كلما انحزنا للوطن وكانت لنا إستراتيجيتنا الوطنية للتعامل مع قضاياه , أراد البعض أن يجرونا إلى دهاليز عميقة يختبئ فيها الحزبيون أصحاب المصالح الحزبية ,من يعتقدوا أن الوطن اصغر من الحزب ومن يعتقدوا أن الدخول للوطن لا يتم إلا من خلال بوابات الحزب الكبيرة متناسين أن الوطن للجميع واكبر من الجميع ,وفلسفة الأحزاب السياسية مهما كانت أيدلوجيتها النضالية ومهما كان لها من تاريخ عبق برائحة المقاومة وشرفها فإنها جزء من هذا الوطن المتعمق فينا إلى الأبد, وكلما أردنا نصر الوطن بشي من الموضوعية والشفافية ,يأتي بعض الحزبيون ليقولوا لابد من اخذ رائينا قبل أن تتوكلوا على الله و تنصروا الوطن ,وكلما أردنا الثبات عند المشروع الوطني بكافة مكوناته فان عوامل الجذب الحزبي نحو صغائر الأمور الوطنية سرعان ما تظهر ويتناولها الإعلام الحزبي بشيء من التضخيم والتفخيم لعل الرأي العام ينجذب إليها وتصبح قضية القضايا, ولعل هذا التبعثر الوطني له مضاره الخطرة على مسيرة الوطن و المشروع الوطني الكامل ولان هذه الخطورة تستهدف بقاءنا كفلسطينيين أقوياء ثابتين على ثوابت وطنية محددة وثابتين خلف إستراتيجية واعية نحو التحرر و إقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس كان لابد وان نعمل من خلال ميثاق وطني يحدد إستراتيجية العمل الإعلامي المهني بشكل واسع يكون الالتزام ببنوده ومواده أخلاقي ومن الانتماء الوطنى ,والتوقيع على الميثاق توقيعا مسئولا واعيا و حراً ايضا انتماء لوحدة الوطن و مسيرته النضالية .
تظهر الحزبية وتطغي على العمل الإعلامي كثيرا في زمن الانتخابات وتكاد تكون السلوك الإعلامي الكبير الذي يميز كافة مراحل ومفاصل العملية الانتخابية , فكل إعلام يحشد وينظر لصالح مرشحي الحزب و يصور للجمهور الانتخابي أن أهداف هذا الحزب أو ذالك هي الخلاص الوحيد للناخبين من كل ضائقتهم و بهذا يتم توظيف كل ما يملك الوطن لصالح هذا التصوير وكأن الوطن كله خارج دائرة الاهتمام الإعلامي عدا ما هو لهذا الحزب أو ذالك و بهذا يبحث المستقلون عن أي قنوات أو إذاعات وطنية مستقلة لأجل حملتهم الانتخابية وبالكاد يجدوا و إن وجدوا يدفعوا أموالا طائلة ولا تكون في أوقات الذروة الإعلامية , هي إذن مشكلة الفلسطينيين من يعتقدوا أن الوطن هو الحزب ويتخيلوا نقد هذا الحزب أو ذاك يعتبر اعتداء ونقد للوطن وبالتالي يحول سلوكهم اليومي وحياتهم إلى سلوك حزبي حتى يصل الأمر للون الملبس الذي يرتدونه الى درجة ان ستايل بزاتهم وكوفياتهم و بعض معالم وجوههم تصبح حزبية لأنهم يعتقدوا أن هذا مرضيا لسادة الحزب , لعل المتأمل في ذلك يعرف بالضبط كم هو الوطن صغير أمام أحزاب و فصائل فلسطين ,ويدرك حجم المأساة التي تكبر يوما بعد يوم والتي جاء بها الانقسام و خلدها في حياة هذه الأمة.
كل هذا يجذبنا بقوة لفكرة الميثاق الوطني الخاص بالعمل والتغطية الإعلامية لميثاق يتوافق و يوافق عليه الجميع أحزاب ومستقلين وطنين و إسلاميين, قومين ويساريين يكون من مكوناته مواد يتم صياغتها في ورش عمل يشارك فيها كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني و تنظم هذه المواد في فصول تعني بكل حالات العمل الإعلامي بالشارع الفلسطيني بدأ من احترام الرأي الإعلامي و السياسي العام لكل الأحزاب دون التعدي على الحرية الإعلامية وتقيدها والالتزام بما جاء في الدستور الفلسطيني من تخصيصات للعمل الإعلامي والتغطية الإعلامية والتزام مؤسسات الأحزاب الإعلامية من إذاعات وفضائيات بالنهج الوطني في مخاطبة الجماهير ونقل الأخبار وكتابة التحقيقات الصحفية والمتلفزة مرورا بالسلوك المهني العام عند تغطية قضايا الأحزاب الأخرى وقضايا الوطن بل يبتعد عن القذف والتجريح وو التحوير والفبركة الإعلامية والتعليل المضلل إلى أخره من حكايات الإعلام الحزبي ,وكما ويتضمن الميثاق فصلا خاصا حول وقفة الإعلام الوطني مع كل قضايا الوطن وثوابته بعيدا عن رأي الحاكم وسياساته الحزبية بل يتعامل الإعلام الحزبي مع الإعلام الوطني بنوع من الشراكة والمسؤولية الأخلاقية لنقل الحقائق للجماهير دون خلفية حزبية تساهم في تعميق الانقسام و يحرم في نفس الوقت التناكف الاعلامي والردح على الفضائيات والازاعات , والفصل الثالث يهتم بالسلوك الإعلامي المهني أثناء التغطية الإعلامية للانتخابات الفلسطينية من خلال تحديد سلوكيات التغطية الإعلامية خلال كل مراحل الانتخابات و واجبات الممارسات المهنية و الالتزام بمواعيد الدعاية الانتخابية وفرد مساحات متساوية لكافة المرشحين وقوائم الأحزاب دون مواربة أو تحيز لفصيل أو حزب ,والاستخدام الحذر لنتائج الاستطلاعات بالإضافة إلى الدقة و التحقق من المصدر الرسمي عند إعلان نتائج الانتخابات للجمهور , والفصل الرابع هو فصل الأزمات الوطنية و الحرب و هذا يراعي وضع واجبات ميدانية على العاملين في الإعلام الوطني و الحزبي على السواء يلتزم بها كافة العاملين بالإعلام بدقة ودون تحيز يكون من ضمنها ما يتوجب على الإعلام فعله لرفع الروح المعنوية للمقاتلين والمقاومين و يكشف خطط العدور التى تستهدف الجبهة الداخلية و متانتها و اصطفافها خلف القيادة وبالتالي رفع الروح المعنوية للجمهور الشارع الذي يتابع كل أمور المعركة .
لعل ما يفسد وحدة الأمة هو الإعلام ,ومن يوتر الأمة والمكونات البشرية هو الإعلام ومن يلعب بفكر الجمهور و رأيه هو الاعلام ,ومن يوحد الأمة ويقوي صفوفها هو الإعلام ,ومن يبعث فيها الحياة والصبر والثبات هو الإعلام ومن يقوي مقاومتها ويحافظ على استمراريتها ضمن منظور وطني شامل هو الإعلام ومن و يؤهل للمقاومة عوامل النصر هو الإعلام الوطني , لذا فان الميثاق الوطني للعمل الإعلامي المهني قد يكون أول آليات الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وبداية الالتفاف الوطني حول قضايا الوطن وهمومه الوطنية , وهو الموجه العام لرص صفوف الأمة السياسية والمقاومة ,ومن يبث فيها روح وحدوية تقوى قيادتها الوطنية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت