أحداث جديدة "مسلسل باب الحارة"

بقلم: هشام أبو يونس


المتتبع لمسلسل "باب الحارة" والتفاف الناس حوله ربما يكون سببه بحثهم الدائم عن "بطل" او "رمز". كذلك بالنسبة لتوقهم للقيم الإنسانية التي مثلها سلوك أبناء الحارة واقترابهم من الفقراء والنخوة والشهامة والحفاظ على أعراضهم مهما تغيرت ظروفهم واسودّت الدنيا في وجوههم.
"الحارة" جسدت الحياة بكل تناقضاتها وأخطأ أبنائها في زمن قديم هو الزمن الذي صرنا نبكي عليه بعد أن افتقدناه، فنحن الفلسطينيون في سنوات الانقسام أصبحت حكايتنا مثل حكاية مسلسل باب الحارة لم ينتهي فلقد تكبدنا خسائر جسام لا يمكن تعويضها ولا تقدر بثمن، فلحقت بنا خسائر اقتصادية كبيرة طالت جميع فئات المجتمع، وهذه الخسائر يصعب تعويضها في مدى زمني قصير. وأصبح معظم الناس يعانون فقراً حقيقياً ويحصلون على قوت يومهم ديناً من التجار.

هذا كله جراء الانقسام وارتفاع البطالة بشكل لا يقبله أي رقم في الاقتصاد القياسي ولا يمكن وصفة بنموذج من نماذج الانحدار للسلسلة الزمنية القياسية في الاقتصاد نهيكَ علي النسيج الاجتماعي الذي تحطم ويحتاج إلي إعادة هيكلة وفترة طويلة من الزمن تمسح غبار الإرهاق الذي بدأ واضحاً علي وجوه المجتمع ؛ وإزالة الحقد والضغينة والكراهية التي حلت بالمجتمع نتيجة تراكم سنوات الانشقاق والذي من نتائجه أصبح الزواج جراء الانقسام علي الانتماء وليس كما قال الرسول علية الصلاة والسلام أن تنكح المرأة " لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها". والتي تعتبر آفة خطيرة وجديدة علي أبناء شعبنا مما شكل هَماً وأرق للمفكرين والحريصين والغيورين علي مصلحة الوطن.

ولابد من وقفة وأن نتجراء بالقول بان تجمد الحركات السياسية مظاهر خلافاتها السياسية والحزبية النافرة والالتفات إلي الوطن والمواطن الذي تحمل أكثر ما يجب تحمله خلال هذه السنوات والمعيشة الضنكة التي يعيشها بوجود هذا الانقسام..
وان تضع في اعتبارها كل التضحيات التي قدمها شعبنا الفلسطيني علي مدار سنوات من الكفاح الطويل ويجب أن يقابلها توحيد الدم والمصير وجغرافيا الوطن كما توحد أهالي باب الحارة ضد عدوهم الفرنسي . وإذا لم نساعد أنفسنا فلن يساعدنا الآخرين.

ففي هذه الأيام نلاحظ وجود مناكفات أخرى وتعطيل ومد وجذر وجو مناسب وخصب و تفاؤل تارة وملاسنات تارة أخري مما يجعلنا نجزم أن حكايتنا حكاية مسلسل باب الحارة فألي متي هذا الوضع سيبقي ومتي سينتهي هذا المسلسل؟ لذلك إذا أردنا أن ننهض بالوطن يجب نحرص علي المصالحة الوطنية التي دعا إليها كثير من العقلاء كما شاهدناه في مسلسل باب الحارة و تابع الناس "الزعيم" وتمنوا "حكمته" وأعجبوا بشجاعة "ابو شهاب" أو "العقيد" وارتاحوا لتوبة "الادعشري . فالجميع قد يكون أخطأ وليست العبرة في الخطأ إنما العبرة عدم التمادي وتكرار الخطأ فلابد من تقدير الناس والنزول عند رغباتهم وتحقيق طموحاتهم ومصارحتهم ومصالحتهم أهم من المناصب والمسميات والمناكفات ، حيث شعبنا الفلسطيني أحوج ما يكون إلى الوحدة والمحبة والتكاتف والتعاضد، ورص الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة.كما توحدت أهالي باب الحارة لان عدوهم واحد ومصيرهم واحد وان ينتهي هذا المسلسل ويكون أخر حلقة.
لهذا أتمنى صبر المشاهدين المتابعين لهذا المسلسل،والاقتداء بشهامة وشجاعة العقيد أبو شهاب والتفاف أهل الحارة حوله وان يبعدنا الله عن لسان "فريال"


د.هشام صدقي ابويونس
كاتب وباحث في الاقتصاد والفكر السياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت