، بعد دردشات طوال عبر الفيسبوك طلب منها مشاهدة صورتها الحقيقية ..فعلاقته بها منذ فترة تجاوزت عدة أشهر ،كانت دائما ترفض ذاك العرض ،ومع إلحاحه وإصراره على ذلك ،فهو لم يتحمل أن يجول ويطير بخيالاته فوق السحاب ثم يرتطم بصخور واقع مرير موحش ،فهو من الذين لا يحبون أبدا ،أن تكون مخيلته تفوق الوصف لصورة بالقليل أوالكثير عن الواقع ،وهكذا علمته التجارب ،فهو دائما من أشد المنتقدين لقول الشاعر بشار بن برد : يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
،ويرفض أن يكون حالة كمثل الشعراء الطروبادور ،الذين هم لاينامون فليلهم كنهارهم ،يتلذذون بتعذيب أنفسهم من أجل المحبوبة ،أولئك الذين ينتظرون أياما وأياما طوال تحت شباك معشوقتهم عسى أن تلقي نظرة ولو عابرة،هي لم تكن لهم أبدا قد تكون لبائع ما متجول ..أو سائق أو أي أحد من المارة ،وبدون أدنى اكتراث لكنهم ينتظرون طلتها ،ويحلمون بطيفها ،ما أصعب لحظات العشق عندما يسمو العاشق بمحبوبته في دُنى الغرام فيبني قصورا ما يكاد أن يكتشفها ألا وتغدو كل أحلامه في لحظة كالسراب
لذلك هو يرفض أن يكون مثل هؤلآء القوم ..ولما أرسلت له صورتها ،أخذ يتأملها بكل شوق ،وحرارة مست كل وجدانه.. فإذا بها فتاة بيضاء البشرة ،سوداء العينان ،دقيقة الحجم ،فائقة الجمال ،صرخ في نفسه ،وبحركة جنونية أخذ يطوف أرجاء الغرفة ،ويجري متذكرا أرشميدس الذي خرج إلى الشارع عاريا،يجري ويصيح وجدتها ..وجدتها !! ،لكن أرشميدس عالم اكتشف قانون الطفو فهل هو كذلك ؟!! ،على الفور طلب منها الزواج ،ودون أن يشعر، ودون أن يراها ،حقيقة رغم أنه يرفض الزواج عبر الفيس ويعتبره زواجا فاشلا معرض للحظر أو الإنهاء كخصائص الفيسبوك لا محالة ،لكن لوعة الحب تفتت المنطق ،والمعقول فتنقل الإنسان إلى قمم الرومانتيكية وبلا حدود ،وهكذا انجرف بصفته ،ورسمه مستسلما لتيار الحب ،وأمواج الحب ،متلذذا بصعقات مرافئه ، وكيف لا وقد رأى فيها الزوجة التي يريدها عقل وذكاء وجمال ،حاول مرارا ،وتكرارا أن تقبل بالزواج منه ،كانت دائما تتهرب من ذاك الطلب ،ولما هددها بقطع علاقته بها ،لمجرد الزجر ،ليس أكثر وحقيقة الأمر أنه أدمنها ،قال لها في آخر لقاء عبر الدردشة إن لما لا تقبلين بي ،وأنتِ تبادليني نفس المشاعر ؟!! ،قالت له امنحني فرصة لأفكر ..قاطعها لا مجال للتفكير ،ولا التأجيل فردت عليه قائلة :يؤسفني أن أرفض طلبك ،فأنت لا يمكنك الزواج مني أبدا !! نزل الخبر عليه كالصاعقة ،قائلا :ولما ؟!! ،وهنا اختلفت صيغة المخاطبة ولأول مرة منذ أن عرفها لأني شاب مثلك يا أبله ..ولو دققت الصورة لأيقنت أن صاحبة الصورة هي "جوان كولينز " حينها فقد صوابه ،فخرج إلى الشارع عاريا ،يصرخ بأعلى صوته :وجدتها فطارت مني !! مسكين لم يعلم رغم حالته الجنونية أنه اكتشف قانون الغرق ، فبين الطفو والغرق حياة ،أولاحياة !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت