بذكرى النكبة ضرورة البديل واستنهاض الجماهير؟

بقلم: جادالله صفا

الجامعة العربية بقيادة قطر تعلن عن تبادل اراضي فلسطينية فلسطينية من اجل التوصل الى سلام مع الكيان الصهيوني، واللجنة المركزية لحركة فتح تعلن استعدادها للموافقة على تبادل الاراضي بين دولتين، كما ان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه يكشف عن لقاءات جمعته مع نتنياهو ومستشاره واعلن استعداده لتبادل الاراضي مع الكيان الصهيوني، ولا زالت الذاكرة تعود بنا الى سنوات قليلة عندما كشفت الجزيرة عن وثائق تم الحصول عليها من دائرة شؤون المفاوضات التي تتحدث عن تبادل الاراضي ونسبها، وتصريح الرئيس الذي قال به رغم انه من صفد الا انه لن يعود لها.
كل ما سبق، يصب في نفس السياق بان النكبة اصبحت بالذاكرة عند هذه الاطراف التي تتحكم بالقرار الفلسطيني وبمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني، وان الحقوق الفلسطينية كلها على مهب الرياح، مهددة بالزوال والتلاشي ما دام هناك قوى تتحكم بالقرار والمصير دون العودة الى مؤسسات الشعب الفلسطيني التمثيلية، فالحقوق الفلسطينية بهذه الحالات غير مرشحة لقانون الاغلبية والاقلية، وانما حقوقا جماعية وفردية، ولا يحق لاي طرفا مهما كانت نسبة تمثيله بالشارع الفلسطيني ان يجيز لنفسه حرية التصرف واتخاذ القرار كما يشاء دون العودة الى اصحاب الحق، فالحقوق الفلسطينية ليست للمهادنة والمساومة والتنازل، وان تحصيلها يعود بالاساس الى برنامج نضالي.
ان ما تمر به المنطقة العربية ودولها من ازمات داخلية وحروب تطحن الاخضر واليابس، لا تهدد هذه الحروب والازمات مستقبل الدول العربية فقط، وانما تهدد مستقبل القضية الفلسطينية برمتها، لانها تستهدف مخيمات اللاجئين وحق العودة اولا، قبل ان تستهدف الانظمة القائمة حيث هذه القوى والاحزاب التي تتستر بالدين والحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتغيير تكشف كل يوم عن عوراتها التأمرية على القضية الفلسطينية من خلال استهداف المخيمات الفلسطينية واللاجئين كما يحصل الان بسوريا وكما حصل بالعراق سابقا، وان موقف الجامعة العربية الاخير والمبادرة العربية التي اقرت عام 2002، كلها تصب بنفس السياق.
الوقوف امام هذه الذكرى، تعتبر جريمة بالعرف الصهيوني، والذي يعمل الكيان على شطب هذا الحق من خلال تاكيده على يهودية الكيان الصهيوني، وان نجاحه بتحقيق هذه الرؤية يعتمد على اقامة دولا طائفيا بالمنطقة تسمح له بالمحصلة النهائية على طرد ما يزيد على مليون فلسطيني من الداخل، وهذا الدور هو حلقة من حلقات التراجع العربي والتنازل الفلسطيني عن حق العودة، على طريق تصفية القضية الفلسطينية، فالكيان الصهيوني من خلال ممارسته اليومية التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني بكافة فلسطين سواء بمناطق ال 48، او الضفة الغربية، او غزة او القدس تهدف بالمحصلة الى تصفية القضية الفلسطينية مستغلة بذلك حالة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، والرهان الفلسطيني على المفاوضات العبثية التي لم تأتي لنا الا بالدمار، وحالة الوضع العربي السيئة الذي تمر به المنطقة العربية.
ولا يجوز ان ننسى الاغراء الدولي المقدم والسخاء الكندي لاستقبال 120 الف لاجي فلسطيني، حيث الدول الغربية تعمل على تحضير مشاريع من اجل استيعاب مئات الالاف من اللاجئين الفلسطينين على طريق مساهمتها بتصفية القضية الاساسية بالصراع العربي الصهيوني.
ذكرى النكبة من المفترض ان تكون لها وقفة وطنية من اجل اعادة التأكيد على الحقوق الوطنية، ومراجعة المرحلة السابقة واستخلاص الدروس ووضع مهمات المرحلة الجديدة، والقيام بالمهرجانات والدعوة الى المسيرات بكافة اماكن تواجد الشعب الفلسطيني، من اجل الابقاء على النكبة متحركة ومحو اثارها من خلال عودة الشعب الفلسطيني الى دياره، وافشال المشروع الصهيوني الرامي الى تجديد النكبة بنكبات متعددة فلسطينية وعربية.
لا بد من بديل لهذه الحالة الفلسطينية والعربية، من خلال استنهاض القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية اليسارية والقومية التي ترى بالصهيونية والامبريالية والرجعية العربية عدوا شرسا يعمل على فرض سياسة التخلف والتراجع وتعمل هذه القوى على فرض حالة الاستسلام والخضوع والهزيمة على المنطقة العربية، مطلوب برنامج نضالي قادر على استنهاض الجماهير الفلسطينية مع مراعاة الواقع المعيشي والحياتي التي فرضتها قوى الاستعمار على المنطقة العربية بما يسمح لقطاعات واسعة من شعبنا من الانخراط دفاعا عن حقوقها الوطنية والشرعية، كما على قوى اليسار الفلسطيني مطالبة ان لا تستمر برهانها على قوى اليمين وقوى الرجعية الفلسطينية بالعودة عن سياستها التدميرية التي تمس جوهر القضية الفلسطينية، فمنذ تقريبا نصف قرن وهذه السياسة بتراجع مستمر مما يقلل من احتمالات الرهان على هذه القوى.
فالبديل ضرورة مهمة بالمرحلة الحالية، وايجاده هو ضمانة للحفاظ على الحقوق والثوابت الفلسطينية، على طريق دحر الاحتلال وعودة الشعب الفلسطيني الى دياره واقامة الدولة الفلسطينية الواحدة على التراب الفلسطيني من النهر الى البحر.
جادالله صفا – البرازيل
14/05/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت