من الطبيعي ان يختلف الأشخاص فيما بينهم من ناحية المؤهلات العلمية والقوى العقلية والبدنية وكيفية وأسلوب الأداء، لأن الأعمال بطبيعة الحال مختلفة من حيث السهولة والتعقيد، ومتفاوتة فيما تحتاج إليه من قدرات وإمكانيات ومواهب أي ان هناك قدرات فردية بين كل شخص في هذا الكون، وإن عملية أداء الأعمال والوظائف بالشكل المنطقي والمناسب والعملي تتطلب أن يكون المؤدي لها يملك القدرة التي تناسب وتلائم هذه الأعمال، بالإضافة إلى امتلاكه مهارة التأثير بالآخرين؛ من أجل العمل على تحقيق أهداف العمل المناط به .
فليس من المنطق أو من المعقول أن يوضع صاحب المؤهلات العليا في وظيفة لا تليق بعلمه وحكمته ورجاحة عقله، وليس من المنطق أو من المعقول أن يوضع الشخص الذي يفتقد ادني درجات العلم في وظيفة إدارية ليتحكم بمصائـر العبـاد بلا أدنى خبرة بكيفية تسييـر أمور العِباد أوتسير مهام ما، وماذا نتوقع من رئيس لجنةٍ لا يحمل شهادة يقود مجموعة حاملي شهادات جامعية، وماذا تتوقع لورشةِ عملٍ أن تتقدم وتقوم بالعمل بالشكل الصحيح والدقيق إذا كان رئيسها أمِّي لا يتمكن من القراءة ولا الكتابة، في حين يتواجد في نفس الموقع الكثير من أصحاب الخبرات العملية و تجارب السنيين.
وفي ديننا الإسلامي حث رسول الله محمد (ص) على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب مراعاةً لظروف العمل ومتطلباته وقدرات الفرد وإمكانياته، ولقد انعكس ذلك على نجاح رسالته (ص) للناس، وعندما ابتعد الناس عن هدي رسول الله محمد (ص) سارت الأمور الى الخراب، والإستئثار بالحكم، والقضاء دون علم أو حكمة .وعن أبي ذر ٍرضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملُني؟ فضرب بيده على منكبيَّ ثم قال: (يا أبا ذر، إنك لضعيف. وإنها لأمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها) .وقال الله تعالي { انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً }(21) الإسراء
أيضا لا تزال المفاهيم الخاطئة تسيطر على عملية الاختيار للمناصب القيادية ومعايير التعيين في شتي المجلات ويعتبر الكثير منها إجراءات مخالفة صريحة تؤلم الكثير من الأشخاص من جراء المحسوبية والمناطقية والمجاملات التي تعد من الأسباب الرئيسية التي لا تزال تشكل العوامل الرئيسية للكثير من الإحباطات والسلبية واثارة الضغينة في النفوس بين افراد المجتمع. وخاصة تولي المهام القيادية منها ويجب ان نعترف أن سبب وجع مشاكلنا والتيبس الذي أصابنا هو ناجم عن ظواهر مرضية عدة لعل في مقدمتها تلك المحسوبية والقروية والمناطقية والقبلية والعائلية...........الخ حيث بسببها يتم تعيين شخص ما لشغل وظيفة قيادية ويكون اختياره مبنياً على أساس أن فلاناً محسوباً اوقريباً لفلان أو على أساس أنه صهر أو خال او المنطقة محسوبة لعائلة فلانيه....... الخ نهيك عن التعين حسب الانتماء الحزبي وليس الكفاءة ،لانه من غير المعقول ان يتقدم شخص سبع سنوات متتالية لوظيفة في مهنة معلم مثلا ولا يتم استيعابة بينما خريج جديد يتم وضعة مديراً او مرشد تربوي.
ان مثل هذا الإجراء أو الأسلوب غير الحضاري يسبب القهر الاجتماعي والنقمة والتذمر عند أصحاب القدرات والمواهب والكفاءة والمجمدين فلا بد من وضع حد لهذه التجاوزات الممقوتة وعدم وضع (الشخص الأقرب في المكان الأعلى) لأن مثل هذا الإجراء يدفن المواهب من ذوي المؤهلات العلمية والخبرات العملية وضرب الطموحات والشعور بالضياع .
ونرى في مجتمعنا الآن أخطاء يجب أن تصحح والرجوع إلى اختيار الأشخاص الأكفاء أصحاب الخبرة العملية والاختصاص والعلم والمثاليات وعدم تعيين ممن يفتقرون من ذلك وتعيينهم في مناصب بعينها نتيجة (للوساطة او للانتماء الحزبي) التي بحثت عنها في قواميس العالم كله لعلي أجد تفسيراً علميا لمعنى الوساطة التي بها ترفع أناساً لا يستحقون وتتاح الفرص لهم لأي مطلب كان يتعارض مع الديمقراطية الاجتماعية لاننا ما نشاهدة في اغلب الوطن العربي عامة أن التعيين في الوظائف هذه الأيام، أصبح معياره الانتماء وليس بمعيار الكفاءة رغم كل الشعارات المرفوعة سابقاً فانه لم تتم عملياً ترجمة هذه الشعارات على الأرض.
د.هشام صدقي ابويونس
شبكة كتاب الرأي العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت