هل يمكن ان تتحرر المرأة في عالمنا العربي دون أن يتحرر المجتمع ؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة


كثيرات هن الفتيات والنساء المطحونات والمقموعات والسجينات مع إيقاف التنفيذ في وطني ،و في عالمنا العربي ،وقبل أن أخوض مسلطا الأضواء ،على بعض قضايا الأنثى أم الرجال وأخت الرجال وصانعة الأبطال ،تلك الأنثى المغيبة والمطموسة وسط الصراعات الحزبية ،والسياسات البغيضة المتناحرة والمتنافرة.. ووسط تهجمات وغطرسات عاداتنا وتقاليدنا الهمجية،والتي لا تتوانى أبدا عندما تنهال على المرأة بأقاويل باطلة ،وأمثال وحكم عارية عن الصواب تعيد أذهاننا رؤية المجتمعات القديمة بكل تخلف ،وتزمت سواء في عصور الجاهلية الأولى أو عصور الظلام في أوروبا!! أقول بكل بساطة ،أني لست قاسم أمين أو رفاعة الطهطاوي أوابن خلدون أونجيب محفوظ ولا إحسان عبد القدوس أوغيرهم ..أو أيا من أولئك الفلاسفة أ والأدباء المشهورين الذين تكلموا عن المرأة،و دافعوا عن حقوقها المضطهدة ،والعمل على تحريرها على كل رفات !!مع أن المرأة في عالمنا الإسلامي قد تحررت من قيودها منذ أمد بعيد منذ بداية ظهور الدين الإسلامي الحنيف !!ولن أخوض كثيرا في مصطلح التحرر سواء أكان من الجانب السياسي أو الاقتصادي أوالاجتماعي أو الأدبي.. ولن أتطرق كذلك إلى التحرر من منطلق العقيدة الإسلامية والتي نعتز بها جميعا لأنها دستورنا الشرعي الوحيد ،وطوق نجاتنا في زمن الفتنة والوشاية ،والانحطاط .. ولكني اكتفي بالقول أن الإسلام أول من حرر المرأة حررها فكرا وجسدا بضوابط محددة لا يمكن تجازوها ،حفاظا على كرامتها وصونها ، فلم يحررها جسدا بلا حدود كما في المجتمعات الغربية المنحلة ،والفاجرة والتي تعرض المرأة كبضاعة بخسة أو كسلعة رخيصة كما في أيديولوجيات حتى أولئك الذين يزعمون بتحرير المرأة لتفكيك وتخريب المجتمعات بدعوى غربية حاقدة محضة وأنهم يقصدون بزعمهم التحرير الفكري فقط والحقيقة هي الاستهتار والدخول في علاقات متعددة مع الرجال ،والرقص في الملاهي ، والتدخين في المقاهي العامة والشرب في حوانيت الخمر هكذا خدعوها فقالوا عليك ِ أن تجري وراء الماكياج والموضة!!
في الواقع إن قضايا المرأة المعاصرة وافرة وكثيفة جدا كغابات الأمازون والسافانا !!
وبما أني من أولئك الذين يحملون هموم الكلمة أي كلمة صادقة والموقف أي موقف يستدعي منا الاهتمام والرعاية ،ويتأثرون بالظلم ،والاستعباد والقهر أيا كانت انواعة لذا أسلط الضوء على بعض هموم المرأة والتي من قضاياها المتأججة ظاهرة الطلاق الفائقة والتي تعج بها المحاكم ، والناجمة معظمها عن أتفه الأسباب والتي تتضح كما في تسلط الزوج وإهاناته المتكررة للزوجة بل وضربها وتكسير عظامها وجرجرتها من شعرها ،والتعامل معها بقسوة وجفاء وعدم التعامل معها بود أو احترام ، وهو تقليد أعمى منبثق من قلب عاداتنا وتقاليدنا الهوجاء السوداوية والمتخلفة في نظرتها للمرأة اكسر للمرأة ضلع يطلع لها أربعة وعشرين !!... ناهيك عن تسلط أم الزوج "الحماة" وأولادها وبناتها ،وديكتاتوريتهم المنفردة في المعاملة مع زوجة الابن المسكينة، والتي قد خرجت من بيت أبيها بزواج فرد بعينه لكنها أصبحت ودون أن تشعر زوجة لجميع العائلة !!،وكذلك العامل الاقتصادي المدقع وعدم توفير حياة كريمة للزوجة ،وإجبار بعضهن على التسول لنيل لقمة العيش وليس لها أدنى حقوق فحقها الوحيد عند الكثير من أشباه الرجال وليس الرجال ما تناله فقط على الفراش !! ،ومن الأسباب التي أيضا زادت بها حالات الطلاق إنجاب الزوجة للبنات دون البنين وكأنها المسئولة الوحيدة عن ذلك ،فالإناث في مجتمعاتنا اليوم حالهن اليوم كحالهن أيام الجاهلية الأولى..أي بلاءٌ ونقمةٌ فليست هي مِن النِعَم المُستَحِقة للحمد، فمتى ما جاءت المرأة بأنثى انتاب زوجها شعورٌ بأنَّه قد شُقيَ بهذا المولود،وفي أمثال هؤلآء قال الله تعالى فيهم ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ﴾(5). فالآية المباركة والتي جاءت لتصحيح هذه الثقافة،والتي بكل أسف يرفضها أمثال أولئك والتي وصفت الأنثى بالهبة، والهبةُ تستبطن في مدلولها اللغوي معنى الخير، كما في قوله سبحانه "يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾(1)فكم من امرأة هددت بالطلاق إن أنجبت أنثى!! ياله من ظلم ومن تأله على الله !!نسأل الله العفو والعافية.
وكذلك من أسباب الطلاق .. طمع الزوج في وظيفة الزوجة والتي قررت اعتزال حياتها المهنية وفضلت البقاء بالبيت فكان الاختيار المر بين أن تستمر في العمل أو الطلاق غالبا ما تنتهي شراكة العمر بالانفصال !!، وأما من أكثر الأسباب الرئيسية في تضخم حالات الطلاق في اعتقادي الزواج المبكر للفتيات واللائي لم ينضجن بعد ،ومازلن يحتاجن إلى حنان الأمومة ودفء وعطف الأبوة فكل ذلك ليس له أدنى اعتبار أو أهمية ،بل الكارثة الأكبر وهي عدم مشورتهن في الزواج أساسا ، وأنهن ليس لهن حق القبول بعريس الغفلة أو الرفض وكيف تُسئل والأنثى ليس لديها أي رأي.. بل تعامل كأثاث في البيت بل هناك من يفضل الحفاظ على المقتنيات من الانكسار أكثر من انكسار وتحطيم قلوب العذارى..!!الأنثى في مجتمعنا العربي ليس لها حق القرار !!،وما زاد الطينة بله إنتشار ظاهرة مخيفة في أيامنا وهي العنوسة الجامعية وكذلك العنوسة بسبب الميراث والعنوسة بسبب الانتماءات التنظيمية المتباينة،وهذا يذكرني بأقاويل بعض العرب في العصر الجاهلي : لا نتزوج منهم ولا يتزوجوا منا !!مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي وغيره.
..فنجد كثيرا من الأمهات اللائي يردن تزويج أبنائهن لا يفتشون عن طالبات جامعيات خريجات أو اقتربن من أعتاب التخرج ولا أعلم السبب ؟!! أهو حقد دفين أعمى لأنهن متعلمات أم لأنهن مدعاة وبهتانا بأنهن قد كبرن ، و فاتهن القطار.أي قطارا هذا وهناك السيارة والطائرة والمكوك ألا تكفي بقية الوسائل والتي طمسناها بأيدينا ؟!!ولكنها دعوى مقننة للجهل والجاهلية ودعوى لقتل العلم والتعلم ،ودعوى لمحاربة تعليم المرأة فمن أرادت ان تكمل تعليمها أصبحت اليوم مهددة بالعنوسة فإذا فاتها القطار ستبقى ثابتة على محطة حياتها منتظرة إما كهلا عجوزا أو متزوجا ومعه أولاد أو أرمل !! وكيف لا وقد صنفها مجتمعنا الجاهلي بالعنوسةوالعبوسة وهن أحق بالزواج وهذا افتراءٌ وظلم وجور في حقهن !!كيف يتم تجاهل تلك الشريحة الجامعية ،واستبدالها بفتيات صغار السن لا يصلحن أساسا لحمل لقب امرأة أو الست الهانم كما في اللهجة المصرية ،فتضطر الفتاة ان تغادر عالمها الدراسي بكل برود لتلحق بركب القطار المنقذ بكل صمت ،واجترار !!، لأن عريس الغفلة القادم سيطير بها على حصان أو حمار أعرج فيتهاوى بهما في بيت الزوجية المتجسد في غرفة ضيقة لا تتسع أصلا لفرد القدمين ،هي أشبه بزنزانة وكان عليها أن ترضى وتصبر لو عاملها الزوج برقة وحنان كما عاملها في الأيام الوردية في شهر العسل لعاشت معه بكل وفاء وحب ولكن ما أن ينتهي العسل وإلا وتفوح روائح البصل من الزوج فيغير تعامله معها ، فكأن كلا منهما لايعرف الآخر ، وما نجدها إلا وقد عادت أدراج الرياح..فتعود فاقدة العلم والحياة الزوجية،و لتصطف في طابور عريض غير متناهي من المطلقات !!، والسبب في ذلك موافقة ولي الأمر وإشرافه على ترويج مثل تلك البضاعة المطلوبة ولو تمسك الجميع بالقول أنها لا غير مؤهلة للزواج أوبأنها لم تزل صغيرة و لم تنل حتى شهادة الثانوية العامة ،وإن كان الزواج المبكر لايتعارض مع أمور ديننا إن تم ، ولكن هناك أولويات بمن هن أكثر إدراكا ووعيا ..لوحدث ذلك ،ولو تمسك الجميع بهذا الرأي لتغيرت موضة الطلب !! ..ولما آلت إليه الأمور اليوم من معتقدات شاذة تسللت إلينا ولا أدري من أين أتت !! وهناك من الفتيات المسكينات اللائي لم يتزوجن بقرار ولي الأمر أبا أو أخا أو غيره بدعوى الزوج الطامع في الميراث ،والمرأة في معظم مجتمعاتنا خارج دائرة الميراث ،بل ليس لها الحق في الميراث ولا المطالبة به أصلا مخالفين كل الشرائع ومخالفين ماامر به الله ورسوله ،وإن كان الأمر لا محالة فعليها أن تتنازل طوعا وكرها عن نصيبها في الميراث مقابل موافقة ولي الأمر !!.. فأين أولئك الذين يزعمون بصيامهم وزكاتهم وحجهم وبصلاتهم في الصفوف الأولى بالمساجد ،وبتأدية الحقوق من قول الله تعالى
( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)
حقيقة من وجهة نظري لايمكن أن تنال المرأة حقوقها في مجتمع ضاعت فيه الحقوق ولا يمكن للمرأة أن تنال حريتها والمجتمع حبيس السفاهة والطيش والجهل ،ففي رأيي أن جميع حلول قضايانا وليس فقط قضية المرأة لا يمكن أن تجدي نفعا إلا بالامتثال لتعاليم ديننا الإسلامي والسير على نهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذي أشاد به الغرب وعلى سبيل المثال وليس الحصر الكاتب والأديب "مايكل هارت " في كتابة الخالدون مائة أعظمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت