تواتر الأنباء عن تقديم "العربان" تنازلا جديدا لدولة العدوان خلال الزيارة التي قام بها عدد من وزراء الخارجية العرب، يشير إلى حالة التردي التي وصلت إليها هذه الامة. حيث أفادت التقارير ان وزير الخارجية القطري الذي "يقود" الوفد الزائر، قال إن هنالك إمكانية لإجراء تبادل للأراضي بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال بدلا من العودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967.
التراجع العربي الجديد يأتي بعد ان رفضت دولة الاحتلال التعاطي مع المبادرة العربية التي قدمت في العام 2001، والتي كان شارون قد رفضها قبل ان يجف حبرها.
وحيث ان المبادرة التي أقرت في قمة بيروت، كانت في حينه تمت بالترتيب بين الملك عبد الله والرئيس بوش، من اجل ان تتمكن الولايات المتحدة من الضغط على دولة العدوان، للتوصل إلى حل سلمي للمسألة الفلسطينية. فان من الواضح ان الطرف الأمريكي الذي عودنا على انحيازه للطرف الصهيوني، عجز عن إقناع هذا الطرف قبول المبادرة، وهو الآن يطالب "العربان" بالمزيد من التنازلات، التي هي في الحقيقة مجانية، حيث إنها لم تأت من خلال جهد تفاوضي أو بعد جهود مضنية، بل أتت على الطريقة العربية في حل القضايا "العشائرية".
لقد كان السؤال في حينه لماذا لا تتعاطى دولة الكيان مع المبادرة، من الواضح ان لساسة الكيان حساباتهم المختلفة، حيث تتحدث المبادرة عن علاقات جماعية وتطبيع للعلاقات بين دول "العربان" ودولة الكيان، والسؤال هو أي دول العربان التي لا تقيم علاقات مع دولة الكيان.
مصر، والأردن، والسلطة الفلسطينية وموريتانيا لها علاقات واتفاقيات مع دولة الكيان، الإمارات وقطر والسلطنة، تقيم علاقات شبه طبيعية، تونس والمغرب والجزائر أيضا، العراق من خلال الأكراد، ليبيا على الطريق، لبنان من خلال القوى اليمينية، تبقى سوريا التي ليس لها علاقات معلنة، اليمن قيل عن علاقات تحت الطاولة، إذن المقصود السودان والصومال والسعودية الكويت، وتظل البحرين التي يعتقد بان لها علاقات أيضا تحت الطاولة.
دولة الكيان التي "طربت" لهذا التنازل المجاني، رحبت بالتنازل مباشرة على لسان الصهيونية ليفني ، وبحسب ما جاء في هآرتس، طالبت دولة الكيان بالمزيد من التنازلات، حيث طالبت بالتطبيع بين دول العربان والكيان.
فكرة تبادل الأراضي كانت مطروحة على الطاولة من قبل الجانب الصهيوني، ولا نعلم من الذي أوحى بها الآن لرئيس الوفد العربي، وهل تمت استشارة الوفد الفلسطيني، وما هو الموقف الفلسطيني الذي نعلم انه ما زال يقول انه لن يتنازل عن حدود 1967. علما بأن عين دول العدوان على الأراضي المحيطة بالقدس وبالأغوار، وهي لن تتنازل عن هاتين المنطقتين كما يعلن جميع قادة الكيان.
العربان الذين انهزموا، في العام 1948، ثم هربوا في العام 1967، يتنازلون الآن بدون أي شعور بالخجل أو الندم أو عن جزء آخر من فلسطين، وكأن فلسطين ليس سوى "مزرعة" وليس وطن وقضية، وشعب قاوم دولة الاغتصاب منذ حوالي سبعة عقود، محاولا رد عار "العربان" الذين هربوا في كل حروبهم مع الكيان.
لكن ماذا لو رفضت دولة الكيان هذا العرض كما رفضت المبادرة بدون هذا التعديل، هل قال العربان لجون كيري، إنهم في حالة الرفض سيجيشون الجيوش ويفعلوا كما فعلوا في ليبيا، أو كما فعلوا قبل ذلك في العراق، هل يمتلكون الجرأة لرفع صوتهم ولو قليلا، هل همهم أو غمغم أحدهم أو همس ولو رفعا للعتب، ان في جعبتهم بدائل لهذه المساعي السلمية ولهذه التنازلات المجانية، نشك في ذلك.
ان ما نسمعه من أنباء، إنما يثير القلق كما يثير الريبة، خاصة في ظل عدم صدور موقف فلسطيني واضح في هذا السياق، علما بأن أية تنازلات يقدمها أي طرف عربي أو حتى فلسطيني، سوف لن تكون مقبولة وهي بدون شك مدانة ومرفوضة،سيلفظها الشعب الذي لم يناضل ولم يقدم كل التضحيات مقابل التنازل عن فلسطين أو التفريط بها وإدارة الظهر لكل ضحايا الكيان وجرائمه منذ تأسيسه.
كان الشعب الفلسطيني وفي ظل ما يقال عن الربيع العربي، يرغب في سماع مطالب عربية جماعية بالضغط على الكيان من اجل وقف الاستيطان، وقبول قرارات "الشرعية" الدولية، والتلويح ولو بإصبع في وجه هذا الكيان، لا ان نسمع ان هذه "الجاهة" ذهبت إلى واشنطن من اجل ان تقدم المزيد من التنازلات على حساب الحق الفلسطيني.
1-5-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت