اعترف بأنني أحببت هذا الرجل يوما ,ولم يكن حبي له على المستوى الشخصي فقط ,وإنما كان على الصعيد الوطني أيضا, كما اعترف بأنني كنت من الداعين إلى ضرورة الالتفاف حول هذا الرجل وضرورة تعزيز صمود حكومته وذلك عندما ألقى خطاب الزيت والزعتر ردا على سياسة حصار تلك الحكومة ,ولكني اعترف اليوم أيضا بان احترامي للأخ أبو العبد هنية لم يسقط بعد ,وان كان حبي له قد سقط مع سقوط دعوتي بضرورة الالتفاف حوله .
صحيح بان الحب في ميزان السياسة امرا لا قيمة له ولا نفعا منه, وصحيح ايضا أن الاحترام لا يعني الحب ,لكن الحب يعني كل الاحترام , إلا أن الحب عاطفة في حين أن الاحترام موقف والعبرة بالمواقف لا بالعاطفة ,ومن هنا يمكن القول بان حبي لهذا الرجل أمر لا قيمة له ما لم يُقترن باحترام مواقفه ,وعليه وبعيدا عن جدلية رفضه لقرار الإقالة , ووقوفه صامتا أمام مرحلة الاقتتال المشئوم, إلا إن احترامي له ما زال باق لأنه سعى وما زال يسعى لتغليب مصلحة حركته على مصلحته الشخصية , مع إقدامه على التمسك بحكم افقده حب من التف حوله يوما ,كما فقد معه فرص تعزيز حظوظه بان يكون ذات يوم رئيسا لدولة فلسطين وان كنت اعتقد بان فرصته في ذلك ما زالت سانحة له اذا ما تقدم الآن باستقالته ليفتح الباب واسعا أمام مصالحة حقيقية ,فهل يفعلها الآن ليخرج من باب حكومة مقالة ليعود إلينا من باب أوسع وهو باب الرئاسة ؟.
لقد ساءني ما شاهدت من رد على ما جاء في دعوة الأخ طلعت الصفدي أثناء القاءئه كلمة القوى والفصائل الوطنية في يوم الأسير وذلك عندما سيطر بضعة أشخاص على المنصة وانزلوه عنوة عنها مجرد أن المح إلى ضرورة استقالة حكومة هنية كخطوة مماثلة لما قام به الدكتور سلام فياض تحقيقا للوحدة وإنجاحا للمصالحة ,فكيف لو أن هذا الرجل نطق ما تمنى بشكل مباشر , فجيد انه لم يفعل ,وجيد أيضا انه ليس بأيدي هؤلاء أية سلاح وإلا لكنا قد شاهدنا وشاهد العالم اجمع معنا جريمة وعلى الهواء مباشرة , فلماذا لا يتقبل هؤلاء إقالة هنية؟, ولماذا لا يتقبل هؤلاء أيضا فكرة أن يقدم السيد هنية استقالة حكومته بنفسه فهي لم تتجاوز القانون فحسب , بل باتت تقف عائقا أمام مصالحة فقد الشعب الإحساس بمصداقية العمل على تحقيقها؟.
إن دعوة السيد إسماعيل هنية للرحيل من على رأس الحكومة في غزة باتت مطلبا وطنيا ولا يمكن اعتبار هذه الدعوة إنقاصا بحق هذا الرجل , كما أن الرحيل لا يعني إنهاءا لدوره الوطني ووجوده السياسي ,وإنما هي أمرا ملحا لما جاء في تلك الدعوة من توافق مع طبيعته ,ولما فيها أيضا من تعزيز لأوراقه السياسية وكسبا لحب وود هذا الشعب وعاطفته واحترامه الذي لم يعتبره مجرد خطيب ألهب حماستهم فقط ,بل اعتبره شخصية وطنية امتلك بعضا مما امتلكه الزعيم الراحل من كاريزما إلغاء الذات والانخراط في بوتقة نحن وان كان هذا الرجل حتى الآن قد ألغى ذاته من اجل أن تبقى حماس لا أن تبقى فلسطين, فهل يرحل هنية الذي أحببناه لتبقى حماس وفلسطين ؟.
لأننا أحببناه ونريد له أن يُبقي ما تبقى من بقايا بذور حب له في قلوبنا نقترب منه لنهمس في أذنه ونقول له ما لم يقله السيد طلعت الصفدي بشكل مباشر " من اجل حماس وفلسطين ارحل يا أخ أبو العبد".
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت