الحاجة "امونة".. لم يفارقها الأمل بالعودة إلى قريتها "سمسم "

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
كان البرتقال يسقط وتجرفه سيول الامطار في بساتين قرية "سمسم " الفلسطينية والمارين بها يلتقطون من أشجارها ما طاب لهم ، فالحياة هانئة تملؤها السكينة والأرض تزينها الحقول الخضراء ، وكان الأهل يعدون الخبز ثلاث مرات باليوم على فرن الطينة .

اما الحاجة امونة موسى، فكانت في صباها تخرج كل صباح وتتجه بقطيع الأغنام لترعاهم نحو الأعشاب الكثيفة ، ثم تعود للبيت عند انكسار ضوء الشمس ، فتساعد أباها في زراعة الأرض ، وعند مجيء موسم الحصاد تحصد ما رزقهم الله فكل القاطنين في القرية يأكلون مما يزرعون .

وتعود الحاجة الفلسطينية التي يقدر عمرها ( 85 عاماً ) بذاكرتها القوية نحو قرية" سمسم " التي هجرت منها، وتطرح مقارنات أثناء حديثها مع "وكالة قدس نت للأنباء" بين الحياة في ذالك الوقت وهذا الوقت، فالحاجة تأخذ على بنات هذا الزمن، فهي تختلف، كانت تخبز ثلاث مرات وكانت بنات القرية تهرب من العرسان يملأهن الحياء .

ولم تنسى امونة كيف كانت الافراح تستمر ثمانية ايام في القرية ، وكان العرسان يزفون على الخيل ويطاف بهم في الخلاء وورائهم كل اهل القرية ، ولا يوجد بطاقات زفاف مثل اليوم ، فالجميع مدعون، وتقول "انا تزوجت بمائة دينار وكل بنات القرية صاروا يحكوا بدنا متل بنت ابو السعيد ".

وتضيف " لمى كنا بدنا انجهز للعرسان انروح على المجدل نشتري، ونعمل للعريس طربوش وللعروسة فستان عليه خرز "، وتتابع "الشهر في القرية عندي احسن من السنة في هاد الوقت " .

وتروي الحاجة الطيبة امونة، كيف افسد الصهاينة عليهم حياتهم ، واجبروهم على الرحيل وترك بيوتهم وحقولهم ، عندما لجأ إليهم أهل قرية "برير" القريبة من قرية "سمسم" ، واخبروهم ان العصابات الصهيونية اقتحمت قريتهم فنزحوا منها قائلة " وصلو اهل برير عندنا الصبح واطلعنا احنا وياهم على قرية هوج " .

"سمسم" قرية مهجرة منذ النكبة الفلسطينية، تقع جنوب فلسطين التاريخية في منطقة النقب الغربي. أقيمت فوق رقعة أرض منبسطة في منطقة السهل الساحلي وترتفع نحو 50 متراً عن سطح البحر وتحيط بها التلال. وتقع على بعد 19 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة. وكانت تبعد عن طريق غزة – المجدل الساحلية حوالي 5 كم. تربطها دروب ترابية بالقرى المجاورة مثل "دير سنيد "و"برير" و"نجد" و"هوج" و"حليقات" و"بيت جرجا" و"دمرة ".

الحاجة امونة اضطرت في ذلك الوقت أن تعطي طفلتها الرضيعة "فتحية " لجارتها التي خرجت قبلها من القرية لتلحق بها في الطريق لقرية "هوج" وتقول"كانت الدنيا العصر وما الحقنا ناخد شى ".

لم تغب بنتها الرضيعة "فتحية" عنها إلا بضع ايام حينما تقابلت مع جارتها في قرية "هوج" التي نزحوا إليها وعادت إلى حضنها من جديد وتقول " سرنا نراقب قريتنا من بعيد لانو اليهود دخلوها ، وبعدين لحقونا على هوج ، بعدها رحنا على بلدة بيت لاهيا " الواقعة شمال قطاع غزة .

وشهدت احداث النكبة الفلسطينية التي وقعت عام 1984م ، احتلال العصابات الصهيونية القرى والبلدات الفلسطينية بشكل متتالي، وكانوا يرتكبون المجازر حتى يصيبوا اهل القرى والبلدات المجاورة بالفزع ويضطر اهلها للنزوح منها قبل وصول العصابات خوفا على حياتهم .

الحاجة امونة تقول " اليهود لحقينا لحقينا وين ما انروح " وتخبرنا انهم استهدفوهم حتى عند وصولهم لبلدة بيت لاهيا " وتوضح انها انتقلت مع اسرتها وزوجها من بيت لاهيا لبلدة جباليا حيث تقطن الآن ، بعد ان مكثوا فيها لمدة عامين بعد النكبة .

ورغم مرور 65 عاما على النكبة التي يحيي الشعب الفلسطيني ذكراها اليوم (15 مايو/أيار) إلا ان الأمل لم يفارقها برجعوها لقريتها ، فالحاجة امونة لم يتوقف قلبها الذي يلهج بالدعاء لله بأن يرد كل القرى والبلدات التي تم احتلالها لأهلها ، وان تتوحد الفصائل الفلسطينية جميعها لتحرير فلسطين.

تقرير/طارق الزعنون
عدسة/محمود عيسى