الثلاثين من آذار عام 1976 لم يكن يوما عاديا بل كان يوما مميزا وذكراه له شجونه الخاصة , فانه له خصوصيته أيضا ,خصوصية لها علاقة بمن ارتبط بهم يوم الأرض , بالفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم بعد اغتصاب فلسطين عام 1948م ,وان كان أراد لهم سابقا العدو الصهيوني الذوبان والانصهار في المجتمع الصهيوني ,فانه اليوم يعلن عن نيته تهجيرهم وطردهم خارج وطنهم , ويتم توعدهم في مناسبة وغير مناسبة بالتخلص منهم , ويبحث عن الوسائل وينتظر الوقت المناسب لاقتلاعهم من أرضهم وإلقائهم خارج حدود وطنهم المغتصب , بدعوى الحفاظ على مايسميه ذلك العدو " نقاء الطابع اليهودي للدولة "! وقد ازدات هذه القناعة عند العدو الصهيوني بعد أن بلغت نتائج ذلك الحدث الذي نحيى ذكراه كل عام فلسطينيا وعربيا في فلسطين المحتلة عام 1948م والمحتلة عام 1967م , وفى جميع مواطن الشتات , بعد أن بلغت التحولات التي أحدثها في واقع حياة وتوجهات فلسطيني الأرض المحتلة عام 1948 ؛ مبلغا من التفاعل مع قضايانا ومشاركتنا معاناتنا بالدم , وبعد أن أصبح إخواننا في أل 48 هم حماة المسجد الأقصى بقيادة الشيخ المجاهد رائد صلاح " ضد كل المخططات اليهودية لهدمه , ومن أجل إعادة هيكلهم المزعوم مكانه , وبعد أن كشفت الأيام بأنه لا فرق بين مايسمى اليمين الصهيوني واليسار الصهيوني في نظرتهم لهم بقدر ماهو في التكتيك والسياسة في التعامل معهم ,خاصة بعد أن فجعوا بفلذات أكبادهم وهم يسقطون في ميدان العزة والشرف والكرامة شهداء برصاص حكومات اليسار اليهودي الذي ظنوا لفترة من الزمن أنه صديق لهم , ويختلف عن اليمين الصهيوني .
الثلاثين من آذار هو تأكيد جديد وتجسيد للفهم الذي يعنى ويدل على الالتصاق بالأرض ومن أجل ذلك قدم أهلنا في الأرض المحتلة عام 48 قدموا الشهداء من أجل فلسطين الحبيبة .
بدأت حكاية يوم الأرض باغتصاب العصابات الصهيونية لفلسطين عام 1948 , والبدء في وضع أيديهم على الأرض الفلسطينية , وتحويل ملكيتها إلى دولة العدو الصهيوني , ومن ثم بيعها إلى مايسمى " الصندوق القومي اليهودي " الذي يقوم بدوره بتأجيرها أو منحها لليهود فقط , وقد وضعت الحكومات الصهيونية المتعاقبة يدها على أراضى وأملاك من شردتهم العصابات الصهيونية الإرهابية من الفلسطينيين , وذلك عبر سن القوانين الجائرة المختلفة التي تهدف بالمحصلة إلى سرقة الأرض من أصحابها الحقيقيين , فمن قانون الاراضى البور إلى المناطق المغلقة إلى الاراضى المتروكة أو الآراضى الشائعة ,إلى قانون أملاك الغائبين إلى مناطق الأمن . إلى استملاك الاراضى الفلسطينية ووضع اليد عليها , تارة بزعم أن هذه " أرض محميات طبيعية " وتلك بدعوى " منطقة عسكرية " وأخرى " للحاجات الأمنية " .. الخ , وماهى إلا فترة قصيرة من الزمن حتى تتحول هذه الاراضى العربية إلى أيدي المستوطنين اليهود , أما كمناطق زراعية , أو يقام عليها منشئات صناعية, أو حدائق عامة , أو أحياء سكنية.
وما أن جاء عام 1972 حتى كانت دولة الاحتلال الصهيوني قد أصدرت أربعة وثلاثين قانونا , نهبت وصادرت من خلالها ملايين الدونمات من الاراضى الفلسطينية , ومئات الملايين من الدولارات كعقارات وغيرها .
وأمعنت حكومات دولة الاحتلال الصهيوني في تطبيق سياسة التهويد , و من تلك السياسات أن أعلنت دولة الاحتلال في أوائل عام 1975 عن مشروع لتهويد الجليل باسم تطوير الجليل وفى 13/ 2 / 1976 صدر قرار عسكري صهيوني بإغلاق المنطقة " 9 " كمنطقة عسكرية , ومنع أصحاب الاراضى الأصليين من الوصول إليها , أعقبه إسحاق رابين بقرار مصادرة 20 ألف دونم من الاراضى العربية , وعلى الرغم من أن الأرض المصادرة تخص سكان منطقة البطوف , إلا أن الجماهير الفلسطينية جمعاء في فلسطين المحتلة عام 48 , قد أعلنت يوم 30/ 3 / 1976 يوما للإضراب الشامل والتظاهر في المدن والقرى العربية , احتجاجا على سياسة التعسف اليهودي , وسياسة التمييز العنصري , ومصادرة الاراضى , التي يمارسها العدو الصهيوني منذ العام 48 ضدهم , ومحاولة اقتلاعهم من أرضهم , وتمزيقهم إلى مجموعات صغيرة منعزلة ,
وقد اتخذت انتفاضة يوم الأرض شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية عارمة , وقد أسفرت أحداث تلك الانتفاضة التي تفاجئ فيها فلسطيني أل 48 بالطريقة الوحشية التي قامت بها قوات الحكومة الصهيونية لتفريق المتظاهرين وقمعهم , عن استشهاد ستة شهداء فلسطينيين هم : الشهيدة خديجة شواهنه , الشهيد رجا أبوريا,و الشهيد خضر خلايله من أهالي سخنين ,والشهيد خير أحمد ياسين من قرية عرابه , والشهيد محسن طه من قرية كفر كنا , والشهيد رأفت على زهدي من قرية نور شمس , واستشهد في قرية الطيبة , هذا إضافة لعشرات الجرحى والمصابين , وبلغ عدد الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الصهيوني أكثر من 300 فلسطيني .
وقد شكل يوم الأرض معلما بارزا في تاريخ فلسطيني أل 48 , باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض أبائهم وأجدادهم , وتثبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي كانت . ومازالت تمارسها دولة الاحتلال بحقهم , بهدف إبعادهم عن أرضهم ووطنهم .
وفى الختام: أناشد كل فلسطيني أن يصرخ بأعلى صوته , لإنهاء الانقسام البغيض والعادة الوحدة واللحمة لشعبنا , من أجل معركة تحرير الأسرى من سجون وبساتيل دولة الاحتلال , والتصدي لكل محاولات دولة الاحتلال لتهويد مدينة القدس وهدم المسجد الأقصى .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت