زواج الفتاة بمن هو أصغر منها سناً وزواج الأعزب بمطلقة أو أرملة..ونظرة المجتمع

غزة - وكالة قدس نت للأنباء
قال تعالي : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم......هي فتاة مثل باقي الفتيات تزوجت بشاب حلمت أن يملأ حياتها بالحب والوفاء وبمنزل هادئ يضمهما معاً ، وتنجب الأطفال منه لترويهم حبا وحنانا ، لكن هذا الحلم أصبح أدراج الرياح بعد أن ذابت لغة التفاهم والتعايش معاً فكان الطلاق حلا ورحمة.

وبعد أن تجاوزت مرارة التجربة السابقة عاد حلم الأسرة السعيدة يراودها من جديد وخصوصاً بعد أن عرض عليها زميلها في العمل الأصغر منها سنا والأعزب التقدم لخطبتها ، إلا أن أهله رفضوا الفكرة بحجة أنها أكبر منه سناً ومطلقة !! .

فما الخطأ في زواج الأعزب بمطلقة ؟ أو زواج الفتاة بمن هو أصغر منها سناً ؟ ولماذا يرفض بعض الأهل تقبل هذا النوع من الزواج ؟ وهل تتزوج المطلقة من أرمل يكبرها بسنوات أو مطلق لا يناسبها ثقافيًّا واجتماعيًّا ولكن يشترك معها في حالتها الاجتماعية إرضاء لعادات وتقاليد موروثة لا أساس لها من الصحة ؟

المشكلة الحقيقية ..
الدكتور نمر أبو زرقة مدير برنامج غزة للصحة النفسية في مدينة خان يونس بقطاع غزة قال "زواج الفتاة بمن هو أصغر منها سناً أو زواج الأعزب بمطلقة أو أرملة ليست مشكلة في نفسها ، وإنما المشكلة من أوضاع الناس واعتباراتهم وتأثرهم بالعادات والتقاليد التى ترى بأن الفتاة الأصغر سنا تخدم أكثر وتكون نشيطة وفعالة بصورة كبيرة ، فيرفضون هذا الزواج رغم علمهم بأنها لا أساس لها من الصحة" ،وأضاف " بعض الأهل هم الذين جعلوا من فارق السن ومن زواج الأعزب بمطلقة أو أرملة سبباً يؤدي إلى عدم حصول الوفاق " .

التفاهم والانسجام ..
وأوضح أبو زرقة أن فارق السن لا يؤثر على سير الحياة الزوجية طالما قامت على أساس التفاهم والتعاون والانسجام الروحي بين الشخصين وألا يكون الفارق كبيراً فالعديد من الشباب ممن تزوجوا بفتيات أكبر منهم سنا أو ممن تزوجوا بمطلقة أو أرملة سعداء في حياتهم الزوجية لأن الزواج تم على أساس الرغبة والتفاهم بين الطرفين ولقدرة الفتاة الكبيرة التعامل مع زوجها والحفاظ على استقرار الحياة الزوجية بطريقة أفضل وأركز من الصغيرة ، مشيراً إلى أنه عندما تكون الفتاة أصغر من زوجها بكثير فلن يكون هنالك تفاهم وانسجام بين الطرفين يؤدي لعدم استقرار الحياة الزوجية.

ودعا أبو زرقة الأهالي إلى تقديم النصيحة لأبنائهم ذكور وإناث وترك الحرية لهم باختيار شريك الحياة والبعد عن الفرض عليهم طالما ذلك لا يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية.

الكفاءة بين الزوجين ..
قاضي المحكمة الشرعية بخان يونس زياد عبد الحميد أبو الحاج قال إن "الشريعة الإسلامية رعت الكفاءة بين الزوجين مراعاة محددة بنصوص الكتاب والسنة النبوية الشريفة ، ولم يذكر البتة لا في كتاب ولا سنة أن مسألة العزوبة للزوج الخاطب والحالة الاجتماعية للزوجة أنها غير آنسة كأن تكون مطلقة أو أرملة رفضا بذلك ، بل بعموم اختيار الزوجة مع الإشارة إلى اختيار الزوج لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إذا حاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). ، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية أشارت إلى أن المرأة يجب أن تكون ذات دين وخلق وحسب ونسب دون الإشارة إلى حالتها الاجتماعية .

نظرة المجتمع خاطئة ..
وأوضح أبو الحاج أن الرفض الموجود من المجتمع ينبأ عن حالة من عدم الاستقرار الذهني والفكري والاجتماعي وعدم الفهم لضرورة التشريع لمسألة الستر بين الأزواج مبيناً أن "المجتمع ينظر للخاطب أن أول فرحته يجب أن تكون مكتملة ومن الأمور السلبية أن المجتمع ينظر إلى غير البكر أنها امرأة فيها نقص وهذا تنافيه الشريعة الإسلامية بدلالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أزواجه كلهن ثيبات إلا عائشة رضي الله عنها ، لذلك تخضع نظرة المجتمع للعادات والتقاليد ولا تخضع لنظر شرعي بل انها نظرة قاصرة ينبغي أن تهزم وينبغى أن ينظر إليها كمرض يجب معالجته وإزالته" ، وشدد على أنه لم يذكر في الشريعة الإسلامية ضابط لمسألة السن بين الزوجين وإنما هي مقدرة إما للقاضي أو ولي أمر المخطوبة بشكل عام.

وأكد أبو الحاج على ضرورة التقيد بمنهج النبي الذي ارتقى للزوج أن يكون ذا خلق ودين وأن تكون المرأة صالحة بغض النظر عن الحالة الاجتماعية التى يأتي بها الخاطب سواء كان مطلقاً أو أعزباً أو زوجته قد توفيت وكذلك بالنسبة للمرأة لا ينظر إلى أنها آنسة أو مطلقة بل بالعكس أن ينظروا إلى المطلقة أنها امرأة إذا توافرت فيها صفات الزوجة الصالحة كانت كالبكر في ذلك ويجب النظر بعين الاعتبار والتقدير لأنها ناقصة عن الآنسة أو عن البكر في المجتمع سواء كانت مطلقة أو أرملة.

آراء ومواقف..
احتدم النقاش بين الشباب والفتيات وما بين مؤيدو الفكرة ويرون بأن الفارق يتلاشى أمام رزانة العقل ومرونة التفكير ولا يشكل عائقاً أمام السعادة الزوجية في حياتهما طالما هنالك قناعة بين الطرفين وبين رافضو للفكرة من أساسها معتبرين أن المرأة من الظلم أن تقبل بشاب أصغر منها سناً متحججين بأنها بطبيعة الحال يظهر عليها علامات الهرم قبل الرجل والرجل غالباً ما لا يرغب بظهور ذلك على زوجته قبله .

الفتاة غادة أبو شعر قالت إن "هذا الزواج ليس بالمستحيل طالما وجد توافق فكري وتفاهم بين الشريكين بشرط ألا يكون فارق السن كبير"، وأضافت " مش غلط ولا حرام تتزوج الفتاة بمن هو أصغر منها في السن والخطأ أن تتزوج فتاة صغيرة برجل كبير بالسن " .

أما الشاب جميل فيرفض زواج الشاب الأعزب من مطلقة بحجة أن المطلقة تحتاج إلى رجل خبير يفهمها ؛ لأنها تعاني من تجربة سابقة قد تسبب لها الألم ، أما الشاب الأعزب الذي لم يسبق له الزواج فيحتاج إلى فتاة تكافئه يبني معها هذه التجربة.

وتقول أم محمد فتقول "إنها تزوجت بإنسان مطلق ولم تستطع التفاهم معه لكثرة شكه وغيرته فكان الحل الطلاق وتزوجت بشاب أعزب متعلم ومتفهم الحياة الزوجية بعكس السابق"، وتضيف:" رفضوا أهله في البداية زواجي منه كوني مطلقة وهو أعزب ، لكنه أصر على الزواج بي لاقتناعه الكامل أني سأسعده نتيجة التفاهم الذي بيننا ،رغم مقاطعة أهله له".

وتوافق بسمة يونس على زواج الفتاة بمن هو أصغر منها سناً طالما كان هنالك توافق بين الطرفين وتؤكد على ضرورة تغيير نظرة المجتمع اتجاه زواج الأعزب من مطلقة أو أرملة أو من هي أكبر منه سناً من خلال ورش توعية بين طلاب وطالبات الجامعات والأهل.

الطالب يحيي الأسطل يرى أن السبب الرئيسي في رفض الأهل هذا الزواج يعود للعادات والتقاليد الموروثة التى ترفضه ويطالب بضرورة عمل ورشات توعية وتثقيف ودعم مبادرات شبابية مجتمعية تستهدف الأهل والشباب والفتيات لنشر الوعي بينهم.

أما ماندى نعيم فأوضحت أن الشريعة الإسلامية لم تحدد للشاب أن يأخذ فتاة أصغر منه سناً ولم تحدد للمطلقة أو الأرملة أن تتزوج برجل متزوج وأضافت :" الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بخديجة وهي أكبر منه سناً".

عائد الذي يعيش في النرويج وتزوج من امرأة نرويجية مسلمة أكبر منه ومطلقة يقول "كان الهدف من زواجي الحصول على الجنسية فقط"، ويوضح بأنه عندما رأي قدرتها على التفاهم معه ومساعدتها له بشكل كبير في إدارة المنزل قرر أن يستمر في هذا الزواج وأنجب منها الأطفال وهو سعيد في حياته الزوجية لوجود لغة التفاهم والشراكة".

أبو يحيي الذي تزوج من أرملة يقول" أعجبت بأرملة وجدت فيها صفات الزوجة التي أبحث عنها إلا أن أهلي رفضوا فكرة الزواج منها كونها أرملة ومعها طفلين ومع إصراري على الزواج منها قام أبي بإخراجي من البيت ورغم ذلك تزوجتها ووجدت معها معنى السعادة وقدرتها الكبيرة بالمحافظة على بيتها واستقرار الحياة الزوجية" ، وأضاف " دفعتني في أكثر من مرة على الاستمرار في التواصل مع أهلي وهو ما قوبل بالصلح منهم عندما عرفوا أنها تدفعني للصلح معهم " .

قصص واقعية..
أم خالد والتى تزوجت بشاب أصغر منها بسنتين تقول "عندما تقدم زوجى لخطبتي رفض أهلى الفكرة بشكل قاطع لأنه أصغر منى سناً إلا أننى لم أتردد وأصريت على موقفى بالموافقة عليه وخصوصاً بعد أن وجدت فيه صفات الزوج المثالى والصالح الذي أريده".

وتضيف أم خالد التى لديها الآن طفلان " كان التحدى الأصعب هو إقناع أهلى بالموافقة عليه وبالفعل نجحت بعد أن سردت عليهم تجارب ناجحة وأن فارق السن لا يشكل عائقاً طالما وجد التفاهم والانسجام بين الطرفين".

وأوضحت أم خالد بأنها واجهت مشكلة تدخل أهل الزوج في الحياة الزوجية مما سبب في جمود في العلاقة الزوجية وخصوصاً محاوله أهله إقناعه مراراً وتكراراً بالزواج بفتاة أصغر منه سناً بحجة أن الفتاة يظهر عليها ملامح الكبر والعجز قبل الرجل. وبينت أنها عملت على مواجهة تلك المشاكل بالاهتمام بزوجها وعدم إحساسه أنها أكبر منه سناً كما حافظت على شبابها والعناية بجمالها وأناقتها.

أكرم الذى تزوج من مطلقة ولديها ابنتان يقول" عندما أردت أن أتزوج أرشدنى أحد أصدقائي إلى فتاة متعلمة ومتفهمة ووجدت فيها صفات الزوجة التى يتمناها كل شاب، إلا أن اهلى رفضوا الفكرة من الأساس باعتبار أنها مطلقة وأنا شاب أعزب وهذه فرحته الأولى".

وبين أكرم أن السبب الحقيقي وراء رفض أهله لزواجه من مطلقة هي نظرة المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه والرافض لهذا النوع من الزواج والذي يرى فيه نوع من العيب، ويوضح بأنه أقنع أهله بالزواج من المطلقة من خلال اللجوء إلى المرشدين الاجتماعيين الذين ناقشوا الأمر مع اهله وأكدوا لهم على ضرورة احترام إختياره طالما وجد التفاهم والانسجام وصولاً لاستقرار الحياة الزوجية ، كما وبين أكرم بأنه استعان بأحد رجال الدعوة الذي شدد على أن هذا الزواج لا يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية.

أكرم الذي مضى على زواجه ثلاث سنوات يشعر بالسعادة في حياته الزوجية وأنجب من زوجته طفلان ويضيف "أثبتت لى زوجتى سعة أفقها وقدرتها على التعايش مع مختلف الظروف ولم تشعرنى في تصرفاتها يوما بأنها مطلقة".

يمكن القول أن فارق السن وزواج الأعزب بمطلقة أو أرملة ليست مشكلة ، وإنما المشكلة تكمن في العادات والتقاليد واعتبارات الناس وأوضاعهم ولو تأملنا الواقع الحقيقي فهذا لا يؤثر طالما كان هنالك تفاهم ومحبة وتوافق بين الزوجين والذي يبنى على أساسه التعاون بينهما فتستقر وتنتظم الحياة الزوجية مما يجعلهما سعيدين في حياتهما.

تحقيق/محمد عبد الحميد الأسطل