"آن الأوان لرفع أصواتنا عالياً من أجل تفعيل المجلس التشريعي الذي سيفرض إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتوحيد القضاء الفلسطيني والنيابة العامة والرقابة وديوان الموظفين والتعجيل في الانتخابات الفلسطينية لإنهاء صفحة مؤلمة وسوداء من تاريخنا الفلسطيني".
ما أجمل وأصدق وأعدل تلك الكلمات التي صدح بها الأخ/ ماجد أبو شمالة، النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح! إنها، حقاً، كلمات يحتويها الجمال والصدق والعدل، ذلك أن أحداً، مهما تضخم حجمه وعلا نجمه، أو امبراطوريه مهما كان نفوذها وبطشها ومهما بلغت على الترويض قدرتها، أو دولة أو مملكة أو إمارة أو سلطنة مهما بلغت إغراءتها وإمكانياتها، لن يكون البتة في مكنته- إلا المجلس التشريعي- إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وتوحيد المؤسسات العدلية والقضائية وديوان الموظفين العام وهيئة الرقابة العامة والتشريع في إنجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية لطيّ صفحة التشظي والعذاب على طول خمسٍ من سني العجاف الفلسطيني وعرضها.
ما أجمل أن يعبر ماجد- في مقالة له بعنوان: "المجلس التشريعي باطل: فلماذا طالبتم الرئيس برفع الحصانة يا نائبنا العام؟!"- شكره إلى النائب العام لأنه (أي النائب العام)، كما يقول ماجد، "أفاقنا من غفوتنا" عن "الحصانة البرلمانية" التي "لا يتمتع بها المجلس التشريعي المعطل"، الأمر الذي يحفزه على أن يضم صوته لصوت الأخوين النائبين الدكتورة/ نجاة أبو بكر والأخ عبد الحميد العيلة في المطالبة بتفعيل المجلس التشريعي. لكن أجمل ما في مطالبة ماجد بتفعيل المجلس التشريعي هو تسبيبه لهذه المطالبة بأنها ليست "من أجل الحصانة لأن من يبحث عن الحصانة"- كما يقول النائب الفتحاوي ماجد- هم من يحتاجونها ممن يخافون القانون ويخشون نتائج أعمالهم، بل من أجل أن يمارس المجلس التشريعي دوره الرقابي والتشريعي". غير أن الأجمل والأصدق والأقوم والأعدل في كل ما دفع به ماجد هو ما استقر عليه الدين والعقل والفكر الإنساني والخلق القويم في أن الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، حيث قال: "وليس من العيب الاعتراف بالخطأ ولكن العيب هو التمادي فيه"، مؤسساً ذلك على اعترافه الموجه إلى النائب العام بخطأ موافقة نواب المجلس التشريعي على تعطيل المجلس التشريعي كي يمارس هو (أي النائب العام) "مهماته والحكومة ورئيس ديوان الموظفين العام ورئيس هيئة القضاء ورئيس هيئة الرقابة الإدارية وغيرهم"، مؤكداً على حقيقة أن المجلس التشريعي لو ظل مفعّلاً يمارس دوره ولم تكن الموافقة على تعطيله كما هو الحال، لما كان "أحد في موقعه"، ذلك أن "حماس"- كما يقول ماجد صواباً- "كانت ستضع مكان أولئك جميعاً من تراه مناسباً من أعضائها أو مناصريها لأنهم الأغلبية في المجلس التشريعي".
"أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً" مقولة تتوافق مع ما يذهب إليه النائبان نجاة وعبد الحميد، وكذلك مع النائب ماجد الذي قال صدقاً ما كان له أن يستدركه، وإن كان بعد وقت: "من الواضح أننا أخطأنا الفهم وكان علينا ألا نقبل باستمرار تعطيل المجلس خاصةً وأننا أصبحنا مؤمنين بأن تعطيله لم تعد فيه مصلحة لفتح ولا لشعبنا الفلسطيني". ما أعظم الوعي الوطني حين يتدفق ويتعاظم ليتراجع أمامه تجار السياسة.
أما آخر الكلام، فهل ينضم إلى هؤلاء الكبار الثلاثة من نواب الوعي الوطني الصادق- نجاة وعبد الحميد وماجد- كبار آخرون ينهض بهم الوعي الوطني الفلسطيني ويكبر، ليستفيق كل من أعجبه القعود والاسترخاء والسكون؟!
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت