موازنة سلام فياض ولعبة كرة القدم

بقلم: رمزي صادق شاهين


لا يمكن لأحد أن يكون ضد الرياضة ، فهي جزء من حياة الشعوب المتحضرة ، إضافة لكونها هواية يحبها معظم الشبان ، وهي اليوم عنوان التقدم في بعض الدول العربية والأوروبية ، ولها من الجماهير الملايين ، وليست الرياضة أقل من السياسة في الزمن الذي نعيشه ، فأصبحت وسيلة للتقارب من الشعوب حتى ولو اختلفت في السياسة ، وساهمت أيضاً في توتير أجواء بين بلدان ، كما حصل قبل سنوات بين مصر والجزائر .

في واقعنا الفلسطيني الرياضة تعيش أزمة حقيقية ، برغم محاولات الجهات المختصة تنشيطها على المستوى الإجرائي على الورق ، لكن على أرض الواقع نحن بحاجة للكثير من الترتيبات والإجراءات تبدأ من الصفر لإعادة بناء المنظومة الرياضية على أسس سليمة بعيداً عن الانتقائية والسياسة والإصطفافات الشخصية وسياسة المناطقية والشللية .

اليوم تخصص حكومة الدكتور سلام فياض 4,5 مليون دولار من الموازنة العامة لدعم الرياضة في فلسطين ، برغم أن ملايين الدولارات صرفت سابقاً على الرياضة والمنتخبات في فلسطين ، وللأسف تبخرت هذه الملايين دون معرفة أين ذهبت وكيف صُرفت ، ومن المسئول عن عدم وجود منظومة رياضية في كافة القطاعات منذ أن استلمت السلطة الوطنية زمام الأمور على أرض الوطن عام 1994م ، ولا أعتقد أن ما خصصته الحكومة اليوم لدعم الرياضة سيكون في خدمتها ، بل سيكون لخدمة فئة مُعينة ومنطقة جغرافية مُعينة وأشخاص بذاتهم وفقاً لمزاجيات القائمين على المنظومة الرياضية الفلسطينية ، كيف لا والتجربة مع غزة واضحة المعالم من الإهمال والتهميش خلال ست سنوات سبقت .

هناك عشرات القضايا يجب أن تكون ضمن الأولويات في الموازنة العامة ، وقد تكون أهم من الرياضة ، لأن بدون هذه الأولويات لن تُجدي الرياضة نفعاً ، ولن تجدوا من يمارسها من جيل تسلل له الإحباط نتيجة البطالة والفقر والجوع وفقدان الأمل بالمستقبل ، فهناك آلاف المواطنين الشباب ممن يعيشون في غزة تراودهم أحلام الهجرة ، ومنهم من يهرب بإتجاه المخدرات ، فماذا ستنفع الرياضة عندما يُصبح المجتمع عبارة عن مجموعة من المدمنين والتائهين والمشردين .

إن بناء مؤسسات شبابية متخصصة في العلاج النفسي والاجتماعي ، لهو أولوية مهمة في واقعنا الفلسطيني ، وإن إنشاء مصحات لعلاج المدمنين هو أولوية أهم من الرياضة أيضاً ، فبدون أن يكون الشباب أصحاء لن تنجح كل الجهود لبناء جيل رياضي قادر على المنافسة الحقيقية ، وإن بناء مستشفى على مستوى متقدم في قطاع غزة لهو حاجة مُلحة بالنسبة لنا أكثر من الرياضة ، لأن معاناة المواطن اليومية في غزة لا تنتهي في رحلة البحث عن العلاج .

نعود لنقطة البداية ، وهي أن أي شعب على هذه الأرض لا تتوفر له أبسط مقومات الحياة ، لن يكون شعب مُنتج أو شعب منافس ، فنحن نضحك على أنفسنا ، إضافة لأننا نحاول إيصال رسالة للعالم بأن لدينا الاهتمامات في الرياضة ونحن نترك الشباب للمخدرات ، وندعم المرأة وكُل يوم تزداد نسبة العنف بالمجتمع ، وندعم الديمقراطية والشفافية ولدينا من التجاوزات القانونية ما يكفي للحديث عنه ، ونتحدث عن حرية الرأي والتعبير ولا زال هناك من يُعاقب لأنه كتب مقال أو نشر تقرير صحفي .

&&&&&&&&
إعلامـي وكاتـب صحفــي – غــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت