منذ مرض الملك الراحل/ فهد بن عبد العزيز مطلع عام 1995، وتولي خادم الحرمين الملك عبد الله للأمور في المملكة العربية السعودية وليا للعهد، تطور دور المملكة إلى دور فاعل في النظام العربي وذلك بعد انتهاء محور "سوريا ـ السعودية ـ مصر"، وانكفاء النظام السوري على علاقته الإيرانية, وضعف الدور العراقي نتيجة الاحتلال مما أضطر السعودية إلى تطور دورها إلى المبادرة, والفعل واستخدام خطاب سياسي متشدد في بعض الأحيان في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية على منطقة الخليج العربية, بدافع حرصها على أمنها من ناحية وأمن الخليج من ناحية أخرى.
وأنها في ذلك الوقت واجهت مشكلات عديدة. هذه المشكلات مترتبة على احتلال الولايات المتحدة للعراق والذي ترتب عليه:
1. التقارب الفلسطيني للوصول إلى حكومة توافقية تجمع ممثلين لكل القوى السياسية.
2. دعم القوى المعتدلة في لبنان، وفي نفس الاتجاه التحاور مع المعارضة للوصول إلى استقرار الوضع الداخلي اللبناني وتفعيل دور أجهزة الدولة الرسمية.
3. إطلاق مبادرات لحل الصراع "العربي- الإسرائيلي"إيمانًا منها أن هذا الصراع هو مرتكز الصراعات "العربية- العربية"من ناحية، والتدخلات الخارجية في الشؤون العربية من ناحية أخرى.
4. السلوك السعودي كان يتسق مع بعض القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة العربية مثل: "دول مجلس التعاون الخليجي – مصر – الأردن".
5. أن السعودية بهذه التصرفات وهذا السلوك كانت ومازالت تدعم تيار ما يعرف في الدبلوماسية الأمريكية وفي الصحافة بتيار الاعتدال، هذا التيار الذي يرتكز على عدة معايير في تناول القضايا الإقليمية منها:-
أ- التمسك بالمبادرة العربية للسلام في حل القضية الفلسطينية.
ب- عدم الانجراف إلى أعمال عسكرية غير محسوبة.
ت- حماية النظام العربي من التدخلات الإقليمية والدولية.
6. أن هذه التوجهات التي برزت بقوة إبان عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، امتداداً لتوجهات أصيلة في السياسة السعودية عربيًا وإقليميًا. إضافة إلى ذلك، أن سياسة الملك عبد الله ارتبطت بأمرين:-
أ- ضغط داخلي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ومساعي سعودية لتفكيك هذه الضغوط وامتصاصها.
ب- تبني إستراتيجية طرح مبادرات واضحة لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، والمشاركة في مبادرات إقليمية وعربية لاحتواء تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق.
7. في حقيقة الأمر، لقد واجهت السعودية بعض الصعوبات، وخاصةً بعد 11 سبتمبر 2001، ومطالبة الولايات المتحدة لدول المنطقة بإجراء مزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ورفضت المملكة العربية السعودية عملية الإصلاح من الخارج، ولكن لا يمثل ذلك مبرراً للاستمرار في الوضع الراهن فالأوضاع السياسية والاقتصادية والمعرفية في حاجة إلى إصلاح جاد، وذلك يتضح في عدة محددات منها:-
أ- أن عملية الإصلاح السياسي في السعودية لم تبدأ من مرحلة الحادي عشر من سبتمبر 2001، وإنما بدأت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي. أي بعدما تولى الملك عبد الله الأمور في البلاد.
ب- لقد تأثرت عملية الإصلاح السياسي في السعودية بقدر واضح من التشابك بين المحددات الداخلية والخارجية، وما فرضته من ضغوط على النظام السياسي السعودي، سواء من خلال زيادة المطالبة بالإصلاح الداخلي، والتي شكلت نقطة تحول تجاه مسايرة النظام السعودي لقضية الإصلاح المؤسسي والاجتماعي والديني.
ت- استجاب النظام السعودي للتطورات الداخلية والخارجية، وقام بسلسلة من الإجراءات الإصلاحية حققت الحد الأدنى من الاستجابة لتلك التطورات؛ وقد تنوعت هذه الإجراءات بين إصلاحات طالت الإطار المؤسسي للحكم. والتي اقترحها الملك عبد الله بمبادرة شخصية منه، متمثلاً في تعديل النظام الأساسي لمجلس الشورى السعودي، كي يصبح أكثر فعالية وتأثيراً عما كان ذي قبل، سواء من حيث العضوية أو من حيث الاختصاصات، كما تم تفعيل نظام المجالس البلدية من أجل السماح، ولأول مرة في تاريخ السعودية، بإجراء انتخابات بلدية على مستوى المناطق الإدارية في المملكة.
وعلى سبيل ابرز انجازات الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال المنتدى الدولى السابع للطاقة الذى عقد فى الرياض خلال عام 2000م، اقتراحه بانشاء أمانة عامة للمنتدى الدولى للطاقة يكون مقرها مدينة الرياض وقد قرر المجتمعون فى منتدى الطاقة الدولى الثامن المنعقد فى أوساكا اليابانية بالاجماع إنشاء هذه الأمانة ومقرها الرياض وفي 17 / شوال / 1426هـ رعى جلالته افتتاح مبنى الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي بالرياض.
كما اقترح كذلك إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب وذلك خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض في شهر فبراير 2005 برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والاقليمية والعربية. وامتدت مشاركات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخارجية إلى أبعد من ذلك حيث حرص على المشاركة وحضور المؤتمرات الدولية والعربية والإقليمية والزيارات الرسمية لمعظم دول العالم ويسهم بفاعلية في وضع الأسس الثابتة القوية لمجتمع دولي يسوده السلام والامن والاخاء.
وجاءت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديدة للدول العربية والاسلامية والصديقة لتشكل رافدا آخر من روافد اتزان السياسة الخارجية للمملكة وحرصها على مسيرة التضامن العربى والسلام والأمن الدوليين .
وللمملكة اسهاماتها الواضحة والملموسة في الساحة الدولية عبر الدفاع عن مبادئ الأمن والسلام والعدل وصيانة حقوق الإنسان ونبذ العنف والتمييز العنصري وعملها الدؤوب لمكافحة الإرهاب والجريمة طبقا لما جاء به الدين الإسلامي الحنيف منهج المملكة في سياساتها الداخلية والخارجية بالإضافة إلى مجهوداتها في تعزيز دور المنظمات العالمية والدعوة إلى تحقيق التعاون الدولي في سبيل النهوض بالمجتمعات النامية ومساعدتها على الحصول على متطلباتها الأساسية لتحقيق نمائها واستقرارها. كل تلك التطورات ومثلها الكثير حدثت فترة وجود الملك عبد الله بن عبد العزيز على رأس هرم السلطة في المملكة سواء وليا للعهد أم ملكا وخادما للحرمين الشريفين.
رفح في 05/05/2013
الكاتب والمحلل السياسي
المحاضر في جامعتي الأمة وفلسطين
أ.د. كمال محمد الشاعر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت