استهل وزير الدفاع الأميركي "تشاك هيجل" أول جولة له خارج بلاده، لزيارة بلده "الثاني" إسرائيل، الذي وصلها بتاريخ "21-4-2013"، في زيارة رسمية، ضمن جولة في المنطقة شملت الأردن، السعودية، مصر، والإمارات، يحمل معه صفقات أسلحة أميركية هدية لإسرائيل، وبالثمن لدول عربية، بقيمة مليارات الدولارات، وجاء تزويد الولايات المتحدة أسلحة حديثة ومتطورة لإسرائيل- لم يسبق أن زودت بها دولاً خارج أميركا- لامتصاص معارضة إسرائيل ولوبياتها في تزويد بعض الدول العربية بالأسلحة، التي تقل تطوراً عن الأسلحة التي تزود إسرائيل بها، فالاعتقاد الخاطئ والمتواصل في السياسة الأميركية، التي تعمل بها منذ عقود، بأن منح المزيد من الأسلحة النوعية لإسرائيل لتعزيز أمنها وقدرتها في "الدفاع" عن نفسها، باعتقادها أن ذلك سيؤدي إلى تليين الموقف الإسرائيلي في الموضوع الفلسطيني، وغير الفلسطيني مثل النووي الإيراني، إلا أن هذه السياسة الأميركية فشلت في تغيير المواقف الإسرائيلية من هذه المواضيع، بل أنها أدت إلى المزيد من التطرف والتوسع الاستيطاني والعنف والصلف، فإغراق إسرائيل بالسلاح، تحت ذريعة أن إسرائيل قوية عسكرياً ستعطي تنازلات، قد فشلت هذه النظرية الأميركية فشلاً ذريعاً.
عندما يقول وزير الدفاع الأميركي بأن إسرائيل دولة ذات سيادة، ليست بحاجة لإذن أميركي لمهاجمة إيران، وأن توضيحه بأن الصفقة الجديدة من السلاح لإسرائيل، رسالة لإيران، فهذا غير صحيح، فوزير الدفاع الأميركي "هيجل الذي واجه معارضة قوية في الكونغرس للمصادقة على تعيينه في هذا المنصب، لمعارضة إسرائيل ولوبياتها لهذا التعيين، وما قيل عنه في الكونغرس قبل تعيينه، بأنه ليس صديقاً لإسرائيل ، وأن له مواقف باردة وانتقادية تجاهها، جاء ليعلن بنفسه الاستسلام والطاعة لإسرائيل، بإعلانه عن تقديم الأسلحة التي وصفتها الصحف الإسرائيلية بـ "الهدايا" لإسرائيل، لقد كان "نتنياهو" من أشد المعارضين لتعيين "هيجل" في هذا المنصب، فجاء "هيجل" بهذه الهدايا التسليحية ليدحض ما قيل عنه بالكونغرس من مواقفه تجاه إسرائيل، فالتدخل الإسرائيلي بالشؤون الأميركية الداخلية، وحتى في تعيين كبار مسؤوليها، وتأثيرها البالغ على الكونغرس، ومجلس الشيوخ، بات واضحاً للعيان، ولا حاجة لدلائل أخرى، فلماذا على إسرائيل الاستجابة للولايات المتحدة، على ما يسمى بحل الدولتين؟ فالدعم السياسي الأميركي لإسرائيل قائم، وخاصة في مجلس الأمن واستخدامها لـ "الفيتو" ضد أي قرار ضد إسرائيل، كذلك دعمها الاقتصادي، إضافة إلى العسكري، فزيارة "هيجل" لإسرائيل، وإغراقها بالسلاح، جاء كي ترضى عنه، ويصبح صديقاً لها.
إن العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال الاتفاق الإستراتيجي القائم بينهما معروف، لكن إسرائيل تريد أكثر، عبر اتفاقية جديدة للحصول على المزيد من المساعدات العسكرية والمالية الأميركية، فقد تناولت المحادثات بين "هيجل" والقيادة الإسرائيلية، تجديد الاتفاقية الإستراتيجية بينهما، لمدة عشر سنوات أخرى بصيغة محسنة، وقد احتل النووي الإيراني جوهر المحادثات، كذلك الوضع السوري، والوضع غير المستقر في المنطقة، التي أخذت إسرائيل منه ذريعة لحصولها على طائرات أميركية لتزويد طائراتها بالوقود جواً، وصواريخ قادرة على تدمير منظومات الدفاع الجوي لدى إيران، والدول العربية المعادية، ومنظومات "رادار" يمكن تركيبها على بعض الطائرات الإسرائيلية الحربية، أما أهم ما شملته الصفقة الجديدة، كان الطائرة المروحية من طراز "V.22" أوسيري"، القادرة على الطيران بشكل عمودي أيضاً، والتي توفر لإسرائيل تفوقاً جوياً على الدول العربية مجتمعة، فهي فريدة من نوعها، تستطيع القيام بما لا تستطيع أن تفعله أية وسيلة طيران أخرى في العالم، تقلع وتهبط مثل مروحية، وتطير مثل طائرة مقاتلة، وسيصل لإسرائيل ثمانية منها حتى نهاية هذا العالم، يبقى أن نقول أن الوزير "هيجل" هو المنفذ لسياسة وتعليمات الرئيس "أوباما".
خلال المؤتمر الصحفي كرر وزير الدفاع الأميركي تعهدات الرئيس "أوباما" التزامه بأمن إسرائيل، ومنع إيران من الحصول على السلاح النووي، وأعلن أن الولايات المتحدة ستضع تحت إمرة إسرائيل مجموعة من الوسائل العسكرية، التي لم تضعها في خدمة أية دولة من قبل- كما قال الوزير- مما سيضمن لإسرائيل تفوقاً جوياً خلال الجيل القادم، يسمح لها بتنفيذ مهام بعيدة المدى، أما وزير الجيش الإسرائيلي "موشيه يعالون"، فإنه يعتبر أن تحديات مشتركة تواجه إسرائيل والولايات المتحدة، وعلى رأسها إيران، التي لا تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط فحسب، بل أيضاً العالم بأسره، متهماً إيران بالتدخل في العراق والسودان وأفغانستان واليمن، وتطور أسلحة نووية، لكن أحداً لا يتطرق إلى النووي الإسرائيلي، وأن لدى إسرائيل قنابل نووية، فيما تفضل إسرائيل-حسب قول الوزير- حلاً دبلوماسياً للنووي الإيراني، مكرراً أقوال "أوباما" بأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، والحل العسكري سيكون المخرج الأخير، متحدثاً عن الدعم للمعارضة الإيرانية، لكنه أكد أنه دون خيار عسكري، فإن إيران لن تقتنع بوقف برنامجها النووي، وهنا لابد من الاعتراف، بأن إسرائيل-التي تخشى النووي الإيراني- نجحت في جر الولايات المتحدة، والدول الأوروبية وغيرها، في معاداة إيران، والضغط وفرض العقوبات عليها، بينما تخشى القيام بضربات عسكرية لإيران، دون مشاركة عسكرية أميركية وغير أميركية.
زيارة وزير الدفاع الأميركي للأردن كانت لمناقشة الأزمة السورية، والتعاون بين الولايات المتحدة والأردن، وفي القاهرة اجتمع الوزير مع كبار رجال الجيش والمسؤولين المصريين، لتعزيز التعاون بين البلدين، والانتقال المصري نحو الديمقراطية، وفي الرياض وأبو ظبي عقد صفقات من التسلح تدر على الولايات المتحدة مليارات الدولارات، تساعد على تشغيل مصانع الأسلحة وتحسين وضع الاقتصادي الأميركي، في الوقت الذي تدعي فيه لجنة بالكونغرس الأميركي بأن إغراق الجيش الإسرائيلي بالأسلحة المتطورة المجانية، لسحب اعتراضها على بيع السلاح الأميركي للعرب، فهذه الوقاحة تتطلب من العرب أن يصبحوا منتجين ومصدرين للسلاح، وعدم الاعتماد على السلاح الأميركي، وأن ما تحصل إسرائيل عليه مجاناً، لا يحصل العرب مثيلاً له إلا مدفوع الثمن.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت