصري البغيض والذي يشهد عليه الأعداء قبل الأصدقاء.
الترحيب بيائير لبيد أو سواه ممن يشجعون على استمرار الاستيطان وعدم الانسحاب من المستعمرات سواء الكبرى او الصغرى، والذين يدعون الى إبقاء القدس العربية تحت الاحتلال واعتبارها عاصمة أبدية لدولة الكيان العنصري، ليس سوى قفزة أخرى في الهواء لن تثمر عن شيء، ومن هنا فان الدعوة التي قيل انها وجهت او انها سوف توجه للرجل ولسواه، لن تكون سوى محالة أخرى فاشلة للتواصل مع قيادات ترفض أصلا الاعتراف بكل ما هو فلسطيني لا بل وترفض الوجود الفلسطيني من أساسه.
دولة الكيان العنصري قامت على أسس ومبادئ وأهداف يعلمها العالم، وعليه فان إدارة الظهر لتلك الأسباب التي قامت عليها هذه الدولة المارقة تعتبر محاولة لخداع الذات.
أخيرا، ان قادة الكيان العنصري بغض النظر عن توجهاتهم المعلنة، يمينا او يسارا او وسطا او تطرفا، يبغون الوصول الى هدف واحد وحيد، منع إقامة دولة فلسطينية و السيطرة على فلسطين كاملة، ومن ثم على المنطقة العربية بالسبل الاقتصادية والثقافية وغيرها، وعلى العربي بشكل عام، والفلسطيني بداية ان يدرك هذه المعادلة عند أي محاولة للاتصال او التواصل مع هكذا رموز لا يجسدون سوى العنصرية والاستعمار والتطرف والعنجهية المستندة الى منطق القوة والدعم غير المحدود لقوى الهيمنة وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية.
إشارة: خلال الكلمة التي ألقاها وزير خارجية فلسطين قبل يومين احتجت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية سوزان رايس على اسم دولة فلسطين الموجودة على المقعد الذي يجلس عليه الوزير الفلسطيني على أساس ان أميركا لا تعترف بالدولة الفلسطينية، وعليه فلا يجوز ان توضع مثل هذه التسمية على المكان المخصص لفلسطين.
25-1-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت