كونوا على قدر المسؤولية

بقلم: صلاح صبحية


هل ما يجر ي فلسطينياً في القاهرة هو خلية نحل ، أم مجرد جعجعة لا نرى منها طحناً ، فقد سبق وأن التقى الفلسطينيون في القاهرة وما ازدادوا إلا تفرقاً وتباعداً ، فهل تعلموا الدّرس من ربيع عربي أنتج خريفاً قاتماً ، أم أنهم ما زالوا على العهد بألا يتفقوا أو يتوافقوا ، وهل تعلموا الدّرس المستمر من عدوهم الصهيوني بأن الصهاينة مهما اختلفوا فهم متوحدون ضدنا ومتفقون على شطبنا من خارطة المنطقة العربية ، كما أنّ الشارع الفلسطيني لم يدخل الأمل قلبه ولم يدخل اليقين عقله بأنّ ثمة دخان أبيض فلسطيني سيخرج من برج القاهرة مبشراً بالتوافق الفلسطيني على أرض فلسطين ، وأيا كان انعكاس صورة المشهد الفلسطيني في القاهرة على الشارع الفلسطيني ، فإنّ المسؤولية الفلسطينية التي يتحملها المجتمعون في القاهرة هي مسؤولية تاريخية في وضع تاريخي حرج للمنطقة العربية ، وإذا لم يتخلص مجتمعو القاهرة من مصالحهم الشخصية والفصائلية ويرتقوا إلى مصلحة الوطن والشعب والقضية ، فإنهم يأكدون ما قيل بهم بأنهم أسوأ قيادة لأعدل قضية .
لم يعد مطلوباً اتفاقات جديدة ، بقدر ما هو مطلوب تنفيذ اتفاقات سابقة ، وبقدر ما هو مطلوب الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة ، هذا الانتقال الذي يتطلب موقفاً جريئاً من الجميع ، وأول المطالبين بالموقف الجريء حركة " فتح " باعتبارها حركة تحرر وطني فلسطيني أولاً ، وباعتبارها قائدة وحامية المشروع الوطني الفلسطيني ثانياً ، فهل تملك حركة " فتح " الجرأة اليوم وبعد الانجاز الفلسطيني في الأمم المتحدة باعتبار فلسطين دولة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن تضع على طاولة النقاش والحوار الفلسطينية في القاهرة مشروع بناء مؤسسات دولة فلسطين ، وأن تسدل الستارة على مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية التي انتهت مرحلتها ، أم أننا لم نقتنع بعد بحقيقة ما أنجزناه في الأمم المتحدة ، علماً بأنّ هذا الإنجاز التاريخي لن يجسده الآخرون لنا على الأرض ، بل سيمضي الآخرون إلى عدم تشجيعنا على إنجازه ، فلذلك نرى بعض الجهات الدولية تعمل على إعادة الصهاينة والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات بعيداً عن ذاك الإنجاز الفلسطيني ، بل وبعيداً عن متطلبات المفاوضات بعد تقرير مجلس حقوق الإنسان بشأن الاستيطان الصهيوني في أراضي دولة فلسطين المحتلة ، فهل نحن جادون بتنفيذ المصالحة ، وتحقيق التوافق إن لم يكن الاتفاق ؟
وأمام ما يجري للمخيمات الفلسطينية في سورية الشقيقة ، على القيادات الفلسطينية المجتمعة في القاهرة أن تدرك جيداً بأنّ القضية ليست قضية أمن وسلامة المخيمات في سور ية وحسب ، بل القضية أكبر من ذلك بكثير ، القضية هي المحافظة على المخيم الفلسطيني بما يمثله من عنوان للقضية الفلسطينية والتي جوهر وجودها اللاجئين الفلسطينيين ، وهذه القضية أكبر من إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، لأنّ القضاء على المخيم الفلسطيني بدءاً من مخيم تل الزعتر ، إلى مخيمي صبرا وشاتيلا ، إلى التخلص من اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، إلى مخيم نهر البارد ، إلى مخيمات اليرموك والحسينية وحندرات والنيرب ، هو قضاء على الركن الرئيس في القضية الفلسطينية ، فحذار أيها المجتمعون في القاهرة أن تغفلوا عن قضية المخيمات الفلسطينية ، لأنه لن تكون أية قيمة لما تنجزونه بعيداً عن محافظتكم عل المخيم الفلسطيني الذي انطلقت منه الثورة الفلسطينية المعاصرة ، والذي دفع الثمن غالياً من أجل أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا العربي الفلسطيني .
حمص في 9/2/2013 صلاح صبحية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت