دلال المغربي ... كمال عدوان ... دير ياسين ... أسماء ذات دلالة في التاريخ الفلسطيني ، دير ياسين المذبحة والنكبة ، كمال عدوان الثورة والاغتيال ، دلال المغربي الشتات والتحدي ، هو صراع الوجود منذ مائة عام ونيف ، هجوم استعماري صهيوني على فلسطين الأرض والشعب ، على فلسطين الجغرافية والتاريخ ، فلسطين التي جردوها من شعبها وبنوا استراتيجيتهم على أساس أنّ فلسطين أرض بلا شعب فهي لشعب بلا أرض ، منطلق صهيوني أجاز التدمير والقتل لكل ما هو فلسطيني ، وكانت النكبة الفلسطينية ، ليوهموا أنفسهم بأن كبارنا يموتون وصغارنا ينسون ، ولكن وهمٌ ما كانوا يفكرون ويخططون ويصنعون ، فقسوة اللجوء وترك الديار والممتلكات ، وانتفاء الاعتبار الإنساني في مخيمات اللجوء ، وعدم التفكير الجدّي من الآخرين بحقوقهم فوق أرضهم التي كانوا يعيشون عليها ، فجرت الثورة الفلسطينية مع بزوغ اليوم الأول للعام خمسة وستين وتسعمائة وألف ، معلنة ً عن الوجود وحق الوجود للشعب العربي الفلسطيني فوق أرضه ، ثورةٌ ما أن أخذت عملياتها القتالية تتوالى على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 حتى راحت جماهير المخيمات تتحول إلى وقود لهذه الثورة ، لأنها التعبير الحقيقي عن الوجود الفلسطيني على خارطة المنطقة العربية ولأنها الرد الطبيعي على مذبحة دير ياسين وغيرها من المذابح والمجاز التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب العربي الفلسطيني .
هي الثورة تزداد قوة وتصعيداً في وجه الاحتلال الصهيوني وخاصة بعد هزيمة حزيران 1967 ، وكمال عدوان أحد أعمدة هذه الثورة التي وضعت العدّو الصهيوني أمام حقيقة صراعه في المنطقة بأنه صراع وجود لا صراع حدود ، فالأرض من بحرها إلى نهرها هي أرض فلسطين ، ولن يبدّل التاريخ حقيقة الأسماء والمسميات ، ولن يستطيع الغزاة الجدد لفلسطين أن يشطبوا تاريخها الممتد من عمق التاريخ البشري ، فهي أرض البدايات الإنسانية وأرض النهايات الإنسانية ، وكيف لاستعمار ٍ عالمي رأى في وجود فلسطين عائقاً في تحقيق أطماعه في المنطقة العربية أن يصمت على وجود الثورة الفلسطينية ، فلا بدّ من تصفية قادتها وتقويض فعلها على الأرض ، فكانت عملية فردان في بيروت في العاشر من نيسان عام 1973 بقيادة الإرهابي الصهيوني باراك ، باراك الذي دخل بيروت متنكراً بزي امرأة وقتل القادة الثلاثة ، كمال عدون ، كمال ناصر وأبو يوسف النجار ، أراد باراك أن يقتل قوة الثورة في شخص كمال عدوان ، وأن يقتل فكر الثورة في شخص كمال ناصر ، وأن يقتل إرادة الثورة في شخص أبو يوسف النجار ، ولكنّ الشعب العربي الفلسطيني كان يجسّد الثورة بكل معانيها ، هذه الثورة التي كانت تسكن في كل بيت فلسطيني في داخل الوطن وفي الشتات .
وقوة الثورة وفكرها وإرادتها كانت جميعاً أقوى من أن يحطمها باراك في فردان ، فكان القرار الفلسطيني الرّد على باراك بنفس الأسلوب الذي أتى به إلى فردان ، لتكن المرأة الفلسطينية هي من يقود العملية الفلسطينية القتالية على أرض فلسطين ، فإذا كان باراك قد أتى في فردان متنكراً بزي امرأة ، فالرّد الفلسطيني بامرأة فلسطينية تشخص عينيها في وجه باراك معلنة قدرة المرأة الفلسطينية على خوض معركة المواجهة مع العدّو ، فالمرأة الفلسطينية والتي كانت بشخص دلال المغربي فتاة فلسطين ، ابنة المخيم الفلسطيني ، قادرة على أن تركب البحر وتنزل على الشاطىء الفلسطيني مع أخوتها المقاتلين في يوم الحادي عشر من شهر آذار للعام ثمانية وسبعين وتسعمائة وألف لتنفيذ عملية اقرار حق الوجود الفلسطيني في حيفا ويافا وتل الربيع ، وكانت المفاجأة لباراك أولاً وللعالم أجمع بأنّ فتاة فلسطينية تخوض معركة عسكرية من أجل اثبات الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين ، فقد حملت دلال وأخوتها المقاتلين الراية التي تقول بأنّ الأرض أرضنا وغايتنا تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من نير الاحتلال الصهيوني .
هذه هي دلال المغربي ، وهذه هي المرأة الفلسطينية ، فلا يبخسنّ أحدٌ من الفلسطينيين قدر المرأة الفلسطينية ، فالمرأة الفلسطينية هي المقاتلة وهي المناضلة منذ أن انطلقت الثورة الفلسطينية وقبل أن تنطلق ، والمرأة الفلسطينية هي الشهيدة والاستشهادية وهي الأسيرة وهي الجريحة وهي المربية ، وهي القابضة على حق وجودنا كما القابض على الجمر ، هي الصابرة على فراق الابن والزوج والأخ والأب في سجون الاحتلال ، وفي منافي الغربة والإبعاد ، وهي المناضلة المكافحة ضد جدار الفصل العنصري وضد الاستيطان ، هي المرأة الفلسطينية حاملة الثقلين معاً ، بناء الأسرة وبناء الوطن ، هي المرأة الفلسطينية تجسيد وجودنا الفلسطيني على أرض فلسطين ، هكذا كانت دلال المغربي ، وهكذا كانت وفاء وآيات امتداداّ لدلال ، وستبقى المرأة الفلسطينية دليل نضالنا الثوري حتى تحقيق النصر الفلسطيني المجسّد بالعودة والحرية والاستقلال فوق فلسطين كل فلسطين .
حمص في12/3/2013 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت