خيبة الأمل راكبة جمل!

بقلم: محمد محجز


لا اعتقد أن هناك مراسم موحدة يتفق عليها جميع البشر، ولا يوجد بروتوكولا يفرض عليهم أسلوبا معينا لاستقبال ضيوفهم؛ لذا قررت وأنا مرتاح الضمير أن يكون لي أسلوبي الخاص؛ فآثرت أن امتنع عن مجرد متابعة أخبار زيارة الشيخ القرضاوي أو المشاركة في أي مظهر من مظاهر استقباله؛ ذلك أني لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن يقوم الشيخ بتوجيه الشكر للولايات المتحدة الأمريكية على ما قدمته من أسلحة للمقاتلين ضد الجيش السوري منتظرا منها تقديم المزيد من الدعم، واستبعد أن يقوم الثوار بعد انتصارهم في سوريا إلى توجيه بنادقهم نحو إسرائيل، متسائلا : من أين جئتم بهذا الكلام؟ ولماذا لم تفعل أمريكيا مثلما فعلت في ليبيا ؟ ليته سكت عند هذا الحد، بل طالب أمريكيا للتدخل عسكريا في سوريا ودعاها لأن تقف وقفة الرجولة !! وقفة لله !!!
ولا شك أن للشيخ مواقفه المشرفة تجاه القضايا العربية والإسلامية، وما تمارسه قوى الشر الصهيوأمريكية من إذلال بحق الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني، كما أن له إسهاماته العلمية والأدبية، وله ماضيه وأنشطته في مجال الدعوة إلى الله، فجزاه الله عنا خير الجزاء، لكني أود أن أتساءل هنا متى وقفت أمريكيا وقفة الرجولة ؟ وما المقصود بالرجولة ؟ وهل وقفت أمريكا وقفات لله من قبل ؟ وعن أي اله يتحدث القرضاوي؟ عن إله المسلمين أم عن إله الأمريكان؟

على كل حال فإني أخشى أن تستجيب أمريكيا لدعوة الشيخ القرضاوي؛ لأن ذلك سوف يعيد إلي الأذهان مشاهد وقفة الرجولة التي وقفتها الولايات المتحدة في سجن أبو غريب، حين اغتصب جنود المارينز الرجال قبل النساء، ناهيك عن تدمير العراق وزرع بذور الفتنة الطائفية والمذهبية وإذلال العراقيين، وقتل مئات الآلاف منهم ونهب ثرواتهم، أما إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا؛ فسوف يتجلى أمامنا مشهد لا يقل رجولة عن سابقه وهو مشهد أفغانستان وسجون غوانتنامو، وغني عن القول أن الولايات المتحدة هي الراعي والداعم الأول للكيان الصهيوني؛ في سياق عملية وراثة لنفوذ الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية الآفلتين.

كنا نأمل أن يكون من بين علماء المسلمين من يمثل قبلة لكل حائر أو ضال، يستلهم منها الهداية والرشاد، قبلة تأخذ بيد الناس إلى الحق وإلى طريق مستقيم، غير أن الواقع لا يشير إلى ذلك فخابت آمالنا، وضعف صوتنا أمام المنادين بفصل الدين عن الدولة، وأصبحت الأمة برمتها في خطر، من هنا فإنا ندعو الشيخ القرضاوي للاستغفار لله عما صدر عنه من فتاوي في الآونة الأخيرة، والتراجع عن دعوته للأمريكان للتدخل في الشأن السوري؛ وتقديم الاعتذار للمجتمع العربي والإسلامي عما صرح به من أقوال لا تخدم سوى المشروع الصهيوأمريكي، ولا تليق بعالم بهذه القامة.

غزة - بقلم : محمد محجز
10/5/2013م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت