انتخابات الانقسام الفلسطيني

بقلم: باسل خليل خضر

يقتنع المواطن بعد تجربة الانقسام الفلسطيني ان هناك حلم قيد التحقيق, فقد توصلت الاتفاقات حول المصالحة الى اعلى مراحلها وافضل ظروفها وامس الحاجة اليها والاكثر اقتراب بين الاحزاب وقبول بعضهم, واصبح الانقسام قضية تسيء للفصائل, واصبح تحقيق المصالحة اوفر حظاً من أي وقت اخر, كل ذلك يعتبر مكسباً للشعب الفلسطيني, ولكن هناك بعض الامور الخطيرة التي يمكن ان تفجر الانقسام من جديد, مثل قضية الانتخابات فهي امر في غاية الخطورة لان الانهزام في الانتخابات قد يؤدي الى نتائج غير مقبولة.
حماس قبلت بالمصالحة وفتح اصبحت اكثر ليناً, ولكن هذا نتيجة الظروف التي هيئت الى هذا التقارب, ولكن هل سيستمر هذا التقارب بين الفصائل ام سيتجدد الى اعمق من ذلك نتيجة الانتخابات, نحن شعب ما زال تحت التحول الديمقراطي ونحن نفتقر الى اسس الاختلاف الصحيحة بين الاحزاب, فإذا ما كنا معارضين يتزامن مع ذلك الرغبة في فناء الاخر عن الوجود, فثقافة الفناء ستفجر الانقسام من جديد, والذي سيفجر النزعة الى إفناء الاخر هي الانتخابات الفلسطينية.
اذا ما تمت الانتخابات على اسس الاختلاف الصحيحة وهزمت حماس هزيمة كاسحة في الانتخابات, أليس بذلك قادر على ان يفجر الانقسام من جديد؛ اكثر من ذلك لن يفرح ابناء فتح بالفوز فرحة عادية, وانما ستكون فرحة الفناء والاقصاء والانتصار وفرحة الانتقام لما تلقوه من فرحة مماثلة عندما فازت حماس. اليس ذلك بقادر على ان يعيد الانقسام؛ اكثر من ذلك سيتلقى ابناء حماس الهزيمة وهم الاقوى وهم من قبلوا بفتح هم القوة الفعلية على الارض, "لم يوجد على الارض من ينفينا عن الوجود", هذه العبارات ستنتشر في ربوع الفصيل المهزوم, اعتقد ان ذلك قادر على ان يعيد الانقسام مرة اخرى.
حماس تصر على ان تكون الانتخابات 75% نسبي و 25% دوائر, هذا غير ان كل الفصائل تقر على ان يكون 100% نسبي, يجب ان تأخذ حماس ما تريد, حماس فصيل يرى نفسة بانه قوي في نظام الدوائر, وحفاظاً على المصلحة الوطنية لا يجب ان تهزم حماس في الانتخابات, يجب ان تكون النسب متساوية بين الفصيلين, وانا باعتقادي ان 25% دوائر ستحقق لحماس الاقتراب من فتح في نتيجة الانتخابات, ولكي تدوم المصالحة لايجب ان تكسح الانتخابات فتح, فتح وحماس سعت كثيرا للمصالحة وارى انه اكمالاً لهذا السعي الكبير يجب ان تتنازل الفصائل لحماس في مطلبها هذا, فمسألة اعادة الانقسام بعد الانتخابات ليس تنظير وتوقعات بل هي امر واقع ومن لايؤمن به يكون لم يعيش حالة الانقسام.
ارى ان تعقد الانتخابات بعد عامين من الان, يجب ان تشكل حكومة وحدة وطنية وتستمر هذه الحكومة في الحكم لمدة عامين ويكون هدفها تحقيق مصلحة الوطن, ففي هذه الفترة سوف تذوب النعرات الحزبية, وسوف تؤسس ثقافة جديدة مبنية على اسس الاختلاف الصحيح, هذا ان عملت الحكومة الى زرع هذه الثقافة في هذه الفترة, يجب ان تعطى الاحزاب الفرصة في اثبات نفسها للمواطنين ويمكن ان تظهر احزاب جديدة خلال العامين تثبت كفاءتها للمواطنين ويصبح في ميزان الفصائل احزاب جديدة تشكل ضغط على حماس وفتح, وبذلك يمكن للمصالحة ان تستمر.
يجب ان تستمر مصالحة اجتماعية وثقافية وايديولوجية في فترة العامين, وتؤسس لدى المواطنين رؤية كاملة موحدة عليا, رؤية اعلى من ما تراه الاحزاب ويجب على كل فكر او ايديولوجية حزبية ان تكون ضمن او تحت اطار هذه الرؤية الوطنية العليا, فهذه مهمه حكومة العامين, فيجب ان تعسى بكل قوتها الى انشاء رؤية وطنية عليا, وانا متأكد ان ذلك يحتاج اكثر من عامين, ولكن يجب ان تضغط نفسها الحكومة لتحقق هذا الهدف خلال عامين, فمدة عامين مناسبة للمواطنين الذين يريدون ان يعبروا عن آرائهم ومناسبة للأحزاب الاخرى التي تريد ان تشارك في الحكم او في المراقبة على الحكم.
في النهاية يجب ان نتجاهل الاخطاء التي يمكن ان تقتل المصالحة, ويجب ان نؤسس المواطنين على ثقافة الاختلاف وقبول الاخر, فهذه هي القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أي لحظة, فنحن يجب ان نعترف اننا نعاني من ثقافة اختلاف مشوهة وغير صحيحة ويشوبها المرض, وفي أي لحظة تنفجر والانتخابات ستكون "القشة التي قسمت ظهر البعير", نرى انه يمكن التعامل مع الانتخابات بثقافة ارقى من ذلك, والمصلحة الوطنية يجب ان تكون فوق كل الخلافات.

أ/ باسل خليل خضر
ماجستير علوم سياسية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت