غزة- وكالة قدس نت للأنباء
بالرغم من كبر سنها والتجاعيد والأخاديد التي تزين وجهها والتي تعبر وتدلل عن خريطة فلسطين من نهرها إلى بحرها ما زالت الحاجة عائشة جبريل تحتفظ بأوراق الطابو و"كواشين" الأرض ولا تفرط فيهن أبدا، وستورثهما لأحفادها على أمل عودتها إلى بلدتها الأصلية بيت طيما، والتي تركتها وهي لا تتجاوز العشرة سنوات.
عائشة جبريل لاجئة فلسطينية تروي ذكرى النكبة وهجرتها بمرارة وهي تحمل بين يديها ثبوتيات ومستندات رسميه تثبت أحقيتها بقريتها بيت طيما، التي هجرت منها ووالدها وأهلها وأبناء قريتها قسرا.
تقول وهي تحمل "كواشين" أرضها إن قريتها بيت طيما تقع شرق مدينة المجدل في ارضي عام 48 ويحدها من الجنوب قرية سمسم والجية ومن الشمال قرية حمامة وجولس ومن الشرق قرية كوكبة وحليقات، ويقطن قرية بيت طيما ما يقارب ثلاثة عشر عائله تنتمي لنفس القرية .
تعيد الحاجة عائشة والتي تسكن مخيم البريج وسط قطاع غزة ذكرياتها إلى ما قبل 65 عاما في بيت طيما وتروى ذكرى النكبة وهجرتها مستذكرة الأرض التي ترعرعت عليها والخيرات الذي أنتجتها الأرض وبيوتهم وبئر المياه الذي لم يستكمل حفره وما تركت من ذكريات طفولية جميلة.
وعددت الحاجة الفلسطينية العديد من أسماء لقطع الأراضي وأصحابها بالدلائل المثبتة حسب الأوراق والمستندات التي بحوزتها، كما شاهدنا بعض الأوراق بخط والدها جبريل "رحمه الله" لمشتريات وبيع تعود لوالدها من منتجات أرضهم مثل العنب والشعير والذرة والعديد من المنتجات الزراعية وتعود تلك الأوراق لأكثر من 70 عاما بالتواريخ المثبتة.
وتحدثت الحاجة عائشة عن مرارة الهجرة وويلات الحرب سنة 1948والمتاعب والخوف الشديد بما واجههم من خوف وسماع إطلاق الرصاص والقنابل وضجيج المدرعات والآليات العسكرية والقتل المتعمد لترهيب السكان وإجبارهم على الفرار وترك أراضيهم رغما عن إرادتهم دون التمكن من اخذ حاجتهم أو أي شيء من ممتلكاتهم الشخصية.
وتحمل الحاجة عائشة وبنوع من الغضب المسؤولية الكاملة عن عمليه التهجير للعصابات الصهيونية وللانجليز الذين كانوا يسيطرون على الأرض(..) وتسكت الحاجة عائشة وتكاد الدموع تنهمر من عينها قائلة "ما أحلى وأجمل بلدتنا بيت طيما فلقد كانت بمثابة سلة غذائية للسكان الذين كانوا يعيشون حياة بسيطة من وراء زراعة أرضهم وفلاحتها، وتقول " ولكن كل ذلك راح وضاع" رافعة يدها إلى الله عز وجل أن"ينتقم من اليهود إلي حرمونا من هذه الخيرات".
وتحدثت الحاجة عائشة عن المؤامرات التي كانت تحاك ضد المزارعين الفلسطينيين في ذلك الوقت وخاصة منتوج القمح الذي كانت الحكومة البريطانية توفره بكثرة لضرب الأسعار كي لا يتمكن المزارع الفلسطيني من مواصلة زرع أرضه ولا يتمكن من دفع الضريبة التي كانت تفرضها عليهم حكومة الاستعمار البريطاني.
الحاجة عائشة التي تشتاق لرؤية بلدتها بيت طيما وأن تزورها وتموت وتدفن فيها، قالت "إنها تحمل الجيوش العربية بدون استثناء المسئولية عن ضياع البلاد والعباد ووصولنا إلى هذه المرحلة والحالة التي يرثى لها لتخاذلهم وعدم إعطاء الأوامر الكافية للقتال أو توفير الأسلحة اللازمة للمقاتلين الفلسطينيين والجيوش المقاتلة مما جعلهم بأن يجروا ذيول الهزيمة بأنفسهم.."
وفي نهاية حديثها وجهت الحاجة عائشة رسالة في ذكرى النكبة الـ65( لن ننسى ..... سنعود( مفادها بأن حق العودة حق مقدس ، و لا يمكن أن نتنازل عنه قيد أنملة ، فهو أمانة في أعناقنا حتى نّردّ الحق إلى أهله وأصحابه ،و لابد لنا أن نسعى و نستمر جاهدين لا نألو جهدا لانتزاع هذا الحق انتزاعا لأن مثل هذه الحق واجب ومقدس .
ويحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من مايو/أيار من كل عام، ذكرى النكبة التي حلت بهم عام 1948، وشرد على إثرها مئات الآلاف، وقتل آلاف آخرون، لتقوم على أنقاض معاناتهم وقراهم دولة باسم إسرائيل.
تقرير/ عبدالهادي مسلم