استعادة منظمة التحرير الفلسطينية

بقلم: إيهاب يوسف أبو منديل


شكلت منظمة التحرير الفلسطينية على مدار أكثر من أربعين عاماً الحاضنة السياسية لميلاد وتطور الشخصية الوطنية المستقلة للشعب الفلسطيني، وصمدت أمام محاولات المحو والتبديد وظلت إطاراً مرجعياً وتمثيلياً لكل الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي الشتات، بفضل رصيدها الكفاحي المقاوم من جهة، وحصولها على الاعتراف العربي والدولي بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من جهة أخرى.

ما من شك أن الاستغناء عن صيغة منظمة التحرير التمثيلية هو اعتداء على المؤسسة السياسية ونكران للذاكرة الوطنية، فهي ليست إطاراً تنظيمياً جامعاً للعمل الوطني فحسب، بل وطن سياسي انتقالي ومصدراً قوياً من مصادر الكفاح الوطني حافظت على وحدة الشعب الفلسطيني.

إن الحاجة إلى المنظمة هي حاجة حيوية وتاريخية وسياسية ووطنية من أجل الدفاع عن وحدة الأرض والشعب والقضية أمام المحتل الذي لا يألوا جهداً في تشتيت الشعب وتجزئة القضية، وقد أصبحت الحاجة ملحة لاستعادة دور المنظمة، لأن الظروف التي بررت وجودها والمتمثلة في تحرير الأرض الفلسطينية لازالت ماثلة.

أعتقد أن هناك ثلاث إشكاليات تواجه مسألة استعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها التاريخي وهي:

الأولى هي إشكالية الهوية و البرنامج، وهي التي تشكل الخلاف الجذري في المواقف بين الفصائل وما زالت، ويمكن طرحها من خلال النقاط التالية:
- البرنامج السياسي وجدلية المقاومة والتسوية والعلاقة بينهم.
- تعريف وتحديد معنى التمرحل في النضال الوطني والتوافق على محددات وضمانات لعدم اختراق وتجاوز هذا المعنى المتفق عليه.
- طرح العلاقة بين الإستراتيجية الوطنية الشاملة للتحرر الوطني وعلاقتها بالبرنامج المرحلي.
- علاقة البرنامج المرحلي الوطني (دولة على حدود 1967) بتحرير كامل فلسطين.

الثانية تتمثل في إعادة هيكلة مؤسسات المنظمة ودخول كل التنظيمات إليها وهو ما تتفق عليه جميع التنظيمات مع اختلاف حول الوسائل والآليات.

الثالثة، إعادة إصلاح المنظمة المؤسسي والبنيوي، بحيث يتم تفعيل مؤسساتها، عن طريق الانتخابات أو في حال تعثر إجرائها بطريقة توافقية وهي موضع شد وجذب بين الفصائل الفلسطينية.

على كل حال، أطرح مجموعة من القواعد والأسس التي أري أن عملية الإصلاح يجب أن تشملها:

- إعادة الاعتبار للميثاق الوطني من خلال التأكيد على أنه ضد المشروع الصهيوني، وتوافقه مع الحقائق التاريخية للقضية الفلسطينية، وبحيث لا يعود هذا المشروع أسير للخلط بين التكتيك والإستراتيجية بين ما تقضتيه المرحلية النضالية وهدفها المرحلي وبين الحقائق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني.
- التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية، كإطار جامع للفلسطينيين وكقائدة لثورة الشعب الفلسطيني, سواء من ناحية البرنامج الوطني الموحد أو الهيكلية البنيوية الفاعلة.

د. إيهاب يوسف أبو منديل*
• باحث في العلوم السياسية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت