في مثل هذا اليوم وقبل 45 عاما سجلت ملحمة معركة الكرامة لتكون أول رد اعتبار للجيوش والشعوب العربية بعد هزيمة حزيران عام 1967، هذه الملحمة تحققت ببسالة الجندي الاردنى والمقاتل الفلسطيني توحدا في خندق الكرامة فكان النصر ,أخلصنا النية فتوحدت القلوب , لتعود الكرامة , ليكن خندق الكرامة , الخندق الذي يجمعنا من جديد .
لاشك هي ذكرى عزيزة على نفوسنا , ليس لأننا أحرزنا النصر فيها فقط , بل لأنها جمعت الدم الفلسطيني مع الدم الاردنى في معركة كانت لاستعادة الكرامة , نفتخر بها ونحن نعيش مرحلة هوان وذل لم يشهده تاريخننا منذ عقود , بل قرون .
كلنا أو لنقل معظمنا سمع من الذين نالهم شرف الدفاع عن الوطن في تلك المعركة , سمعنا كيف دارت أحداثها , فالواقع ليس كما يسوقه الإعلام الموجه , والحقيقة تبقى حبيسة ذكريات الجند الأوفياء ,عانقت بنادقهم بنادق إخوتهم وأبو إلا أن تكون وحدة تجلب القوة , وإخلاصا يبعث النصر , من عمق اليرموك والقادسية , وثباتا تندحر قوة الجيش الذي لايقهر.
بدأت المعركة فجرا من يوم الخميس 21/ مارس /1968م , واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول خطوط الجبهة.
فشل العدو تماما في هذه المعركة دون أن يحقق أيا من أهدافه على جميع المحاور , وخرج من هذه المعركة خاسرا ماديا ومعنويا خسارة لم يكن يتوقعها أبدا .
لقد صدرت الأوامر للقوات الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة 15:00 بعد أن رفض القائد ياسر عرفات وقف إطلاق النار وقال كلمته الشهيرة آنذاك " إحنا كأمة عربية نواجه الآن معركة خطيرة خلينا نصمد فيها وخلينا نستشهد فيها , لقد أخذنا هذا العهد بيننا وبين الله بأن نواجه هذه المواجهة بعد نكسة 1967م"
وكان الهدف من معركة الكرامة هو إنهاء العمل الفدائي , واعتقاد موشى دايان الذي قاد الهجوم الاسرائيلى , بأنه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة .
كذلك معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكاتهم مع الجيش الاسرائيلى على طول الجبهة الأردنية .
احتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان .
لقد صنع النصر ميدانا وبقرار المخلصين من كلا الطرفين , حيث رفضت الأوامر وبقى الجندي والفدائي في الخندق ولم يلبسوا أثواب النساء مولين الأدبار ,فكانت النتيجة عقوبة بحجم تلك الجريمة , بحجم جريمة النصر ,لان النصر في زمن الخيانة جريمة لاتغتفر , والنصر في عرف الساسة طموحاتهم الفردية حتى وان هلكت الأمة بأسرها .
فليكن خندق الكرامة نموذجا لوحدتنا , ولتكن أرواح شهداء الكرامة مظلتنا .
وهذه الدعوة موجهة لكل العرب والمسلمين , لكل من أمن أنه ابن هذه الأمة المجيدة , فالأمر اليوم لن يقتصر على شعب أو اثنين , بل الجميع , أمة الضاد لتصبح أضدادا , كانت الفتنة في يوم من الأيام ومازالت بين سوري واردنى , فلسطيني واردنى , ليبي ومصري , سوري ولبناني , سوداني ومصري , كويتي وعراقي , شيعي وسني , مسلم وقبطي , ولم تكن هذه الفتن الامن طرف حكوماتنا التي مافتئت تكرس الحدود وتسخر الجيوش من أجل سلطانها , وليست امتنا التي عاشت الدهور دون حواجز وحدود بالأمة المفرقة , لكنه صارت تبعا لزعامات جاد بها الاستعمار وسلطها على رقابنا , لذا فليكن خندق الكرامة نموذجا لوحدتنا ,
فالأمة الآن تمر بمخاض صعب , والخريطة في المنطقة تتشكل في العتمة , وما ندرى أين تكون الفتنه القادمة , ومن من شعوبها سيدفع الثمن وخير لنا أن نعى حقيقة مايجرى ولاندفن رؤوسنا كالنعامة ونظن أنا قد أمنا وسلمنا .
إن المرحلة القادمة مظلمة ولن تنيرها إلا العقول الواعية , والخطوب مدلهمة لن يقينا شرها إلا بعد النظر وحسن الظن , والمعركة لها وقود فاحذروا أن تكون شعوبنا وقودها , يكفينا ماخسرنا وما نخسر اليوم في كثير من أقطارنا , أجل زايها الأعزاء من المحيط إلى الخليج , فلنعد لخندق الكرامة , فامتنا واحدة ومصلحتنا فوق كل اعتبار.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت