إنه مساء اليوم السادس عشر بعد المئة الثانية من ايام الاسطورة الانسانية التي يسطرها الاسير سامر طارق العيساوي صاحب اطول اضراب عن الطعام في التاريخ ومع انتشار خبر استشهاد الاسير عرفات جردات في سجن مجدو ، اما آن الاوان ان ننتصر لهم ونفضح كل ممارسات العدو الاسرائيلي بحق ابناء شعبنا ونطلق شرارة انتفاضة الاسرى ليتحولوا الى حالة رمزية عالمية توازي تضحياتهم ، فقد بدأ اسرانا مسيرة الحرية ولن يقبلوا ولن نقبل بعد اليوم ان يتم وضع قضيتهم في المراتب الدنيا على سلم اوليات قياداتنا وفصائلنا فمن ينشغل عن قضيتهم اليوم هو اكبر الخاسرين في كل الميادين ففي يدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية.
سامر المنحدر من قرية العيسوية ابن القدس الشريف أعلن منذ اليوم الاول لاعادة اعتقاله حالة الطوارئ ليسمع العالم اجمع انه يرفض منح نفسه المزيد من الوقت في احتمال ظلم العدو الاسرائيلي الذي يمارسه بكل عنجهية في اقبية التحقيق وظلمة المعتقلات والزنازين. سامر المحكوم عليه لمدة ثلاثين عاماً مطلع العام 2003 والمفرج عنه عام 2012 ضمن صفقة شاليط ليتم اعادة اعتقاله بعد فترة وجيزة بتهمة تنقله في ارجاء وطنه حيث خرق الشروط الاسرائيلية للافراج عنه بالخروج من القدس المحتلة الى الى مدينة رام الله في الضفة الغربية.
العيساوي اليوم يعلن امام العالم اجمع وقوفه بكل شموخ في وجه غطرسة وعنصرية عدوّ سلبه حريته واعتدى على هويته فهو يرفض الذهاب طواعيةً الى سجن يحتجز حريته ويعتدي على انسانيته وكرامته ، لقد سطعت في سماء معركة الامعاء الخاوية نجوم اناروا الطريق فالعيساوي ورفاقه ايمن الشراونة، طارق قعدان، وجعفر عزالدين، الذين صنعوا لنا اليوم تحولاً تاريخياً في فصول قضيتنا الفلسطينية بشكل عام وقضية الاسرى بشكل خاص.
انها المعركة الحقيقية التي بينت زيف الديموقراطية التي يتغنى بها العدو الاسرائيلي امام دول العالم ومع كل هذا لم يتمكنوا من اقناع العالم والمجتمع الدولي الذي قام ولم يقعد لاجل جندي مدجج بالسلاح "شاليط" ، واخذ يتباكى عليه وعلى اسرته ، في الوقت الذي لم يحرك ساكناً لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها اسرانا في حقوقهم التي كفلتها كل الاعراف والمواثيق الدولية.
لقد عول اسرانا في زنانين القهر الاسرائيلية على دعم الشارع الفلسطيني لهم من خلال الانتفاض بوجه العدو الاسرائيلي في صف واحد من كل مكونات مجتمعنا الفلسطيني من الاحزاب والقيادات ومؤسسات ونقابات لاحياء قضيتهم في كافة الميادين وكل الانشطة والمساندة لحقوقهم ، فهي ليست مأساة اشخاص بل مأساة وطن مسلوب وشعب مغلوب على امره وصفحة جديدة من صفحات تعسف العدو الاسرائيلي في التعامل اللاانساني مع اسرانا ومعتقلينا فأعينهم ترقب الجنّة وجسادهم تعاني من جحيم سجانيهم .
إن ما وصلنا له اليوم من انحدار في مسار قضيتنا الفلسطينية وما نعانيه من ويلات الانقسام بين ابناء الشعب الواحد ، وما تتعرض لها عاصمتنا الابدية من تهويد يومي ممنهج ، وما نتج عن جدار الفصل العنصري من تقسيم مدننا وقرانا الى كنتونات يجب ان يدفعنا جميعاً للوقوف بشكل جدي في خندق الوحدة الوطنية وخندق مقاومة الاحتلال وفاءاً لدماء الشهداء وانتصاراً لاسرانا اسرى الحرية لنحفظ ماء وجوهنا امام الاجيال القادمة.
بقلم: براء المحسيري
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت