لا خلاف من حيث المبدأ أن المشاركة السياسية هي حق طبيعي لكل أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية كفله الدستور، وهي محصلة لجملة من العوامل المعرفية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأخلاقية، تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي وسماتهما وآليات اشتغالهما، وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة التي باتت معلم رئيسي من معالم المجتمعات الحديثة للمساهمة في صنع القرار، وباعتقادي أن الانتخابات العامة هي جوهر النضال المدني، وعليه فإن الانخفاض في المشاركة بالتسجيل في سجل الناخبين، واستنكاف العديد من الجمهور عن التسجيل ونية مقاطعة الانتخابات العامة القادمة بحجج الظروف الحالية وحالة الانقسام القائمة والخلافات القائمة بين أبناء الحزب الواحد واليأس والإحباط المسيطر نتيجة تراكمات من هنا وهناك والشعور بأن الانتخابات لم تسهم في تحسين ظروف معيشتهم هي مظاهر مقلقة وتحتاج إلى معالجات سريعة من قبل الكل الفلسطيني وخاصة المجتمع المدني الذي عليه دور كبير في توعية الجمهور وإعادة بناء الثقة بين الناس، وهكذا فإن الجمهور الذي يشعر بأن الأحزاب والسلطة ينبذانه، لا يرى نفسه ملزماً بالمشاركة في الانتخابات، وبالتالي تعاظم السجال بين أنصار المشاركة من عدمها، وبديهي أن كل القوائم المشاركة تدعو عناصرها وأنصارها وعامة الجمهور إلى المشاركة بقوة في تحديث بياناتهم والتسجيل في السجل الانتخابي تمهيداً للانتخابات، على قاعدة أن كل صوت له قيمته وتأثيره على نتائج الانتخابات العامة، ولا نغفل دور القوي الوطنية والإسلامية والمؤسسات الأهلية والمبادرات الذاتية لتحفيز الجماهير على المشاركة في عملية التسجيل في السجل الانتخابي.
يمكن القول اليوم أن خيار المشاركة قد أثبت جدارته في العديد من الدول، فالجماهير هي جزء لا يتجزأ من مجتمع الدولة وتسهم في مختلف المجالات، وتثري الديمقراطية وتشكّل تحدياً محفزاً لها، ولهذا من الطبيعي أن تجد التعبير السياسي الذي يعكس وزنها في مجتمع الدولة، وبنظرة شاملة يتبين أن الجماهير الفلسطينية وبفضل نضال شعبي ومدني وقانوني وسياسي حققت انجازات هامة في مجالات الحياة المختلفة، ولذلك فلا بديل ناجع للجمهور الفلسطيني سوى النضال المدني الذي يتطلب طول النفس لمواصلة النضال نحو التغيير المطلوب، فحالة اليأس هي بمثابة ترف لا يمكن للمواطن الفلسطيني المناضل المقاوم والمجاهد أن يتيحه لنفسه، بينما المشاركة الواسعة للجماهير الفلسطينية في التسجيل في سجل الناخبين هي خطوة نضالية تصب في الصالح العام ومقدمة نحو معالجة كل جوانب الخلل، وتحقيق الإصلاح الوطني الشامل والحقيقي، ليكون شعبنا أقدر على الصمود في مواجهة الاحتلال، واستجابة لنبض شعبنا ورغبته وحرصه على مشاركة الجميع في عملية تغيير الواقع السياسي الفلسطيني.
فالمواطن الفلسطيني مدعو للخروج للمشاركة في التسجيل في السجل الانتخابي وهو حق طبيعي له من أجل إثبات قيمته الحقيقية الفاعلة لحقوق المواطنة في مجتمعة نحو البناء والتطوير والتقدم إلى الأمام، فالاستنكاف يعني الهزيمة والرضوخ للأمر الواقع وانتصارا لأعداء المواطنة الصالحة.
بقلم: رمزي النجار
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت