يبدو أن السبب الأساسي لوجود أكثر من 4700 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني يغيب كثيرا عن أذهان من نصب نفسه سياسيا أو قائدا في الشارع الفلسطيني، متجاهلا أنهم عبدوا شوارع الحرية بوقتهم ودماء رفاقهم وجراح إخوانهم، حتى بات الأسرى في نظر عدد منهم عبارة عن تضامن وكماليات لا واجب وفعل لتحريرهم، فكثرت الأبواق وقلت الأفعال حت بقي في الميدان أهال ينتظرون لحظة فرج وطلبة جامعات ومواطنين ما زالت أشواقهم تحترق يوما بعد يوم ومرابطون على الثغور يرتقبون أسراً جديدا.
كلنا يحب أن يعيش مع أطفاله وأن يصطحبهم للتسوق والرحلات الربيعية يداعبهم ويلتقط الصور معهم، إلا أن هناك من يحلم ولو بقبلة واحدة على جبين طفله لحظة الولادة أو مع مرور عام على ولادته أو حتى لحظة دخولة للمدرسة، وفي بعض الحالات لحظة دخوله الجامعة أو الزواج أو أن يصبح له حفيدا، هذه ليس خيالات بقدر ما هي حقائق دفعت ببعضهم أن يهرب نطفا ليرى طفلا له وأصفاد القيد تحطم الأحلام وصمت الساسة يعجز الشبان.
هي انتفاضة أسرى لماذا لا؟ وما البديل لدى من يدعون أن الاحتلال يريدها وكأن السلطة تمتلك دولة وسيادة وانتفاضة الأسرى ستزيلها، فصرخات الأسرى تحت سياط السجان يجب أن تصل إلى الجماهير، جرادات غادر وأبو حمدية يصرخ والشراونة والعيساوي يحتضرون، وبدلا من حشد العناصر والجيوش الأمنية لمنع المواجهات حبذا لو توقفت تلك الأجهزة ولبس أفرادها اللباس المدني يوما واحدا احتجاجا على ممارسات الاحتلال لكان المفعول أكبر.
يبدو أن البعض يرى أنه أكمل واجبه بخروجه في مسيرة لمسافة مترين أو ثلاثة قرب المنارة في رام الله أو اختنق عن بعد، أو أن آخرين من الفاشلين من يحمّل أبطال المقاومة معاناة الأسرى كما صرح بعضهم أن حماس ليس لها خبرة في التفاوض في صفقة التبادل، أذكره أن مبعدي كنيسة المهد بفعل المراهقة السياسية والتخبط الأمني ما زالوا يعانون الأسوأ وبمقارنة ملفاتهم الأمنية مع الاحترام لهم تجد أن صفقة وفاء الأحرار حررت الأخطر منهم في نظر الاحتلال والذي يحمل سجله عشرات القتلى الصهاينة، غير أن أولئك الفاشلين أخطأوا التصريحات وكان يجب عليهم أن يقولوا كفى كماليات وتملق على الفضائيات في إطار قضية الأسرى، وأن المحررين إلى الضفة كانوا في عهدة السلطة أمنيا فلماذا اعتقلوا من قلب المدن الفلسطينية وعيون الأجهزة الأمنية لم تنم؟!
أليس حريا بسلطة تدعي السيادة أن تحمي المحررين أو تمنع الاعتقالات؟ أليس حريا بمن يمارس الاعتقالات السياسية أن يوقف بالتوازي الاعتقالات الصهيونية بحق الفلسطينيين بحجة أن لديه سيادة، أم أنها تختفي في تلك اللحظات؟!.
تذكروا الأسرى ومعاناتهم وبعدهم عن عائلاتهم وممارسات السجان بحقهم، وقرروا أن تتحول الكماليات إلى واجب بدل أن تستمروا في وهم تجبرون عقولكم على تسميته سلام وهو في حقيقته كلام والواقع يختلف كثيرا ويقوده صهاينة لئام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت