ان عملية الاغتيال السياسي التي طالت القائد شكري بلعيد تفتح مجالات الصراع السياسي الدائر والمحتدم في تونس بين قوى الإسلام السياسي الحاكم "النهضة"وحلفائها من السلفيين المتشددين من جهة،وبين القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية من جهة أخرى، على أوسع أبوابه وأكثر من إحتمال وسؤال تنتظر الرد والإجابة عليها بعد جريمة الاغتيال السياسي للقائد اليساري البارز شكري بلعيد،حيث ان حكومة النهضة متورطة فيما يجري من عنف وتحريض،فهي التي شكلت عصابات ما يسمى برابطة حماية الثورة"والتي تمارس كل أشكال القمع والتنكيل،بكل من هو معارض لحزب النهضة وسياساته،فلا اعتقد أن هناك حالة من الصلح والسلم الأهلي ستسود في تونس،وخصوصاً اذا لم يجري الكشف عن قتلة القائد الشهيد شكري بلعيد،فزوجة القائد الشهيد السيدة بسمة الخلفاوي وحزب الاشتراكيين الديمقراطيين،وجهوا اتهامات مباشرة للحكومة وحزب النهضة بقتل زوجها وقائدهم بلعيد،والذي جرى اكثر من مرة تهديده بالقتل على خلفية نضالاته ومواقفه السياسية،ومناهضته ومعارضته للنهضة وسياساتها،وحلفاءها من الجماعات السلفية المتشددة.
واضح جداً بعد وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في أكثر من دولة عربية،ان تلك الأقطار العربية التي تحكمها قوى الإسلام السياسي المتمسحة بالدين،الأوضاع ستنفجر فيها على نحو واسع،حيث تلك القوى متسلحة بفكر إقصائي،انغلاقي،لا تؤمن ولا تعترف لا بالتعددية ولا بالحريات الاجتماعية،تريد السيطرة والاستحواذ على كل مفاصل الدولة وقطاعاتها،ولا تؤمن بالشراكة لا في القرار السياسي او بالحكم،وانت تستشعر حجم المخاطر على السلم الأهلي والنسيج المجتمعي في عقلية وفكر تلك الجماعات،وتحديداً على صعيد المواطنة والحريات الاجتماعية وحقوق المرأة،حتى انك تصاب بالغثيان والدوار،خصوصاً عندما نسمع احد منظري تلك الجماعات المدعو أبو إسلام "يبول" من فمه ليقول لنا بأن معظم المصريات اللواتي تم ويتم اغتصابهن في ميدان التحرير هن من "الصليبيات او الأرامل" فهؤلاء تفكيرهم دون حذائي هذا،ولا يستحقون سوى الحجر عليهم وضربهم بالنعال...،فهم في تفكيرهم ونظرتهم الدونية للمرأة هذه يسيئون للاسلام والمسلمين،ويلعبون دوراً قذراً في تفكيك وتخريب النسيج المجتمعي،ويدفعون بالمجتمع نحو الانسحاب الى المذهبية والطائفية والعشائرية والقبلية،والدخول في معارك واحتراب دموي على تلك الخلفية،وكذلك التفكك والتخلي عن القضايا القومية والوطنية.
وداعاً رفيقنا الشهيد القائد شكري بلعيد شهيد الفكر والكلمة والموقف،فهناك عشرات القادة من سبقوك في تونس وغيرها دفعوا حياتهم ثمناً لمواقفهم وقناعاتهم ومبادئهم،ولم يخشوا لا سجون السلطة ولا أحبال وأعواد مشانقها، ولا رصاص جنودها ولا فنون وأشكال تعذيب محققيها وجلاديها.
الجماهير الغفيرة التي نزلت للشوارع والتي خرجت في وداعك،هي خير استفتاء على ما تحمله من أفكار ومبادئ،وما تؤمن به من قيم وقناعات،وهذا يثبت أن الجماهير تكون وتبقى وفيه لمناضليها،ولكل من رفعوا راية النضال والكفاح من أجل حقوقها والدفاع عن منجزاتها ومكتسباتها،والدفاع عن مستقبل الوطن ،بأن يكون وطناً حراً لكل أبناء وطنه،تتساوي فيه الحقوق والواجبات،ويسوده السلم الأهلي والديمقراطية وقيم العدل والتسامح والمحبة.
وختاماً رفيقنا القائد الشهيد ،كان الله في عون تونس..فما يراد ويخطط لها اكبر من حدودها الجغرافية ومن صراعاتها السياسية،فهناك من يبحث عن تخريبها وتدميرها وتقسيمها،كما يحصل الان في بلاد الشام.
القدس- فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت