أين الذكاء هنا ؟! انا سالت نفسي

بقلم: سامي ابو لاشين


الله .. لا اله الا هو ومحمد صلي الله عليه وسلم عبده ورسوله وخاتم انبياءه .. وما جاء معه وما نزل عليه نحن به مؤمنون .. وما نصت عليه الشريعة الاسلامية مما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه لا نختلف عليه بل نتسلح وندعي انه نهج حياتنا ..
الجميل هنا ان الدين الاسلامي واضح وبسيط ومحدد المصادر .. فهناك كتاب الله عز وجل الذي لم يستطع احد مسه او مقارنته باي شيء ارضي .. او انكار اعجازه .. وحول الامور البسيطة والاساسية فيه من حيث طبيعة خلقنا واساس وجودنا وجدوي حياتنا ومعناها فقد تم ايضاح هذه الامور بكل بساطة في عقيدتنا الاسلامية وتم تشريع الانظمة التي تحكم علاقة الناس ولم يحدث ان تم الاعتراض عليها بل وعلي مر ال 1400 عام تم اعتبار الشرائع الاسلامية هي الاكثر عدلا وحكمة في الارض ولم تفلح كل الافكار والمعتقدات الارضية بالتقارن بها لما احتوته من شمولية وعمق لكل سلوك بشري . اضافة للاعجاز المستمر والمبهر الذي يتم اكتشافه في القران الكريم والذي دائما ما يضع حدا لكل الجدالات .
هذه مسلماتنا نحن الامة الاسلامية . نؤمن بكل ما جاء فيها ونعتد بهذا الدين وهذا التشريع وكثيرا ما نتزين به ونحتمي .. وبعضنا يقاتل ... لكننا لسنا بالمطلق ملتزمين به او نسير عليه .. وهذا ليس رأي بل هذا واقع .. وكل من يقرأ كلماتي يدرك انه عين الحقيقة فنحن الامة الاسلامية ابعد ما نكون عن ديننا الاسلامي العظيم الرحيم رغم انه سيد احاديثنا وموضوع خلافنا وموضوع اتفاقنا لكننا لا نسير عليه متعذرين بمبررات لا تسمن ولا تغني من جوع كتلك التي تقول ان القائمون عليه والمتحدثون باسمه يسيئوا له هذا قولا مرفوضا حيث ان الدين مسؤولية كل مسلم وليس الحاكم وحيث ان الله جلا وعلي جعل علاقة العبد به مباشرة لا تحتاج لوسيط ونحن ندرك بل ونؤمن بذلك وندرك ان العلاقة الصادقة مع الله تضييء القلب وترشد الي الصواب .. والتفقه في الدين في امور الفضائل هو فرض عين علي المسلم .. وامور المسائل تركت للفقهاء من الامة ولم يكلف الله العامة من الامة ولكن امور الفضائل حول سلوكنا في الحياة وطريقة عيشنا وممارستنا للدين فهذه امرو بسيطة التفقه بها واجب كي لا يقع المسلم في الخطأ دون قصد .. وهي تكاد تكون معلومة للجميع حتي الاطفال .
ورغم ذلك لا نبدوا كأمة اسلامية تلتزم بتشريعاتها وتعاليم دينها العظيم .. و لا اريد الحديث هنا عن الحركات او الحكومات الاسلامية التي ضلت السبيل وكان ظلمها اشد وجرمها اقبح لانها متفقه وهنا يكمن الذنب .. لكنني انشد نحن العامة من الناس .. الاشخاص العاديين .. الذين نصلي ونلتزم بالكثير من تعاليم ديننا ونحتكم لها .. لكننا نتجاوز عن امور نجعل انفسنا نراها بسيطة او حتي لا نراها رغم .. علمنا حد اليقيين انها ليست الحقيقة .. وهنا تساءلت اين الذكاء .. حين نفعل ذلك ..
مثلا تلك المذيعة الطيبة الخلق وحسنة السلوك لكنها تظهر متبرجة وهي تعلم يقيناً انها بذلك تغضب الله .. فأين الذكاء هنا .. كذلك الامر ينطبق علي الكثريين من العامة وسيدات المجتمع وغيره .
مثلا ذاك المسؤول طيب الخلق ملتزم الصلاة لكن قراره المجرد من مخافة الله اتعس اسر وشردها ونكبها وبمقدوره ان لا يفعل ذلك .. وهو يقول ان الله امر بالحزم ويجد لنفسه فتاوي واحاديث وهو يعلم علم اليقين ان هذا ليس ما قال الدين . اين الذكاء هنا .
مثلا ذاك الثري الكريم الذي يضع مخافة الله امام عينه ويسخر نفسه للامة .. وهناك من هم بحاجة فقط للمسة من عطفه قد تغير كل حياتهم رغم انه يقول انه فقط موجود لاضفاء تلك اللسمة وانه مال الله ونعمة الله .. وهو يعلم علم اليقين انه لا يرضي الله ..
نحن البسطاء نحن العامة ماذا نريد من الدنيا ونحن نعلم انها محطة اختبار ليس الا .. نعلم ذلك ونراه .. ونري كيف يغادر الانسان عن الدنيا مجردا من اي شيء في الدنيا وكيف يتحول الي تراب وكيف يصبح رصيده فقط ما احسنه من عمل في الدنيا ودعاء يخرج من قلوب صالحة . وكيف لا يتجهد ان يكون هذا رصيده بل يسعي لاشياء تبقي في الدنيا وقد تزول قبله .. فأين الذكاء هنا .. حقاً اين الذكاء هنا !!
الا ان كنا لسنا علي يقين .. !! او اظلمت الرغبات والطموحات الدنوية قلوبنا هذه الاشياء التي يقودها الشيطان .. الشيطان الذين قال لنا الله عنه ومنه حذرنا وعليه بابسط الكلمات نصرنا .
اذا فالنواجه الحقيقة .. فنحن انفسنا مسؤولون عن هذه الانفس التي لا تفني بل تبقي خالدة اما في نعيم اما في حجيم وضرب الله لنا الامثال كثيرة ...
سألت نفسي اين انا من هذه القناعات .. هل احلامي وطموحاتي تستند لهذه الاشياء الخالدة .. ام لا زلت مسروقا بالدنيا المؤقتة .. مع قدرتي الخارقة علي ايجاد الاعذار .

كل يوم اذهب للمقبرة ازور قبر امي رحمها الله مع جدتي واولادي وابي واخوتي واصدقائي رحمهم الله . لي الكثير الكثير هناك .. هذه الفراقات علمتني الكثير وعلمتني ما قيمة اللحظات .. وعلمتني وأعلمتني مكاني ورصيدي الحقيقي .. وشكلت رؤيتي للعالم . وفرضت عليّ ان اسأل نفسي اين انا ومن انا وماذا اخترت .. وسحقت كل غرور كان بي وكل اغترار بالدنيا .. والفرق كبير هنا بين الزاهد واليائس .. وبين المهتدي والضال.
الحقيقة واضحة واضحة جدا وليست بحاجة لي او لغيري لايضاحها ..
وبغير اتباع الحقيقة المُدركة .. اين الذكاء هنا !!!!!!
كلنا مررنا بالحظات هدي من الله وتذوقنا نعمة الايمان وادركنا انه فقط هي تقوي الله وخشيته وطاعته .. ما يضييء القلوب . . فأين الذكاء حين نبتعد عن ذلك .
والله الموفق والمستعان .

سامي ابو لاشين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت