لم تكن نتائج الانتخابات الصهيونية بشيء جديد ، فالصهاينة يتنافسون دائما على أيهم أكثر عداءً للشعب الفلسطيني ، فلا يسار ولا يمين ولا وسط ، فالكل صهاينة ، والكل قادم إلى أرضنا ليقتلعنا منها ، فصراعهم معنا صراع وجود لا صراع حدود ، وهم يرون في كل ما نمارسه من أجل نيل حقوقنا عملٌ إرهابي ، لأنهم لا يعرفون السلام إلا من خلال تجريدنا من حقوقنا ، وخاصة الاستمرار في بناء المستوطنات فوق أرضنا ، وهم من أجل قضم أراضينا يهدمون بيوتنا ويقتلون أبناءنا وبناتنا ، لا يريدون لنا العيش على أرضنا ، يمارسون الإرهاب بكل أشكاله ، ويتهمون الآخرين بالإرهاب ، ومن أجل ذلك تنافسوا في انتخاباتهم على تمسكهم بأنّ هذه الأرض أرضهم ، فلذلك كانت عناوينهم الحزبية تؤكد على ذلك ، من الليكود – بيتنا إلى اسرائيل بيتنا إلى البيت اليهودي ، ومن أهم ما يميز السيساسة الداخلية الصهيونية أنهم متغيرون غير ثابتين ، فالأحزاب والحركات السياسية الصهيونية تتوالد باستمرار ، المهم أن يكون كل واحد منهم جندياً صهيونياً ناجحاً في خدمة مشروعهم الصهيوني ، كما لا يعيبهم التنقل من حزب إلى حزب ، أو الانشقاق من حزب لتكوين حزب جديد ، وهذا يولد لديهم حركة نشطة في العمل السياسي بكل أبعاده ، كما أنهم لا يهتمون بالموقع الذي يكونون فيه خدمة لعقيدتهم الصهيونية ، فلا فرق لباراك أو نتنياهو أو ليفني أو أي شخص آخر إن كان رئيساً للحكومة وأصبح في حكومة لاحقة وزيراً ، فكرسي المنصب ليس الاهتمام الأول لديهم ، على عكس ما نجده على ساحتنا الفلسطينية ، حيث نعتبر الخروج من التنظيم والفصيل انشقاقاً وعملاً مشيناً بحق من يمارسه ، وهم كلما اختلفوا فيما بينهم سارعوا إلى الانتخابات لحسم اختلافاتهم أو على الأقل للانتقال من ساحة الاختلاف إلى ساحة الوفاق ، بينما نحن إذا ما اختلفنا فيما بيننا فإننا ننتقل إلى ساحة الصراع والاقتتال ونهرب من اللجوء إلى الانتخابات ، وكأنّ الانتخابات مقتلنا ، بينما يرى الصهاينة في الانتخابات تطهيراً لهم من مساوىء مرحلة سابقة ، فكم نحن بحاجة ماسة لنتعلم من عدونا بأنّ الاختلاف حق ولكن الخلاف باطل .
كما أنّ الصهاينة يرون في كل عمل يمارسونه على الأرض ويخدم مشروعهم الصهيوني هو عمل مشروع ، فكل الممارسات العدائية ضد الشعب الفلسطيني هو عمل مشروع لأنه يجسد حقيقة المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على الأرض ، وما دام كذلك فهو ليس إرهاباً في منطقهم ، ولا يستحق تدخلاً أممياً لحماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الصهيونية اليومية ، وهروباً من ممارساتهم اليومية ضد الشعب الفلسطيني يطل علينا شيمون بيريز من دافوس ليطالب الأم المتحدة بإرسال قوات دولية لاحلال السلام في سورية ، أمّا السلام على أرض فلسطين فهو آخر ما يفكر به الصهاينة ، ومن المؤسف حقاً أن نجد أطرافاً عربية تتوافق مع مطلب شيمون بيريز متجاهلة حقيقة ما يمارسه بيريز على الأرض الفلسطينية ، فمن الذي يهدد السلم والسلام في المنطقة ، ما يجري في سورية أم ما يجري في فلسطين ، وإن كان الذي يجري في سورية خطيراً إلى الدرجة التي سوف ينعكس على المنطقة سلباً ، ولكن ليس بحجم خطورة المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تدمير البنية التحتية في المنطقة العربية كلها .
فهل نتعلم نحن الفلسطينيين خاصة من عدونا فيما نحارب به عدونا وفيما نزيد من لحمة ووحدة شعبنا ، أم نتجاهل واحداً من أهم أسباب قوة عدونا ، الاختلاف فيما بيننا حق ولكن الوطن والقضية فوق كل اختلافاتنا ، فلنذهب إلى صندوق الانتخابات إذا كنا جميعاً نملك الجدّية في حماية المشروع الوطني الفلسطيني الذي عنوانه اليوم تجسيد دولة فلسطين تحت الاحتلال .
حمص في 26/1/2013 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت