لقد تحدثت وسائل الاعلام والعديد من مواقع على الانترنت خلال العام الماضي عن البدء بعملية التسهيل لتسجيل الفلسطينين بمخيمات اللاجئين والشتات، كذلك تخرج اليوم العديد من المواقع على الانترنت تتحدث عن البدء بعملية التسجيل، واستثناء مناطق واحتمالات اجراء الانتخابات بمناطق اخرى، مع التاكيد من خلال الاخبار المتناقلة على جهوزية كافة التحضيرات، رغم ان حق الانتخاب والتسجيل ليس حدث اليوم وانما العديد من الاوساط الفلسطينية تتحدث عنه منذ عام 2002/03، حيث مشروع كيفيتاس الذي تبنته الدكتورة كرمة النابلسي والذي لاقى معارضه واسعة بوسط المهتمين بهذه الجانب ما زال يتفاعل بطريقة واخرى.
ان البدء بالحديث عن عمليات التسجيل قبل اجتماعات اللجنة المكلفة بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ما يؤشر على ان هناك نوايا اخرى غير واضحة اهدافها او غير معلنة، وهذه الشائعات التي تخرج من هنا او هناك هي بالاساس لجس نبض الشارع وردود فعله، حيث ينوي اصحاب الشائعات لمعرفة حجم ردة فعل الجمهور الفلسطيني للخطوات القادمة التي تنوي القيام بها.
ان يتم اختزال القضية الفلسطينية ومرحلة النضال الفلسطيني بانتخابات هنا وهناك، حيث الساحة الفلسطينية وجماهير الشعب الفلسطيني لا امامها اي موضوع اخر الا انتخابات البلديات، انتخابات التشريعي، انتخابات الرئاسة، انتخابات اعضاء المجلس الوطني، رغم ان هناك قضايا كبيرة وهامة اكثر من قضية الانتخابات التي يحاول البعض ان يصورها، قضايا لها علاقة بالتحرير وكرامة الانسان الفلسطيني، وان استمرار الحديث عن الانتخابات هو اعادة ادارة الفشل بطريقة اخرى، اعادة انتخاب رموز الفشل بطريقة اخرى واعطائها الشرعية.
ان التمسك بالانتخابات هو حرف انذار الشعب الفلسطيني عن همومه وعن القضايا المصيرية التي تواجهه، فكيف ستكون هناك انتخابات بوطن ليس لنا عليه سيادة؟ وهل الفصائل الفلسطينية عامة قادرة على معالجة كافة التناقضات والازمة التي تمر بها م. ت. ف؟ فالجميع يعرف ان الازمة ليست بالمنظمة فقط، وانما بالفصائل الفلسطينية عامة، فتناقضات الفصائل عكست نفسها على المنظمة، وان ازمة المنظمة هي اصلا ازمة الفصائل الفلسطينية، وان الحل والمعالجة بالاساس تبدأ من فصائل ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي تشكل القاعدة الاساسية لها.
فمنظمة التحرير الفلسطينية هي مطالبة بالاجابة على العديد من الاسئلة المهمة التي لها علاقة بطبيعة الصراع الدائر مع الكيان الصهيوني، فكيف ستجيب المنظمة اذا كان كل فصيل على انفراد غير قادر للاجابة عليها، حيث الخلافات والاختلاف على اشكال النضال مع هذا الكيان تعصف بالقوى الفلسطينية وتهدد وحدتها وتماسكها، والتي تترك بصماتها على منظمة التحرير الفلسطينية.
اول ما يمكن ان تلعبه القوى الاساسية التي تتحث عن اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية هو اعادة بناء ذاتها والحفاظ على تماسكها ووحدتها، ولا يجوز لهذه القوى ان تصدر ازمتها الى منظمة التحرير الفلسطينية، فتحرير فلسطين لا يتم من خلال مئتين او الف ممثل يتم اختيارهم بطريقة انتقائية او انتخابية، فانجاز التحرير مسيرته شاقه وعسيرة، وانجاز عملية التحرير تتم من خلال تضحيات جسام تقدمها طلائع من الشعب الفلسطيني.
ان اي انتخابات للمجلس الوطني لن تفرز الا نفس الافراد وانما باسماء اخرى، لا يصل الى راس هذه المؤسسة المناضلين والفقراء والكادحين، وانما سيصلها الاغنياء واصحاب رؤوس الاموال والانتهازيين وغيرهم.
المواطن الفلسطيني والانسان البسيط عندما تحدثه عن الحوارات والاتفاقات بين الفصائل الفلسطينية والايجابيات التي تنتج عن هذه اللقاءات يكون رده البسيط: "الله يوفقهم ان شاءالله يتفقوا"، يقولها كأنه ليس له علاقة بالموضوع، وان القضية لا تهمه، فالساحة الفلسطينية تخلوا من اتفاق على تفعيل مؤسسة جماهيرية واحدة، كلها مصابة بالشلل التام وتعصف بها الخلافات الحادة والانقسامات والانشقاقات.
هل ممثلي الفصائل الفلسطينية المتحاورة سألوا انفسهم اذا تجمعات الشعب الفلسطيني بالشتات التي ستمارس الانتخاب ستلتزم بما يتم الاتفاق عليه؟ ام ان الفصائل الفلسطينية المتحاورة ستحاول ان تتغلب على العقبات التي تعترض المتحاورين لأختيار ممثلي الشعب الفلسلطيني من خلال التوافق؟ وهل المتحاورين ستكون لهم سلطة وسيادة على الشعب الفلسطيني بتجمعات الشعب الفلسطيني بالشتات؟ وهل المتحاورين الفلسطينينون والامناء العامون يعرفون ان الشعب الفلسطيني اليوم ليست عنده مؤسسات جماهيرية وان المؤسسات الغير حكومية حلت محلها؟
امل من الامناء العامين والمتحاورون الفلسظينيون ان يعالجوا ازمة الساحة الفلسطينية وتناقضاتها بما يضمن بناء المؤسسات الجماهيرية الفلسطينية، وان تعمل كافة القوى الفلسطينية على معالجة ازمتها الداخلية والتغلب على كافة التناقضات التي تمر بها هذه الاحزاب وتحافظ على تماسكها ووحدتها، قبل الاقدام على اي خطوة باتجاه منظمة التحرير الفلسطينية، لان تكرار الفشل يزرع مزيدا من اليأس والاحباط والتفكك.
جادالله صفا – البرازيل
07/02/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت