مطلوب إقناع إسرائيل بالتنازلات العربية

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


ذهب الوفد السباعي العربي كما هو متفق عليه في زيارة رسمية الى الولايات المتحدة العربية لمناقشة ملف المفاوضات المتعثر بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي وإيجاد أفضل السبل لإعادة إحياء مسار المفاوضات ، ولأن الوفد هو وفد عربي أصيل ونابع عن جامعة الدول العربية خاصة وأن أحد أعضائها هو الأمين العام للجامعة العربية مع ممثلي دول مهمة في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي مثل مصر والسعودية والمغرب والاردن وقطر إضافة الى فلسطين فإن هؤلاء بحكم موقعهم وما يمثلون سيحملون ويدافعون عن الحق العربي والموقف العربي وإيجاد الحلول والمواقف الضاغطة على الطرف الآخر وهو الخصم لهم جميعا ، خاصة وأن هذا التحرك الرفيع المستوى يأتي في ظل المتغيرات العربية وتهاوي الانظمة - العميلة – وصعود أنظمة وطنية بامتياز وتحمل هموم شعوبها وجاءت بانتخابات شعبية وليس عبر البوابة العميلة ، هكذا هي الصورة التي يحاول أتباع – الربيع العربي – تصويرها ، ولكن ماذا حدث لهذا الوفد عند دخوله أراصي الدولة الكبرى – صاحية الفضل عليهم - ؟ وماذا تمخضت لقاءاتهم مع المسئولين الأميركان ؟ وهل اختلفوا عن القيادات التي سبقتهم في الأسلوب أو النتائج ؟ .
كل من قرأ نتائج تلك اللقاءات شعر أن الموقف العربي تراجع في ظل صعود القوى الوطنية الجديدة ، ولم تختلف اللغة المستخدمة في مخاطبة الخصم الإسرائيلي ، وبالرغم أن اللقاءات تمت مع وسيط وليس مع الطرف المعادي مباشرة إلا أن اللغة الانهزامية لم تتغير ولم تتبدل أبدا .
البعض ينظر لما حدث بموضوعية وواقعية وأن الممثلين العرب أرادوا كسر الجمود في معادلة المفاوضات وتحقيق شيء أحسن من فقدان كل شيء في ظل التراجع العربي وانهيار مؤسسات الوضع العربي خاصة الدول ذات القوة والتأثير مثل مصر والعراق وسوريا ، وهذا كلام حق ولكن السؤال القديم الجديد هل قبلت إسرائيل بهذه التنازلات وهل ستكتفي بها وسنجد الحلول المرجوة منها ؟ . الإدارة الأمريكية وبكل استخفاف بما يفعله العرب قالت أنها ستنقل الموقف العربي الجديد الى الكيان الإسرائيلي وستبذل جهدا مهما لإقناع الكيان الإسرائيلي بهذا التنازل الجديد ، وبحركة استباقية غير مفاجئة ومتوقعة أعلن نتنياهو رفضه وعدم قناعته بالموقف الجديد معتبرا أن أصل الصراع مع العرب هو وجود الكيان والاعتراف بهويته ، ولاشك أن نتنياهو هو الاصدق من الوفود العربية في تعريف حقيقة الصراع بعيدا عن الفذلكات السياسية التي لم تقدم حلا منذ اكثر من عشرين عاما من المفاوضات والتذاكي الغبي بين كافة الاطراف .
ومن الهزل القول أنه بعد كل تنازل مطلوب جهدا مضاعفا لإقناع الكيان الإسرائيلي به فهل بعد هذا الهوان هوان يا أمة العرب ؟ وإذا كان الوفد العربي قدم بعض التنازلات في ملف واحد من الملفات الأساسية فماذا عساه فاعل في باقي الملفات الأخرى ؟ أم هي كما قال بعض مدمني التفاوض أن الوفد العربي حشر نتنياهو في الزاوية ، والحقيقة المرة أن من يقدم التنازل هو المحشور في أضيق الزوايا وليس من يضع الشروط . أم أن الخطة العربية تقتضي تقديم تنازل كل فترة من الزمن في ملف من الملفات حتى يبقى نتنياهو في ذات الزاوية وقد يكون التنازل الذكي القادم بشأن القدس أو اللاجئين أو الأسرى أو الدولة وهكذا ليبقى نتنياهو وحكومته في الزاوية ، أما آن لنا أن نتوقف قليلا من أنفسنا ونتحسس أين الخلل فينا ونصرخ من داخلنا كفى استخفاف بأنفسنا ، أما آن لنا أن نصحو من غفوتنا ونتوقف عن سياسة تسجيل النقاط على بعضنا البعض وكأن المعركة الحقيقية بيننا وليس مع عدونا ؟؟؟
خلال المفاوضات عندما يتم طرح أفكار ولا يتم التوافق حولها تلتغي ولا تنبق وبالتالي لا يجوز البناء عليها ، فلا يأتي مغرض جاهل ليقول أن سياسة تبادل الأراضي تم طرحها سابقا خلال المفاوضات وهي كانت فكرة ولن يتم قبولها وبالتالي لم تعد قائمة وهناك الكثير من الأفكار يتم طرحها خلال عملية التفاوض ولكنها لا تعتبر حجة أو نافذة ما لم يتم التوافق حولها والاتفاق على تنفيذها حسب الأصول .

م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت