ثلاثة أوجه للعمل الدبلوماسي !!!

بقلم: حنا عيسى


يتمثل عمل الدبلوماسية في أوجه أنشطة ثلاثة هي مراقبة مجريات الأمور والحوادث, وحماية مصالح الدولة, والمفاوضة في كل ما يهمها. فمراقبة كل ما يمس مصالح الدول في علاقاتها ببعضها مع السمو في المصالح الخاصة والنزعات الحزبية مهمة شاقة واسعة النطاق تقتضي الحزر والحيطة في استقصاء مختلف المعلومات والتثبت من صحتها لتجنب الوقوع في الخطأ أو التغرير، كما تقتضي توخي الدقة في تنسيقها وفي استخلاص ما يمكن أن يستفاد منها ويهم الدولة أن تلم به.

وحماية مصالح الدولة ومصالح رعاياها تتطلب ملاحظة تنفيذ المعاهدات وإتباع قواعد القانون الدولي, كما تتطلب التدخل في الوقت المناسب لمنع الإخلال بالحقوق أو المصالح الشرعية إن أمكن ذلك، أو لمطالبة بالإصلاح والتعويض عند الاقتضاء كل هذا في حذق ولباقة، ومراعاة انتهاج الوسائل التي تلائم الظروف وتوافق أمزجة المخاطب معهم, فتوحي إليهم بما يجب عمله دون أن تفرضه عيهم وتقنعهم في حزم عند اللزوم دون أن تصدهم.

وأما المفاوضة فتتناول مختلف الموضوعات ولمختلف الأغراض تارة لتجنب إثارة المنازعات، وتارة لتهدئتها طورا لتسوية الماضي وطورا لتدبير المستقبل، كما أنها هي التي تمهد لعقد المعاهدات وإبرام الاتفاقات التي يتم بها توثيق العلاقات وتدبير الحلول للمشكلات.

وقد حاول من كتبوا عن الدبلوماسية كل من جانبه وضع تعريف لها على ضوء المهام المتقدمة التي تضطلع بها فتنوعت بذلك العبارات في ألفاظها وأسلوبها، فنجد مثلا "برادييه فوديريه" يعرف الدبلوماسية بأنها " فن تمثيل الحكومة ومصالح البلاد لدى الحكومات وفي البلاد الأجنبية، والعمل على ألا تنتهك حقوق ومصالح وهيبة الوطن في الخارج وإدارة الشؤون الدولية وتولي أو متابعة المفاوضات السياسية".

ويأخذ الكاتب الدبلوماسي الإنجليزي "هارولد نيكولسون" في مؤلفه الدبلوماسية بالتعريف الوارد لها في معجم اكسفورد ونصه " الدبلوماسية في إدارة العلاقات الدولية عن طريق التفاوض والأسلوب الذي تنظم وتوجه به هذه العلاقات بواسطة السفراء والمبعوثين وعمل الدبلوماسية وفنه".

وكان الأستاذ الفرنسي ديفييه أكثر من التزموا الإيجاز في تعريف الدبلوماسية فاكتفى في ذلك بقوله أن " الدبلوماسية هي علم وفن تمثيل الدول والمفاوضة".

فالدبلوماسية إذا علم وفن في ذات الوقت إنما قد تكون صفة الفن فيها هي الغالبة لأنه لا يكون للعلم قيمة حقه في مجال ممارستها إن لم تكن تصاحبه المواهب اللازمة لحسن الاستفادة منه من ذكاء وحسن تصرف وتمييز ولباقة وتبصر في عواقب الأمور.

ويقول "برادييه فوديريه" في هذا الصدد إن " الدبلوماسية " علم يجب تعلم قواعده وهي فن يتعين الوقوف على أسراره.

بقلم الدكتور حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت