تمهيد ...
رب سائل يسأل... ما الذي دفعني كي أشحذ نبوة قلمي وامتطي صهوة الكتابة وأدلي بدلوي من خلال مقال بعد طول فترة سبات وخمود واعتكاف امتدت أشهرا عدة، والجواب أيها الأحبة الكرام يكمن في ذاك الخبر الذي هزني كما هز غيري من أبناء أمتنا العربية "المجيدة الخالدة" والنائمة والذي تحدث عن قيام مجموعة من شباب الهاكرز العربي المسلم الذي تمكن بجدارة لا نظير لها من اختراق وتدمير مواقع الكترونية صهيونية رسمية وغير رسمية، فأذا بنشوة انتصار سرت عبر شراييني بعد طول ذل وهزيمة نفسية عميقة تجذرت ... غير أنني أرجو الله صادقاً أن لا يكون ذاك الخبر كسحابة عابرة في صيف قائض لاهب تزول نشوتها بعد وقت وجيز لنعود إلى سابق ما كنا نعيشه من لهيب صيف قائض مرير بانتظار سحابة صيف عابرة أخرى!!.
قبل يومين أو أكثر، تناقلت المواقع الالكترونية الإخبارية العربية ما ذكرته صحيفة "معاريف" الصهيونية من قيام مجموعة من الهاكرز العرب المسلمين عرّفت نفسها بـ "أنونيموس" بشن هجوم الكتروني كاسح على مواقع الإنترنت العبرية، ومنها الموقع الرسمي لـما يعرف بـ "اتحاد أراضي إسرائيل " و "رقم الدليل 144"، هذا كما وأضافت الصحيفة أن الهاكرز كتب في رسالته على موقع "اتحاد أراضي إسرائيل" عبارة: من أجل الدفاع عن فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضى العربية بإمضاء جيش الإسلام، كما ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فحسب، بل وقامت تلك المجموعة بكشف حسابات بطاقات ائتمان لبعض قطعان الكيان الصهيوني على الإنترنت أيضا بالإضافة إلى اختراق حسابات البعض الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، وقاموا بمحو صورة صاحب الحساب الشخصي، وأشارت الصحيفة إلى أن الهاكرز استهدف كذلك عدة صفحات لمسئولين صهاينة كبار منهم وزير المالية يائير لبيد، ووزير النقل يسرائيل كيتس، وما يلفت النظر تزامن ذاك الاختراق الالكتروني مع ذكرى المحرقة النازية المزعومة في السابع من نيسان / أبريل التي جرت على يد أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية!!.
للحدث تداعيات كبيرة ومؤشرات خطيرة، سواء على المشهد الرسمي العربي أو على الواقع العبري، لعل أكثر تلك المؤشرات فشل الكيان الصهيوني بتحجيم وتهجين شبابنا العربي ورفضهم الخنوع والخضوع لإرادة المحتل الصهيوني، بعكس الأنظمة العربية التي انبطحت أمام الإرادة الصهيوأمريكية واذعنت لاشتراطاتها، وإنه تالله لأمر يبعث إلى الفخر والزهو حين تعترف الصحافة العبرية بسقوط آلاف المواقع السيادية جراء هجوم الهاكرز العرب، ولعل المؤشر الخطير الآخر يكمن في ان هؤلاء قد نجحوا فعلا في عزل الدولة العبرية "التي لا تقهر!!" عن العالم لعدة ساعات متواصلة، وانهم اسقطوا مواقع السيادة الاسرائيلية ورفعوا صورة الاسير سامر العيساوي، فيما اعترفت صحيفة "معاريف" اليمينية وغيرها من المواقع الاخبارية في أخبارها الرئيسية بسقوط عدد من المواقع بيد الهاكرز المؤيد للفلسطينيين منها على سبيل المثال لا الحصر موقع رئيس وزراء إسرائيل، موقع وزارة الدفاع الإسرائيلية، موقع وزارة التربية والتعليم، موقع وزارة البيئة، موقع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، موقع مكتب الاحصاء، موقع مكافحة السرطان، إلى جانب آلاف المواقع الصغيرة ومئات آلاف الحسابات على مواقع التواصل الإجتماعي، وإن الكيان الصهيوني لم يتمكن من إعادة تشغيلها إلا بعد عدة ساعات. وكشفت معاريف أيضاً أن هناك مواقع بنكية وأخرى حساسة جداً جرى اختراقها!!.
لا أجد وصفا أكثر دقة وواقعية لما فعله هذا الشباب العربي الرائع إلا أنه ترجمة صادقة ناصعة للإرادة الجماهيرية العربية الرافضة لمنطق السكوت الرسمي العربي واستسلامه للإرادة الصهيو أمريكية، وهي الترجمة الحرفية للإرادة الشعبية العربية النابضة بحسها الوطني القومي المرهف والزاخرة بكل معاني العنفوان والعزة والشمم الذي افتقدناه من الجانب الرسمي العربي طيلة عقود من ركوع وخنوع أنظمة عربية.
هو إحساس بالعظمة والكبرياء ممزوجة بالغصة والألم، عظمة وكبرياء تمثلا بعطاء وتصميم وإرادة شباب عربي حر أبى أن يركع لإرادة الاحتلال الصهيوني، وشعور مرير بالغصة والألم جراء خنوع أنظمة عربية وانبطاح إرادتها عن تأدية واجبها القومي والشرعي تجاه قضية فلسطين، ولعل كبرياءنا قد تمثل بحجم الانزعاج الكبير الذي تلبس الكيان الصهيوني إثر ذاك الاختراق الالكتروني غير المسبوق ولا المعهود من قبل، وزهونا وفخرنا قد تعاظما بما تلمسناه حين أقضت مضاجع حكومة وقادة تل أبيب وادخلتهم في حيص بيص من أمرهم وفي دوامات إعادة حساباتها بعدما ظنت أنها قد تمكنت من تدجين الشباب العربي وتحجيم قدراته الخلاقة، في وقت لم تكن الأنظمة العربية يوما مصدر قلق أو إزعاج لقادة الكيان الصهيوني، برغم مئات مليارات الدولارات التي صرفت لتسليح جيوشنا العربية بـ"ذريعة" وحجة مقارعة الاحتلال الصهيوني ورد الكرامة العربية التي هدرت بضياع فلسطين منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، وما يدرج ضمن خانة حماية الأمن القومي لكل قطر عربي !.، إلا اللهم تلك الفترة العروبية الناصعة التي رافقت فترة زعيم العرب الخالد جمال عبدالناصر "رحمه الله" والتي أرعبت الكيان الصهيوني فسعى الأخير جاهداً لوضع الخطط والدسائس لإسقاط زعيم تلك الحقبة الثورية المتأججة واختفائه من المشهد العربي!!.
تلك لعمري معطيات وتداعيات مشهد اختراق المواقع الالكترونية الصهيونية، حين تمكنت من إنجازه مجموعة طيبة مؤمنة من شباب هذه الأمة المبتلاة بأنظمتها في وقت لم تمتلك من أسلحة تضاهي بها قدرات العدو الصهيوني غير قدرات الإرادة والمعرفة والتكلنولوجيا فشنت هجوما الكترونيا كاسحا واخترقت بمنتهى المهارة والحرفية حصون مواقع الإحتلال الصهيوني الألكترونية وعبثت بها وزرعت الرعب في نفوس من يديرها، فكانت بحق مبعث زهو وانتشاء وفخر للعربي البسيط المغلوب على أمره، ونصرا مؤزرا سجل لصالح فلسطين وشعبها الصابر المرابط، فحق عليها وصف آيات كتاب الله العزيز حيث قال جل وعلا "وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، في وقت كانت قد عجزت الأنظمة العربية جميعا عن فعل عشر معشار ما فعله هؤلاء الغيارى النشامى من شباب هذه الأمة، بقضها وقضيضها، وبما تملكه من جيوش جرارة وما تشتريه من أسلحة غربية بمليارات الدولارات سنويا منذ ضياع فلسطين عام 48 وحتى يومنا هذا!!.
رب سؤال يدور في خلدنا، أكان لذاك الفعل الرائع أن ياخذ مداه وصداه لو أن الأنظمة العربية كانت على علم مسبق بما عزم شباب الاختراق الالكتروني العربي على فعله!؟، والجواب قطعا بالنفي، وإلا لتحركت قوى الأمن العربي هناك وألقت القبض على هؤلاء تحت مسمى مكافحة الإرهاب وذريعة زعزعة أمن واستقرار أنظمتها، فسر نجاح تلك العملية يكمن في أنها قد جرت بعيدا عن أعين وأنف السلطات العربية من محيطنا الهادر إلى خليجنا الثائر!!.
يقول الله تعالى في محكم آياته: : إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى" ... صدق الله العظيم.
أجل ... لقد فعل الهاكرز العربي مالم تفعله الأنظمة العربية!!.
ألا تعسا لانظمة الانبطاح والخنوع العربي!!!.
وحيّ الله فعل شباب الهاكرز العربي المسلم الأبي!!!.
سماك العبوشي
9 نيسان 2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت