لن أدافع عن أمير قطر، فهو جزء من منظومة جامعة الدول العربية التي أعطت ما لا تملك من أرض فلسطين، لمن لا يستحق من اليهود، وإنما سأعترض على توجيه السهام الاتهام إلى شخص أمير قطر، وتحميله وحيداً مسئولية قرار تعديل مبادرة السلام العربية، والتنازل عن الأرض المحتلة، والتفريط بالثوابت الفلسطينية.
إن الحقيقة أوضح من تصريح أمير قطر في واشنطن، وأسطع من تأييد الوفد الوزاري العربي لما جاء على لسان رئيس وفدهم أمير قطر، الحقيقة هي أن السيد محمود عباس قد اتفق مع أهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل سنة 2008 على تبادل الأراضي، وأعلن ذلك صراحة وعلانية، بل إن السيد عباس طالب نتانياهو بان يلتزم بما تم الاتفاق عليه مع خلفه أهود أولمرت، فهل يوجد فلسطيني واحد ينكر ذلك ؟.
إذن، لماذا تلومون أمير قطر الذي يلتزم حرفياً بما تطلبون منه؟ هل رفعتم البنادق وأنزلها من أيديكم؟ أم أن الرجل قد أمسك بالمغرفة، ووضعها في القدر العربي، وأخرج من داخلها الوديعة التي خبئها محمود عباس، وقدمها للوفد الوزاري العربي ؟.
وكيف تثورون على نسبة 2% تقريباً من أراضي الضفة الغربية؛ سيتم تبادلها مع المغتصبين الصهاينة، وأنتم قد وافقتم على التنازل عن 78% من أراض فلسطين حين اعترفتم بدولة إسرائيل، هل نسبة 2% من أراضي الضفة الغربية أغلى لديكم من 78% من أراضي يافا وعكا وحيفا وبيت دراس وحمامة واسدود والجورة، أم أن القديم عليه رديم، وحسبتم أن اليهود سيكتفون منكم بما اغتصبوا، وسيتركون لكم الضفة الغربية وغزة؟
مسلسل التنازل لن يتوقف عند حدود دولة إسرائيل، والتنازلات أكبر من طاقة قطر وأمير قطر، وإذا كانت مبادرة السلام العربية لم تف حاجة الأمن الإسرائيلي، فإن الواجب العربي يقضي تعديل المبادرة، كسراً للشر، وحباً للسلام، فجاء التنازل عن بنسبة 2% من أراضي الضفة الغربية تمهيداً للعودة إلى طاولة المفاوضات، فقد سقط شرط وقف الاستيطان، ولم يعد استئناف الاستيطان معيقاً لاستئناف المفاوضات.
أما الغريب في أمر التنازل العربي الجديد أنه جاء في زمن الثورات العربية، وفي الوقت الذي يشغل فيه منصب أمين عام جامعة الدول العربية السيد نبيل العربي، وهو سياسي مصري وطني، وفي الوقت الذي يشغل فيه منصب وزير خارجية مصر محمد كامل عمرو، فأين الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من هذا التزلف الرخيص لليهود؟ أين مصر الثورة من نتانياهو الذي استخف بالتنازل العربي، فقال بصلف وغرور: إن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ليس على الأراضي، بل على وجود دولة إسرائيل نفسها، إن أصل النزاع هو عدم اعتراف الفلسطينيين بأن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.
على السلطة الفلسطينية أن تبلغ لسانها، لأنها الجهة الرئيسية التي سبقت الجميع، ووافقت على تبادل الأراضي، وعلى السلطة الفلسطينية أن تطلق لسانها قبل الجميع، وأن تعترف صراحة بيهودية الدولة، طالما اختارت المفاوضات طريقاً، وما عدا ذلك، ليس أمام السلطة الفلسطينية إلا أن توقف التنسيق الأمني فوراً، وأن تطلق يد المقاومة.
فهل تقدر السلطة الفلسطينية على ذلك؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت