"دعـاء" لقبتها صديقاتها بـ(الثـائـرة) لتـحـديهـا لإعـاقـتهـا

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
شَاْءت لها الأقدار أن يكون الكرسي المتحرك رفيق دربها منذ ولادتها ، نتيجة إعاقة حركية تسبب فيها مرض وراثي " ضمور في العضلات " ، لكن " دعاء " لم توقفها معاناتها عن خوض حياتها كبقية الفتيات الأصحاء ، رغم الصعوبات التي تتعرض لها، فكان الجزء الأساسي في حياتها هو الحرص على التعليم وتحدي الإعاقة .

دعاء قشلان ذات (23 عاماً) ، والتي نشأت في أسرة بسيطة الحال في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة ، درست مثلها مثل كافة الطالبات اللواتي في سنها في مدارس عادية ليس لها أي صلة بذوي الإعاقة، في المرحلتين الابتدائية والإعدادية .

وتقول دعاء لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" طارق الزعنون "أجريت لي عملية (تطويل أوتار) لما كنت في الصف الأول الابتدائي ، وبالفعل نجحت العملية وسرت امشي على قدمي بصعوبة بعض الشيء ، وليس بشكل طبيعي فخطواتي كانت تظهر أني أعاني من إعاقة ".

دعاء ذات البشرة الخمرية كانت من احدى الطالبات المتفوقات في المدرسة، فرغم ما تعانيه، استطاعت منذ صغرها ان تكسب تشجيع مدرسيها وود زميلاتها اللواتي كانن يساعدنها في ذاهبها وإيابها إلى المدرسة، مستذكرة كيف كانت هذه الفترة في حياتها قائلة " لم اشعر بالحرج الكبير بسبب إعاقتي، يمكن لأني ولدت وولدت معي الإعاقة فكانت جزء من حياتي، زميلاتي كانت تساعدني في الذهاب للمدرسة لم أشعر بفرق بيننا ".

وتتابع دعاء قولها " بعد ما اعملت العملية اخبرني الأطباء اني لما اكبر المرض راح يرجع من جديد وأعود إلى الكرسي مرة تانية ، كان هادا يقلقني دائما ويشغل تفكري".

وتضيف دعاء وهي تستذكر حياتها عندما بلغت الصف السادس الابتدائي " صدق الأطباء عندما اخبروني ان المرض سوف يعود، بدأت أشعر بصعوبة كبيرة في خطواتي حتى لقيت حالي ما بقدر أمشي مثل أول، وأرجعت أجلس على الكرسي، وهاد الإشي أثر على نفسيتي وعلى مستوي تعليمي ، ولما انتهت السنة كان فرق كبير بين معدلي الدراسي بالسنوات الماضية وبين ما حصلت عليه".

دعاء ليست الوحيدة في أسرتها التي تعاني من مرض"ضمور العضلات" بل شاءت الأقدار أن ترزق أسرتها، بأخت تصغرها بسبعة أعوام من العمر ترقدُ حالها حال أختها على كرسيٍ متحرك " .

المرحلة الثانوية كانت المحطة التي تفرقت فيها دعاء عن زميلاتها التي نشأت معهن، بسبب انتقالها لمدرسة أخرى، فأيقنت حينها بانهُ حان الوقت لتعتمد على نفسها أكثر من أي وقت مضى ، وتحملت والدتها جزء من هذه المعاناة فكانت تصطحبها لمدرستها وتنتظرها في نهاية يومها الدراسي لتُرجعها للبيت، حتى انتهت هذه المرحلة بحصولها على شهادة الثانوية العامة .

ما إن فرغت دعاد من حصولها على شهادة الثانوية العامة حتى قامت بالتسجيل في حملة "لتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة " كانت معلنة بقطاع غزة في عام 2009م برعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حاكم دولة الإمارات العربية، حيث تم قبولها للسفر للدراسة في منطقة " العين "بدولة الإمارات، وكانت تجربتها مع السفر مغايرة لحياتها السابقة فتركت أهلها وصديقاتها الذين ما استكانوا من تشجيعها".

وتقول في هذا السياق " رحلتي مع السفر كانت تجربة جديدة وكان يرافقني ستةُ بنات من ذوي الإعاقة ، حصلت خلالها على شهادة اللغة الإنجليزية، وحصلت على الشهادة العالمية لقيادة الحاسب الآلي (ICDL) ، واستمرت رحلة السفر مدة عامين متتاليين حتى رجعت إلى حضن والدتي ".

ما إن رجعت دعاء حتى قامت بالإسراع في التسجيل بكلية الزيتونية في مخيم المغازي وسط القطاع، التي رفضت قبولها في بداية الأمر، نظراً لإعاقتها، لكن مع إلحاح من أسرتها على إدارة الكلية تم قبولها، حيث تدرس الآن" السكرتارية وأتمتة مكاتب " .

وتتمني دعاء التي لقبتها صديقاتها بـ"الثائرة "في إشارة لعدم استسلامها لإعاقتها، ان تجتاز هذه المرحلة من حياتها بنجاح وان تكون من الذين ينادون بحقوق ذوي الإعاقة قائلة "هدفي ان اكون من يلى بطالبوا بإعطاء حقوق المعاقين، وان أنادي باسمهم واعرفهم للمجتمع، لأننا نحن جزء من المجتمع، واحصل على وظيفة وامارس حياتي مثل بقيت أفراد المجتمع ".