غزة- وكالة قدس نت للأنباء
بعد رحلة طويلة من المناكفات والخلافات وتبادل الاتهامات العلنية والسرية التي جرت في أروقة الحكومة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أخيراً" وفي أقل من 20 دقيقة قبول الاستقالة التي تقدم بها مؤخراً سلام فياض من رئاسة الحكومة ووزارة المالية، وكلفه بتسيير أعمال الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وتفجّر الخلاف بين عباس وفياض عندما أقدم الأخير على قبول استقالة وزير المالية نبيل قسيس، في الوقت الذي كان فيه الرئيس خارج البلاد، متجاوزاً بذلك اللوائح والقوانين التي تُعطي صلاحية قبول استقالات الوزراء إلى رئيس السلطة، الأمر الذي اعتبره بعض قادة "فتح" مثل تيسير نصر الله "تحدياً من فياض لقرارات الرئيس".
وأكد مصدر رسمي فلسطيني، أن الرئيس عباس قبل استقالة فياض، بعد أن تقدّم الأخير بها رسمياً خلال اجتماعه في مقر المقاطعة برام الله، وقال المصدر:" إن عباس قبل استقالة فياض بعد أن أكد الأخير عدم بقائه رئيسا للحكومة".
وتقدم فياض باستقالته أكثر من مرة في العامين الأخيرين على خلفية التظاهرات والتصريحات المناهضة له، لكن عباس طلب منه مواصلة العمل لحين التوصل إلى اتفاق مصالحة وتشكيل حكومة وفاق وطني تشارك "حماس" في إقرارها، وترافق الخلاف بين عباس وفياض مع خلاف آخر بين فياض وعدد من قادة حركة "فتح" الذين طالبوا بإقالته بعد ظهور تطلعاته السياسية ورغبته في الترشح للرئاسة وخلافة عباس.
هزة سياسية..
وأحدثت الأنباء التي تحدثت عن استقالة سلام فياض هزة في الحياة السياسية الفلسطينية التي تتسم بالركود الشديد منذ الانقسام أواسط العام 2007، والذي تعطلت معه الانتخابات الدورية وتوقف معه المجلس التشريعي (البرلمان) عن العمل.
وقال مصدر فلسطيني مطلع :" إن قبول عباس لاستقالة فياض كان متوقعاً، نتيجة النداءات الشعبية والرسمية التي طالما طالبت بإقالته من منصبه".
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه-لحساسية الموقف-، فياض كان يشعر بالفترة الأخيرة وفل ظل الهجمة التي تعرض لها بأنه "كبش فداء" لقرارات السلطة والحكومة التي كانت كلها بيد الرئيس محمود عباس وبعض الشخصيات ذات النفوذ.
وأكد المصدر ذاته، أن فياض طرح الاستقالة من منصبه على الرئيس عباس أكثر من مرة، ولكن الأخير رفضها وبشكل قاطع، وطالبه بالعدول عن القرار، إلا أنه واستجابة للضغوط الداخلية قرر قبول الاستقالة. ورأى المصدر، أن عباس الآن بموقف صعب في عملية البحث عن شخصية يتم التوافق عليها فلسطينياً لرئاسة الحكومة المقبلة، في حالة تعذر التوافق بين حركتي "فتح وحماس" على حكومة الوفاق الوطني وفشلت جهود المصالحة.
وظهر اسم الاقتصادي محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، الذي يعمل في مكتب عباس، مجدداً كأقوى المرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة، والخيار الثاني الجاري بحثه هو أن يقود عباس نفسه الحكومة الجديدة انتظاراً لتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وبات على عباس أن يشكل حكومة أخرى من دون مصادقة المجلس التشريعي وتطبيق اتفاقات المصالحة العديدة التي تم التوصل إليها بين الحركتين.
وواجهت اتفاقات المصالحة بين "فتح وحماس" عقبات عدة حالت دون تطبيقها، وتركتها حبراً على ورق، وأولى هذه العقبات تجدد الجهود الأميركية لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ويقول مراقبون ومسئولون إن عباس لن يقدم على تطبيق اتفاقات المصالحة وتشكيل حكومة مشتركة مع حركة "حماس" في ظل جهود أميركية متواصلة لاستئناف المفاوضات، الأمر الذي يتركه مع خيار وحيد هو تشكيل "حكومة انقسام" جديدة.
زوبعة لا أكثر..
بدوره، أكد المحلل السياسي عبد الستار قاسم، أن طرح فياض الاستقالة للرئيس عباس، وقبول الأخير لها مجرد "زوبعة إعلامية" لا جدوى منها ولا فائدة.
وقال قاسم:" فياض ليس هو العقبة الوحيدة في السلطة أو الحكومة، وطرح ملف استقالته في الظروف الحالية من استمرار الانقسام وتحركات لإحياء المفاوضات يضع علامات استفهام كبيرة".
وأضاف المحلل السياسي، عباس حتى اللحظة يحتفظ بفياض بعد تكليفه بمتابعة أعمال الحكومة لحين تشكيل حكومة جديدة، مؤكداً أن عباس أجبر على قبول الاستقالة ولم يكن قادراً على فعلها.
وأوضح قاسم، أن السلطة الفلسطينية بها رموز كثيرة تساعد في عدم النهوض بها من جديد، وتقف عقبة كبيرة أمام مصالح أبناء الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن وضع السلطة والحكومة لا يحمد ويتجه نحو الكارثة في السياسة التي تتعامل معها مع متطلبات المرحلة والظروف المحيطة بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وتعرض الرئيس محمود عباس لضغوط من الدول الغربية الحليفة كي لا يقبل استقالة رئيس وزراء حكومته سلام فياض، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط، وتنسب القوى الغربية إلى فياض، الفضل في المساعدة على إنشاء المؤسسات التي يحتاج إليها الفلسطينيون في حالة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جانبها، عقبت "حماس" على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، على خبر إقالة فياض، وأكدت أن قبول عباس استقالة فياض لا علاقة له باتفاق المصالحة، وإنما مرتبط فقط بالخلافات بين حركة فتح وسلام فياض"، وقالت:" حماس تؤكد أن تطبيق اتفاق المصالحة مرهون بموقف حركة فتح حينما تكون جاهزة للالتزام بالاتفاق بشكل كامل وبدون انتقائية".
من / نادر الصفدي ..