برغم قناعتي بأن نقابة الصحفيين الفلسطينيين ، قد وصل التسوس والخلل إلى جذورها ، وبرغم قناعتي أيضاً أن النقابة بعيدة تماماً عن جمهورها ومنتسبيها ، وأن القائمين عليها لا يشغلهم أي شيئ سوى إبقاء وضع النقابة في حالة تراجع يومي ، وكذلك تعميق مفهوم الفشل المؤسساتي والإداري ، خاصة إذا تعلق الأمر بقضايا مهنية من الدرجة الأولى .
قضية الزميل المناضل مهيب النواتي ، المختطف في سوريا منذ عامين تقريباً ، هي قضية وطنية ومهنية وإنسانية من الدرجة الأولى ، خاصة أنه صاحب مواقف رجولية ومهنية يشهد له الجميع بذلك ، وقد كرس سنوات عمله في الصحافة والإعلام من أجل خدمة قضايا شعبنا ، إضافة إلى أنه من مؤسسي نقابة الصحفيين وله بصماته وحضوره .
إن من كبرى المصائب أن نتنصل من واجباتنا ، وأن نترك مهيب النواتي يواجه مصيراً مجهولاً في بلد عربي يشهد حرباً ضد الإنسانية ، كيف لا ونحن نرى النظام السوري المجرم يقتل شعبه بالمئات يومياً ، وهذا ما يجعلنا أكثر إصراراً على تفعيل قضية مهيب ، والعمل على الاتصال مع كُل المؤسسات ذات العلاقة للكشف عن مصيره ، حتى يعود لأطفاله وزوجته الذين يعانون من فقدان رب الأسرة وهم يعيشون في الغربة خارج الوطن رغماً عنهم .
القضية يا نقابة الصحفيين ليست معجزة ، فالواجب يحتم علينا أن نسعى بكل طاقاتنا لإبقاء قضية مهيب حاضرة في يومياتنا ، وعلى صفحات مواقعنا ، ويجب العمل على تشكيل خلية أزمة لمتابعة كُل القضايا المهنية والإنسانية لمنتسبي النقابة ، وعلى رأسها قضية مهيب النواتي ، ولا يكفينا التغني بالشعارات الرنانة والاستسلام للواقع الذي نستطيع تغييره لو توفرت الإرادة لدى أصحاب القرار في النقابة .
على النقابة الوقوف أمام مسؤولياتها ، والوفاء لقسم المهنة والعمل على الدفاع عن الصحفيين والإعلاميين الذين يضحون من أجل أن تبقى صورة شعبنا ومعاناته حاضرتان في ذاكرة وعقول العالم ، وما قضية مهيب النواتي إلا إحدى أهم الأولويات للنقابة بدل الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار .
على النقابة مخاطبة نائب المبعوث العربي لسوريا الأخ ناصر القدوة ، حتى نرى إمكانيات مساعدتنا في كشف مصير مهيب النواتي ، والذي بالتأكيد يعيش ظروف غاية في الصعوبة في تزايد الأوضاع في سوريا صعوبة وتمسك النظام السوري الفاشي بخيار الفتل والتصفية الجسدية لكُل من يعارضه ولكل من يكشف حقيقته وخيانته لشعبه ولقضيتنا الفلسطينية التي أخذها شماعة لطموحاته السياسية .
في الدول والمؤسسات التي تحترم نفسها ، وبالمؤسسات المهنية الحقيقية لا يتم إغفال مثل هذه القضايا المُلحة ، كيف لا ونحن نرى كيف تستقيل حكومات وتسقط أنظمة عندما يتعلق الأمر بحياة مواطن ، أو من أجل كرامة مواطن ينتمي لها ، لكن على ما يبدوا فإن الفلسطيني كُتب عليه أن بعيش المعاناة تلو الأخرى ، فمن معاناة الاحتلال إلى معاناة ذوى القربى ، إلى تقصير الزملاء والأصدقاء وشركاء الدم والمصير .
مهيب النواتي يستحق الكثير يا نقابة الصحفيين ، وأعتقد أن تفعيل قضيته لا تحتاج منكم سوى تحكيم ضمائركم ونفض الغبار على عقول البعض ممن أخذوا على عاتقهم تسيير النقابة حسب أهوائهم لكونهم على قناعة بأنها مملكة خاصة لهم أو مشروع استثماري يخدم مخبريهم وشللهم .
&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت